نواعير حماة تُضفي سحراً خاصاً على المدينة، ما يجعل منها مدينةمشرّعةً للجمال على مدى العصور، ومتحفاً مفتوحاً في الهواء الطلق يتحدّى نوائب الزمن، ومع ارتفاع منسوب نهر العاصي، تعود النواعير للدوران، وتغري الشباب بمتعة تسلق أدراجها الحجرية، والقفز من فوقها للغوص بالنهر. "النَكْس" في العاصي؛ هو من الطقوس المحببة التي توارثتها الأجيال في حماة، ويعبّر عن تحدٍ رجولي، ويتطلّب شجاعة كبيرة، ويمنح شعوراً استثنائياً، أقرب ما يكون لإحساس الطائر، هكذا تأخذ الأيدي حركة الأجنحة، ويبلغ الأدرنالين ذروته مع التصفيق لحظة الانطلاق بالقفز. وكلما زاد ارتفاع القفزة، تمكّن صاحبها من مجاراة الناعورة في دورانها، وصولاً إلى ذروة مسارها، ليقفز بزاوية حادّةٍ؛ ما يمنحه لقب "وحش العاصي" وسط إعجاب المشجعيّن، وتصفيقهم. مغامرةٌ خطرة، قد تؤدي إلى نتائج مأساوية، لكنّها لا تردع البسطاء من اختبار إحدى الأمور الأكثر متعة بالنسبة إليهم، في حالةٍ من التماهي مع النهر ونواعيره. قد يهمك أيضاً:تعرفّوا إلى "حمّام الملك الظاهر" الذي قد يكون أقدم حمّامات العالم! أمّا الصغار، أو المبتدئين منهم، فلا يحرمون أنفسهم فرصة الاستمتاع بالسباحة، أو "النكس" في العاصي على علوٍّ منخفض، في أكثر مساحات النهر أماناً، وأقلّها عمقاً "باب النهر"، حيث تتحول المنطقة إلى ما يشبه "البلاج" معظم أيّام فصل الصيف. والكل لا يعير أي اهتمام للوحات التحذيرية، التي ينشرها مجلس مدينة حماة على ضفاف العاصي، وكُتب عليها "تُمنع السباحة أو الاقتراب من الناعورة"، ويتجاهل الجميع تماماً أخبار حوادث الغرق المرعبة، وقصص غدر النهر بعشّاقه. قد يهمك أيضاً:في دمشق.. ما زالت الفضّة تعرف طريقها بين نقوش النحاس قبل الحرب، كان المغامرون يتباهون بالقفز من فوق النواعير، أمام عدسات السيّاح، أما اليوم فلا سيّاح ولا كاميرات تزور هذه المدينة السوريّة التي تحتضن آلاف مهجري الحرب، وتقع على مسافة 210 كيلومترات شمالي دمشق، وسط جبهاتٍ غير مستقرّة شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً. لكنّ ثمّة مساحةٌ للفرح، يعيشها البسطاء مع نواعير حماة، ونهر العاصي الذي قسّم أحياء المدينة، وصاغ ملامحها ودروبها، بين أحضان الطبيعة الخلاّبة على ضفافه، وثقتّها بالصور عدسة CNN بالعربية في معرض الصور أعلاه:
مشاركة :