نيويورك: الخليج كشف أمس، برعاية دولة الإمارات، والتعاون مع اليونيسكو وجامعتي أوكسفورد وهارفرد، عن نسخة مرممة ثلاثية الأبعاد لقوس النصر في مدينة تدمر الذي دمره تنظيم داعش الإرهابي، وقد نصبت البوابة التاريخية لمعبد تدمر في مدينة نيويورك في الساحة الرئيسية، أمام بلدية نيويورك، بحضور محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، نائب رئيس مجلس الأمناء، والعضو المنتدب لمؤسسة دبي المستقبل، وجمع من المتخصصين والمهتمين والسياح. تأتي إقامة هذه البوابة، ضمن شراكة استراتيجية بين دولة الإمارات، ومنظمة اليونيسكو ومعهد الآثار الرقمية البريطاني، المشروع المشترك بين جامعتي أوكسفورد وهارفرد المرموقتين، في إطار مشروع عالمي يهدف إلى توثيق تفاصيل المواقع الأثرية في المنطقة، بتقنية التصوير الثلاثي الأبعاد، ومن ثم إعادة بنائها بالكامل، بتقنية الطباعة الثلاثية، لحمايتها والحفاظ عليها من الاندثار، في حال تعرضت لمخاطر تهدد وجودها، كونها إرثاً حضارياً إنسانياً. وقال القرقاوي، بمناسبة إزاحة الستار عن نموذج قوس تدمر المطبوع بتكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد، إن المشروع هو رسالة من الإمارات، بأن تاريخ المنطقة أكبر من أي أيديولوجيات أو أفكار متطرفة، تحاول محو هوية المنطقة وتاريخها. وأضاف أن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بأن ما يدمره أعداء الحضارة نحييه، وما يهدمونه نقيمه، وبأن حضارة المنطقة هي تراث عالمي نشترك جميعاً في الحفاظ عليه وإحيائه. ويستخدم المشروع الذي يرعاه متحف المستقبل، تقنيات تصوير متقدمة لتصوير مليون صورة من آثار المنطقة وحضارتها، ومسحها وتخزينها، حفاظاً عليها لمستقبل الإنسانية. ويمكن المشروع الجديد كل الدول والمنظمات العالمية والمتخصصين، من إعادة إنتاج المعالم التاريخية للمنطقة بدقة متناهية، باستخدام التقنية الثلاثية الأبعاد. وقال الإرث الحضاري والشواهد التاريخية على عراقة حضارات دول المنطقة، تحظى بمكانة خاصة في ذاكرة شعوب العالم، ولها أهمية علمية ومعرفية، فهي عناصر مهمة لتحديد هوية المجتمعات وملامح مستقبلها. ورسالتنا العالمية في الإمارات، هدفها الحفاظ على الحضارة الإنسانية وانتقالها للأجيال القادمة، بما ينسجم مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، للحفاظ على التراث، كونه جزءاً من تأصيل الفكر الحضاري، ومصدر إلهام للمبتكرين والرواد، لتطويره والبناء عليه، لمواكبة متطلبات استشراف المستقبل وصناعته. وأضاف في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، يبرز دور الجيل القادم من التكنولوجيا في الحفاظ على آثار دول المنطقة وتراثها من الاندثار والتدمير، لتبقى شواهد حية وماثلة أمام الأجيال القادمة على تاريخ حافل بإنجازات الإنسانية، على مر العصور، في دول المنطقة والعالم. وأكد أن دولة الإمارات ترسل رسالة واضحة من خلال هذه المبادرة إلى كل من يظن بأنه قادر على محو صفحات التاريخ المشرق، وتدمير شواهد الحضارة الإنسانية في المنطقة، من خلال أعمال التخريب والتدمير والتطرف، كما أن الإمارات وشركاءها من الدول الصديقة والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية، ستركز جهودها على إعادة بناء كل ما دمره، أو يمكن أن يدمر، إيماناً منها بأن الحضارة الإنسانية ملك للجميع، والحفاظ عليها حق راسخ للأجيال القادمة في المنطقة وفي العالم أجمع. كما سلط الضوء على المحطات التاريخية المختلفة لمدينة تدمر، منذ عصور الإغريق مروراً بالرومان والدولة البيزنطية، وصولاً إلى العصر الإسلامي، حيث كانت تدمر جامعة لحضارات العالم ومركزاً تجارياً حيوياً ومقصداً للمفكرين والمخترعين والمبتكرين، ونموذجاً للتعايش السلمي والتسامح بين مختلف فئات المجتمع، على اختلاف أعراقهم وأديانهم وثقافاتهم، مشيراً إلى قرب هذا النموذج الحضاري إلى دولة الإمارات والأسس التي بنيت عليها. وأطلق على هامش الحدث، معرض للصور الثلاثية الأبعاد التي سلمت عبر منصة المليون صورة، المبادرة العالمية التي تدرج ضمن المشروع نفسه، وتهدف إلى تحفيز الجمهور والمؤسسات الإعلامية العاملة في الدول ذات المناطق الأثرية المهددة بالتدمير، إلى تصوير الآثار بتكنولوجيا التصوير الثلاثي، وإرسالها إلى المنصة، لتطبع ويعاد بناؤها، حيث أطلقت هذه المبادرة في إبريل/ نيسان المنصرم، في لندن، ووصل عدد الصور حتى الآن إلى 300 ألف صورة لمناطق وآثار مختلفة. ويصل حجم القوس الذي أزيح الستار عنه، إلى ثلثي القوس الأصلي في مدينة تدمر، حيث يبلغ طوله 5.5 متر، واستُخدم الرخام لإعادة بنائه، بتقنية الطباعة الثلاثية. وكانت مؤسسة دبي للمستقبل قد نصبت في وقت سابق نموذج قوس النصر الذي يعد البوابة التاريخية لمدينة تدمر، في العاصمة البريطانية لندن، في ميدان الطرف الأغر، أمام المتحف الوطني البريطاني، لمدة 3 أيام، حيث كان ذلك بالتزامن مع إطلاق أول برنامج أكاديمي عالمي في مجال الآثار الرقمية في جامعة هارفرد الأمريكية، الذي يأتي كواحدة من المبادرات التي تندرج تحت المشروع نفسه.
مشاركة :