الإلحاح على مسألة الهوية العربية والإسلامية لدول الخليج العربي، مسألة إيجابية. من هنا يمكن النظر إلى ندوة (تعزيز الهوية الوطنية الخليجية) التي أقيمت في الكويت هذا الأسبوع، باعتبارها من المسائل المهمة. لقد كان تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي، خطوة متقدمة، أفضت إلى تحقيق منجزات كثيرة. من المؤكد أن الآمال والطموح كانت ولا تزال أكبر، لكن ما تحقق يعتبر في مقياس الخطوات العربية خطوة متقدمة للغاية. ولا شك أن دول الخليج العربي، تواجه تحديات متعددة، تستهدف كيانها وهويتها. وتتطلب الفترة الراهنة، حرصا أكبر على الهوية الخليجية، إذ إن ثمة تهديدات من خلال أطياف وثقافات غير عربية، أسهمت احتياجات سوق العمل في عدة دول خليجية إلى تكريسها. هذا الأمر جعل الأصوات المخلصة تتنادى من أجل السعي لإيجاد حلول لتأثيرات تلك المآزق، خاصة في بعض الدول التي تجاوز فيها الوجود غير العربي نسبا خطيرة. أعطت مشاركة الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في تلك الندوة إثراء لها، وقد أكد في كلمته جملة نقاط مهمة إذ أكد أن مسألة الانتماء والمواطنة تظهر في منظومة القيم والثوابت التي تبنى لدى الشباب ومدى استيعابهم لتاريخ منطقتهم وإرثهم الحضاري الكبير. ولامس الأمير سلطان من خلال كلمته نموذج المملكة فيما يخص مسألة الهوية. وأعاد التأكيد على جملة رسائل أبرزها أنه لا يمكن للمواطن أن ينتمي لوطنه دون أن يعرف تاريخه وقيمه وإسهامات مواطنيه، وقصص الأماكن التي خرج منها المواطنون لتوحيد بلادهم وجمع شتاتها. ويعتبر الأمير سلطان أن الهوية تعتمد على أن يكون الإنسان في منطقتنا واعيا ومستوعبا لمكانه في الحراك التاريخي. مع ضرورة التركيز على قضية المواطنة قبل الوطنية، فالوطنية هي نتيجة حتمية لممارسة المواطنة. لعلني هنا أعيد التذكير بكتابة متميزة في مجال الهوية للكاتب الفرنسي اللبناني أمين معلوف من خلال كتابه: الهويات القاتلة. وكنت قد كتبت عن الكتاب مقالين قديمين في هذه الزاوية في 5 و7/6/2010. تشكر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي على تنظيم هذه الندوة بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت. ومن المهم أن يستمر البحث في هذه المسألة وإثرائها، فالأمر مهم جدا، ولا يحتمل التباطوء في معالجة تداعيات سؤال الهوية ومعالجة الآثار السلبية في الحاضر والمستقبل.
مشاركة :