لندن: «الشرق الأوسط» ما إن تثير موضوع الواقع الافتراضي مع لاعبي ألعاب الفيديو المحترفين حتى يتحول الحديث إلى لعبة «أوكيلوس ريفت»، وهذا ليس بالأمر المستغرب، فالواقع الافتراضي كان الغاية الأسمى بالنسبة إليهم منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي، وذلك بفضل مجموعة من الأفلام الشعبية مثل «ترون» و«ماتركس» وغيرهما. لكن يبدو أن هذا الأمل شرع يتحقق، لأن العديد من أجهزة الواقع الافتراضي سوف تشق طريقها إلى السوق في المستقبل القريب. والعديد من هذه المنتجات، ابتداء من وسائط الإعلام المتطورة المتعددة، إلى عمليات التفاعل المحسنة بين الإنسان والآلة، تذكرنا بأن مستقبل التقنية هذه لا يكمن في عالم الألعاب فحسب. * نظم مطورة في هذا السياق، هنالك شركة «أفيغانت» الناشئة في ولاية ميشيغان في أميركا التي تطور «غليف» (Glyph)، وهو جهاز يركب على الرأس، ويجمع بين زوج لسماعات إذن مع قناع قلاب. لكن خلافا لأجهزة الرأس التقليدية الخاصة بالواقع الافتراضي، التي توظف شاشات بالبلور السائل (إل سي دي) صغيرة، يقوم «غليف» بأخذ هذه الخطوة المستلهمة من الخيال العلمي إلى خطوة أبعد لعرض الصور مباشرة إلى شبكية العين. وشاشة الشبكية الافتراضية هذه تقوم بتقديم المحتويات الرقمية بأسلوب يحاكي كيفية رؤيتنا للعالم بشكل طبيعي. وقد قام زوار معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في يناير (كانون الثاني) الماضي بتجربة نموذج أولي جرى عرضه، ووجدوا أنه ينتج صورا واضحة جدا خالية من البكسيلات. ولكون الجهاز يقوم بالعرض على كل عين بصورة مستقلة، يمكن تسليم الفيديوهات والصور بالأبعاد الثلاثة كما هي تماما في الحياة الطبيعية. وصور إعلان لـ«غليف» على أنه مسرح شخصي متنقل محمول، لكنه أيضا أكثر من ذلك، إذ يقول إدوارد تانغ، المدير المسؤول في شركة «أفيغانت»، إنه على الرغم من التشابه السطحي بين «غليف» و«أوكيلوس ريفت» فإنهما «لا يتنافسان على السوق ذاتها». وأضاف في حديث نقلته «يو إس إيه توداي» أنه يعتقد في الواقع «أن بإمكان الأشخاص امتلاك الجهازين معا لأنهما يخدمان أغراضا مختلفة تماما». وثمة تلميحات إلى أن جهاز «غليف» غير العادي يمكن استخدامه لأغراض أكثر طموحا من مجرد التسلية البسيطة. فعلى الرغم من أنه لا يصحح استغماتيزم في العين، غير أن «دايوبتر» (الذي يحدد قوة العدسة) المشيد داخل «غليف»، يمكنه تصحيح بعد النظر أو قصره. وهذا مثال على إمكانية الاستخدامات الطبية لهذه التقنية. ويؤكد «تانغ» أن «أفيغانت» قد اختبرت آفاق استخدام العرض على الشاشة الشبكية في العين لمساعدة معاقي النظر، بغية رؤية العالم بأسلوب لا يمكن للنظارات الزجاجية أن تمثله، لكن ليست لديها بعد معطيات جديرة بالإعلان عنها. * نظارات ذكية وعلى الرغم من شهرتها في إنتاج الطابعات الاستهلاكية، فإن «إبسون» معروفة في سوق الواقع الافتراضي منذ عام 2011 عندما أطلقت نظاراتها الذكية «موفيريو بي تي 100». وفي العام الحالي كشفت الشركة عن خليفتها الجديدة «بي تي 200» (BT-200). وتستخدم هذه النظارات في ممارسة الألعاب، لكن هذا ليس الغرض الوحيد منها، ففي الوقت الذي تقوم فيه الأجهزة مثل «غليف» و«أوكيلوس ريفت» بتوفير تجارب وخبرات غامرة بالواقع الافتراضي، تحاول «بي تي 200» تعزيز قوة النظر إلى العالم الحقيقي مغطية إياه بالمعلومات الرقمية عن طريق شاشتين شفافيتين. وتستطيع تطبيقات «أندرويد» تأمين معلومات تفاعلية بالزمن الحقيقي حول الأشياء التي تقع ضمن مجال النظر. ويجري حاليا تطوير بعض التطبيقات الخاصة بـ«بي تي 200»، بما فيها برنامج تدريبي لميكانيكي السيارات، الذي يسلط الأضواء على قطع السيارات و«يعنونها»، وهي تقع ضمن مجال نظر المستخدم، فضلا عن تطبيق للصور الطبية يغطي جسم المريض ونظامه للأوعية الدموية. وعلى الرغم من أن «بي تي 200» مزود بكل العتاد اللازم للعمل كجهاز للتسلية والوسائط الاجتماعية، فإن «إبسون» هي الأولى التي قامت باستهداف السوق التجارية، إذ يعلق إيريك ميزوفوكا مدير منتجات «إبسون» للأسواق الجديدة على ذلك بالقول «إن وجود التقنية جاهزة أمامك لا يزال فكرة غريبة نوعا ما، لكن قبولها اجتماعيا هو العقبة الكبرى». وثمة العديد من المدارس حول كيفية التغلب على هذه العقبات. والأكثر شيوعا منها هو إيجاد منتجات تقنية عصرية يمكن ارتداؤها. و«أفيغانت» على سبيل المثال هي في طور التكرار الثالث لجهازها «غليف» الذي لم يطرح بعد في السوق. وكل تكرار من هذا النوع قد انطوى على قدر كبير من التحديث الجمالي. ومثال آخر على ذلك هو ساعة اليد الذكية «بيبل ستيل» (Pebble Steel) التي تكلف 100 دولار أكثر من سابقتها، على الرغم من الحقيقة أن جميع التحسينات فيها انحصرت كلها في الجماليات. ومن الناحية الأخرى، فإن مسعى «إبسون» في التركيز على التطبيقات التجارية هو نوع من تذليل هذه العقبات التي تحدثنا عنها. والفكرة هنا هي أن هذه الأجهزة تتيح للأشخاص القيام بأعمالهم بشكل أفضل وأكثر كفاءة. وجميع هذه الأجهزة أصبحت بكل بساطة من الأمور الطبيعية الجديدة. إن الواقع الافتراضي والمعزز قد ابتدآ كنوع من مخيلات هوليوود. لكن العام الحالي قد يكون العام الذي يصبح فيه من المنتجات الرئيسة والعامة. و«أفيغانت» و«إبسون» هما شركتان من مجموعة كبيرة، بما فيها «سوني»، و«فيوز إكس»، و«ميتا»، و«ريكون إنسترامنتس»، و«أوبتينفينت»، و«غلاس أب»، مما يساعد في تطوير هذه التقنية، وما تستطيع تحقيقه لتحسين حياتنا اليومية وتعزيزها.
مشاركة :