بات تنظيم «داعش» في الموصل بين فكي كماشة، حيث أحكمت قوات الأمن العراقية الطوق على الضواحي الجنوبية للمدينة، بينما تقوم قوات «البيشمركة» بتأمين الضواحي الشمالية، في حين أعلن الجيش إحكام سيطرته على منطقة الجزيرة في الأنبار وهي منطقة صحراوية مرتبطة بالموصل وكانت أحد منافذ الجماعات المتشددة للهروب في اتجاه سورية. ومع اقتراب ساعة الصفر لإطلاق الحملة العسكرية على الموصل، تزايدت المخاوف من إقدام «داعش» على استخدام الأسلحة الكيماوية بعد تأكيد القوات الأميركية أمس أن القذيفة التي أطلقها التنظيم على قاعدة عسكرية جنوب الموصل قبل أيام كانت تحوي فعلاً مادة غاز الخردل. وعقد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني اجتماعاً مهماً أمس مع وفد من القيادة العسكرية الأميركية برئاسة الجنرال جوزف فوتيل، تم فيه البحث في الاستعدادات النهائية لمعركة الموصل ودور «البيشمركة» التي تنتشر في الضواحي الشمالية للمدينة. وقال مصدر أمني مطلع لـ «الحياة» أن «محادثات تجرى بين البيشمركة والحشد الشعبي لمناقشة خطط تحرير قضاء الحويجة جنوب كركوك». وأضاف: «هناك اتفاق على ضرورة تحرير هذه المنطقة قبل انطلاق الحملة على الموصل». وأشار إلى أن «قوات البيشمركة تريد المشاركة بقوة في تحرير ناحيتي الرشاد والرياض التابعتين إلى الحويجة، فيما ستشارك قوات الحشد في تطهير بلدات شيعية صغيرة قريبة من المنطقة». وأكد المصدر أن «قادة الأمن يتوقعون تحرير الحويجة - التي تُعتبر معقلاً مهماً للمتشددين - خلال وقت قصير بسبب الاستعدادات الكبيرة التي أعدتها قوات الجيش الاتحادي والبيشمركة فضلاً عن الحشد الشعبي»، لافتاً إلى أن المحادثات الجارية مع «الحشد» تتناول الفصائل التي ستشارك في المعركة وعددها والمهمات التي ستتولاها بعد التحرير. وفي الموصل، أفادت المعلومات الواردة من المدينة بأن «داعش يعد العدة لمعركة طويلة بعد الطوق المحكم الذي بات يعاني منه من الضواحي الشمالية والشرقية والجنوبية، فيما تبقى الضواحي الغربية عند قضاء الحضر مروراً إلى منطقة الجزيرة شمال الأنبار المنفذ الوحيد لعناصر «داعش» إذا ما قرروا الهروب». وأوضحت أن «التنظيم شرع في بناء خنادق في محاور عدة يُتوقع أن تعبرها قوات الأمن خلال هجومها على المدينة، وهو تكتيك لم يستخدمه التنظيم في المعارك السابقة في العراق، ما يؤشر إلى احتمال استماتته في الدفاع عن الموصل لما تمثّله من رمزية كونها المدينة التي أعلن منها دولته في حزيران (يونيو) 2014». لكن الخوف الأكبر من مفاجآت الحملة العسكرية يتمثل في هاجس لجوء «داعش» إلى استخدام الأسلحة الكيماوية خلال المعركة، بعد تأكيد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي أول من أمس أن «التقديرات الأولية تشير إلى أن القذيفة الكيماوية التي أطلقها «داعش» على قاعدة القيارة العسكرية جنوب الموصل كانت تحتوي على غاز الخردل». وأكد وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر خلال الجلسة نفسها أن «التحالف الدولي» يستهدف القدرات الكيماوية للتنظيم. وأوضح أن غارات جوية أميركية كثيفة دمّرت منشأة لتصنيع الأدوية يستخدمها «داعش» لإنتاج أسلحة كيماوية. وفي الأنبار، أعلن الجيش العراقي تحرير جزيرة البغدادي ضمن المنطقة الصحراوية الشمالية من المحافظة، وقال في بيان أمس أن «انتصاراً آخر تحقق غرب العراق بعد تحرير جزيرة البغدادي». وأوضح أن «قوات الفرقة السابعة ولواء ٢٧ ولواء ٢٨ ولواء مغاوير الجزيرة والحشد الشعبي من تشكيلات مدينتي حديثة والبغدادي اشتركت في العمليات وخاضت معركة نوعية سريعة وبإسناد كبير من القوة الجوية وطيران الجيش وطيران التحالف الدولي». وتكمن أهمية جزيرة البغدادي في وقوعها على منطقة صحراوية شاسعة مرتبطة مع الموصل، وتقع على طرق وعرة تؤدي إلى بلدة القائم على الحدود مع سورية والتي تعتبر أحد أبرز معاقل التنظيم في العراق. وقطع هذه الطريق سيغيّر من حسابات «داعش» في الموصل إذا قرر عناصره الهرب نحو الجانب السوري. وفي كركوك، أفاد مصدر أمني بأن «طيران التحالف الدولي قصف اليوم (أمس) مواقع داعش في ناحية الرشاد، 35 كلم جنوب غربي المدينة، ما أسفر عن مقتل مسؤول أمن التنظيم في ناحية الرشاد المدعو أحمد عزيز الجوالي وثلاثة من مرافقيه. كما أسفر القصف أيضاً عن مقتل أبو قتادة مسؤول كتائب صلاح الدين الأيوبي في التنظيم». وقالت القيادة العسكرية الأميركية في بيان أمس أن طائرات التحالف نفّذت 16 غارة في العراق، خلال الساعات الـ24 الماضية، شملت ضربة ضد «وحدة تكتيكية» لـ «داعش» في ناحية البغدادي، وضربة لوحدة أخرى للتنظيم قرب هيت، و7 غارات قرب الموصل دمّرت مصنعاً للمتفجرات ومخازن ذخيرة ورشاشات ثقيلة، وغارتين قرب القيارة، وغارتين قرب الرمادي، وغارة قرب سنجار، وغارتين قرب منطقة السلطان عبدالله (جنوب شرقي الموصل).
مشاركة :