الرواية العربية جزء من سياق إبداعي إنساني شامل شهادات ورؤى

  • 9/21/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: غيث خوري وعلاء محمود اختتمت صباح أمس أعمال ملتقى الشارقة الثالث عشر للسرد في قصر الثقافة، حيث أقيمت الجلسة الختامية تحت عنوان التناص والذاكرة الجماعية في رواية المهجر شارك فيها: د. زينب الياسي، د. نادية الأزمي، د. يوسف حطيني، د. فهد حسين، وقدمها عبد الفتاح صبري. قدمت الياسي ورقة بعنوان الرواية العربية والذاكرة الجماعية، تناولت فيها وظيفة الذاكرة في النص الأدبي بشكل عام والنص الروائي بشكل خاص، مؤكدة أن أهمية الذاكرة في الفنون الأدبية تكمن في وظيفتها، وما تقدمه من بقاء وديمومة للبعد الحضاري والإنساني للشعوب، فمن خلال الفنون القولية والكتابية حفظت الكثير من مآثر الأمم، وخير مثال على ذلك الشعر العربي، الذي حفظ المآثر والمواقع والحروب والأمكنة العربية، كما حفظ الحياة الاجتماعية والثقافية لمرحلة زمنية ممتدة. وأضافت: إن الذاكرة الجماعية بحاجة إلى حاضنة تولي اهتماماً بلم شعث الأمكنة والأحداث والتاريخ والشخوص وغيرها، لتصبها في قالب يقبل الديمومة والبقاء، قابل للانتعاش والحياة في خضم مختلف الصراعات والسياسات. وجاءت ورقة الأزمي بعنوان ميرال طحاوي في رواية بروكلين هايتس.. عين هنا وقلب هناك، وتناولت شخصية هند بطلة الرواية البعيدة عن مصر جسداً الحاضرة في وجدانها، حيث تشعل الذاكرة مساحة واسعة جداً من المتن الروائي، فوجود المرأة الآني يتشكل من خلال تلك التفاصيل الطفولية الدقيقة، وكأنها تهرب من الحاضر الملموس بمجموعة من الاسترجاعات التي تقرب القارئ من عالم البطلة، ولتبني جداراً نفسياً صلباً ممتداً من الحاضر نحو الماضي، وفي خضم الانتكاسات الآنية تستحضر الشخصيات المتجذرة في ذاكرتها، كالأب والأم والجدة والمعلم والصديقات. وأكد د. يوسف حطيني في ورقته رواية المهجر بين تعثر الاندماج والذاكرة الشعبية، أن الاهتمام بما تنتجه شريحة الكتّاب العرب في المهجر يجب أن يكون جدياً ومستمراً، حيث قدم هؤلاء الأدباء في أعمالهم الروائية نبضاً خاصاً يختلف عما ألفه القارئ العربي، حيث عانى المبدع العربي في مهجره معاناة أخرى لم يألفها معظم قرائه، فهو يلتقي بالآخر فيصادمه ويخسر الاندماج أو ينتمي إليه فيخسر الهوية، ويبدو أنه لا خروج من هذه الدوامة التي تطحن الجميع بلا هوادة. وأشار حطيني إلى أن السمات التي تميز رواية المهجر عن الرواية العربية بقيت في حدود المضمون، ولم تتعداه إلى الشكل، إذ جاءت في معظمها تقليدية البناء، تعاقبية الزمن بوجود بعض الاستثناءات التي طورت في الشكل، كما نجد الارتباط وثيقاً بين الإخفاق في الاندماج، أو الاندماج الناقص مع الآخر، وبين اللجوء إلى الذاكرة الشعبية، إذ إن الإخفاق والإحساس بالنقص في هذا المجال يقودان بالضرورة إلى التمسك بالذاكرة الفردية والجمعية. وقدم د. فهد الحسين ورقة بعنوان الوطن ومحنة الاغتراب تناولت أربع روايات لكتّاب عراقيين مقيمين في المهجر، وهي: رواية طشاري لإنعام كجة جي، وفهرس لسنان أنطون، والكافرة لعلي بدر، ومذكرات كلب عراقي لعبد الهادي السعدون، باحثا عدة عناصر كحكاية الرواية، الفقد وعدم الاستقرار، الهوية والتعايش السلمي، العلاقات العاطفية، ورحلة الاغتراب. التباس المصطلحات وكانت فعاليات الملتقى قد تواصلت مساء أمس الأول بجلستين وسط حضور مميز من الكتّاب والمثقفين الإماراتيين والعرب ضيوف الملتقى الذين أثروا الجلستين بالنقاش والملاحظات. جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان الرواية العربية في المشهد العالمي والتي ترأسها إسلام أبو شكير وناقشت مجموعة من أوراق العمل والأبحاث، ومن خلال الورقة الأولى التي حملت عنوان العالمي والعالمية مصطلحات غير عالمية!، ناقش د. صالح هويدي إشكالية تتعلق بمفهوم العالمي والعالمية في عنوان الجلسة الفرعية، مشيراً إلى الالتباس في المصطلح، وذكر هويدي أن اختيار العنوان هو محاولة للتفلت من وضع الرواية العربية في مواجهة إشكالية المفهوم، وقال إن الرغبة في رؤية الأدب العربي عالمياً وحاضراً، تمثل هاجساً دائماً وهماً مؤرقاً، دون عمل جاد لتجاوز التحديات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف. وفي سياق قريب تناول محمد العباسي من خلال ورقته الرواية العربية في المشهد العالمي ثنائيات المحلية والعالمية، مؤكداً أن الروائي لا يخترق آفاق العالمية ما لم يكتسب مشروعيته الروائية ومقروئيته الجماهيرية داخل بيئته الثقافية ووسط محيطه الاجتماعي، مشيراً إلى أن الرواية العربية ليست استثناء أدبياً بمواصفات مختلفة عن الروايات التي تنتج في جميع أنحاء العالم، إنما هي جزء من سياق روائي إنساني أشمل، لافتاً إلى أن غياب الروائي العربي عن منصات التتويج للجوائز العالمية يشير إلى إسهامه البسيط في حقل الرواية. وناقشت ورقة د. أماني جندي التي حملت عنوانالرواية العربية.. في مشهد العالمية، عدداً من المحاور مثل: عوامل تأثير الأدب العربي في الغرب، عوامل توجيه الاهتمام بفن الرواية العربية، الرواية والترجمة الذاتية، وروايات عربية وصلت إلى العالمية، ولفت الجندي إلى ضرورة تعزيز الكتّاب العرب صلتهم بواقعهم حتى تخرج الرواية العربية من تأثرها بالغربية، وتناولت بعض محاولات الانفلات في كتابات بعض الأدباء، مشيرة إلى روائيين عرب قاموا بتثوير الشكل الروائي بالعودة إلى الموروث العربي في النثر والشعر، بينما استعرض زكريا أحمد الرواية العربية في المشهد العالمي: مقاربات أولية لقضايا إشكالية تلك القضايا التي تواجه الرواية العربية، محددا في ورقته قضايا بعينها لتصل الرواية العربية إلى مكانتها التي تستحق في المشهد العالمي، وهي التي تشمل الترجمة وتسويق الروايات المترجمة، وتواصل الروائيين مع المشهد الروائي العالمي، وإعادة النظر في مفهوم الرواية. شهادات ورؤى جاءت الجلسة الثانية بعنوان شهادات ورؤى على لسان عدد من الأدباء العرب، وبأسلوب سردي جميل، حيث قدمت لينا هويان الحسن من سوريا ملمحاً عن رحلتها مع الكتابة، وتناول فريد رمضان من البحرين علاقته مع الكتابة من خلال ورقتهبين الرواية والسيناريو والفنون الأخرى، والبحث عن قصة، بينما قدم الروائي خليل الجيزاوي من مصر شهادة بعنوان ثقافة الصورة والمتخيل الروائي تناول من خلالها ملمحاً عن علاقته بالكتابة والعوامل التي أسهمت في كتابته، بينما جاءت تجربة أمال مختار من تونس، مع الكتابة تحمل عنواناً مميزاً شهادة على أجمل الخطايا، ومع شهادة مريم الغفلي من الإمارات، والتي تحمل عنوان حكايتي مع القراءة والكتابة نتعرف الى كيف أن القراءة مثلت بالنسبة إليها مدخلاً للكتابة، بعد أن تحوّلت إلى كاتبة من خلال كونها قارئة في الأساس. وقدمت تهاني هاشم من الإمارات صورة للرواية العربية وهي تحاول النهوض والبروز في وجه جميع التحديات العاصفة التي تلم بها، لافتة إلى ضرورة النظر إلى هذه الأعمال الروائية كمنجز إنساني. الجلستان وجدتا تفاعلاً كبيراً من قبل الحضور الذي قدم مداخلات قيمة ورفيعة أثرت النقاش.

مشاركة :