يتهم مثقفون المؤسسات الثقافية، متمثلة في الأندية الأدبية، بعدم خوض الحرب الفكرية في مواجهة الإرهاب والتطرف بالطريقة الصحيحة؛ إذ غدت منفصلة عن هموم الوطن، وتقتصر على الأدب وبعض الاهتمامات التي لم تؤثر بشكل ملحوظ على إنقاذ الشباب من فك الإرهاب والأفكار المتطرفة. من جهته، يرى الروائي عبد الله التعزي أن «دور المثقف الذي هو جزء من الوطن بأن يقف مع وطنه بكل ما يملك من قدرات ومواهب في سبيل الحيلولة من النيل منه. ويشارك بقلمه (كاتبا ومبدعا) وريشته (تشكيليا) ولحنه (موسيقيا) وصوته (مغنيا) وصورته (مصورا) في الدفاع عن الوطن، وليس من الضروري أن يكون عبر مؤسسة ثقافية، بل إنه في السنوات الخمس الأخيرة فقدت معظم الأندية الأدبية قدرتها على اجتذاب المثقفين والمبدعين أو حتى الكتاب الصحفيين». ويشير التعزي إلى أنه «توجد لدى المثقف الآن العديد من القنوات للنشر عبر الإنترنت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثل (تويتر) و(فيسبوك) و(الصحف الإلكترونية). كما أن القنوات الفضائية التجارية تساهم في تقديم تصورات المثقفين للمجتمع من خلال اللقاءات التي تجريها معهم وتغطية المعارض التشكيلية والفعاليات الثقافية الشخصية في الأسواق إلى آخر الأنشطة المختلفة». فيما يرى الكاتب خالد الفاضلي أنه «لا توجد مقومات كافية تصنع نمط المثقف المتكامل لناحية القدرة على إعادة توجيه انحرافات فكرية، اجتماعية، ثقافية، وتعايشية من خلال التربية أو التعايش داخل مجتمع يبدو ظاهرهُ متوحداً بينما جذوره تتشابك في صراعات شتى». ويؤكد الفاضلي أن «المجتمع في السعودية يتحرك كثيرا، يعمل كثيرا، لكن ذلك من أجل الهرب من سقوط في هاوية الديون، ومحاولة هروب من الوجود في قاع السلم الاجتماعي ماديا، والمثقف جزء من الحالة العامة»، مشددا على أن «الفقد واضح سعوديا لناحية وجود قدرة تنظيرية، أو استشرافية قادرة على التنبؤ بمخاطر انحرافات فكرية، ونتائجها القادمة، تعززه صعوبة تأسيس وتشغيل مراكز بحثية، تملك قدرة على إصدار دراسات واعية، واضحة، متمكنة من التأثير على المستوى الشعبي أو الحكومي». ويتساءل الفاضلي «متى يستطيع العقل السعودي المثقف تكثيف وجوده في تصحيح مسارات مجتمعه؟ هذا سؤال يتشارك في إجابته الدولة، القطاع الخاص، والمنظمات غير الربحية، بينما تقع المسؤولية الأكبر على الجامعات لناحية وجوب صناعة قوائم بمقترحات تصحيحية للمجتمع السعودية لا تخرج عنها منح دراسات الماجستير والدكتوراه مع وجوب أن تقوم الجامعات بنشرها على نطاق واسع»، مختتما حديثه «نجح التطرف بحصد نتائج وتطور ارتكازا على وجود منافذ تبدأ بمنابر الجمعة وتنتهي بحيازة قنوات دينية، وبينهما قدرة نشر لكتب تزيد سنويا من استعداد المجتمع اعتناق مبادئ التطرف». وبدوره، نفى رئيس أدبي مكة الدكتور حامد الربيعي هذه الاتهامات؛ إذ يؤكد أن «نادي مكة درج أن يعطي نسبة من فعالياته للمجتمع وخدماته»، مضيفا أن «النادي أقام ملتقى كبيرا حول الأمن الفكري واستمر هذا الملتقى على مدى أسبوع، وحاضر فيه الشيخ السديس، وشاركت المدارس وكذلك بالتعاون مع التعليم ومسؤوليه». وكشف أن «النادي يسعى إلى إصدار تقرير متكامل حول التوصيات المقدمة من هذا الملتقى». كما سانده في النفي رئيس أدبي الأحساء الدكتور ظافر الشهري، مشيرا إلى أن «النادي قدم عدة فعاليات تفي بالرد على هذه الاتهامات مثل ندوة «في الأحساء نجح الوطن ورسب الإرهاب»، وكذلك ندوة «أمن الجزيرة والخليج العربي والمتغيرات الدولية»، وأيضا «الأسرة وتحصين الأبناء من الإرهاب»، وندوة «دور الأسرة في نبذ العنف والإرهاب»، بالإضافة إلى ندوة «نظرات في مناهج الغلاة».
مشاركة :