نورة النومان: النقد الحقيقي هو ما ينقص الأدب الإماراتي

  • 2/26/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بقصة من الخيال العالمي استطاعت الروائية الإماراتية نورة النومان أسر قلوب اليافعين من خلال روايتها المثيرة «أجوان»، وقدمت في جزئين لرواية واحدة محطات تثير الدهشة والعجب بأسلوب يملؤه التشويق والغرابة والصدق، وتضمنت الرواية الحلقة المفقودة لتكون بذلك همزة الوصل بين جيلين يبحثان عن الصدق والمضمون معاً. و«جوان» عنوان الرواية التي حققت للنومان حلم الجيل اليافع، حصلت على جائزة الاتصالات كأول روائية إماراتية تكتب في مجال الخيال العلمي، فيما لم يكن القرار سهلاً كما تقول في حديث إلى «الحياة»، معتبرة نفسها «في بداية الطريق». وأضافت قائلة: «حين نقارن كتب اليافعين بالإنكليزية بمثيلاتها في العربية، فسنجد الفارق كبيراً في المضمون والحبكة، وكان لا بد من البحث عن كتب ليقرأها أبنائي واليافعون في العالم العربي بمضمون ومستوى عالٍ، لكنني لم أعثر من خلال بحثي سوى على ثلاث كاتبات عربيات اندثرت مؤلفاتهن المتعلقة بالخيال العالمي، حينها وقعت بين الحيرة والشك، لاسيما أن تجربتي في الكتابة جاءت في سن النضوج على رغم محاولات بسيطة سابقة، لكنني في النهاية قدت التجربة بفضل دعم المقربين لي، الذين وجدوا في تجربتي منفعة». وأوضحت أن القرار كان صعباً، أن تكتب رواية يحبها ويتفاجأ بها اليافعون، «حينها عدت رويداً لذلك العمر الجميل لأتذكر ما كنت أقرأه من روايات تغمرني بالتشويق والإمتاع، واخترت روايتي من اسم بطلتي «أجوان»، وتتحدث عن أسس الخيال العلمي للعلاقات الإنسانية بين مخلوقات مختلفة، أساسها الحب والتصادم والغيرة والحسد. و«أجوان» هي لاجئة دُمر كوكبها المائي، وشعبها يعيش في مدن غارقة تحت الماء، فتحت عينيها على دمار كوكبها وفقدان زوجها وشعبها، وقررت الدخول للقوات المسلحة، لكن الصدمة التي أصابتها أيقظت في داخلها قوة الاستشعار، وتدرجت القصة التي حوت كثيراً من مشاعر الإثارة للجزء الثاني الذي انتهت من خلاله مرحلة من مراحل «أجوان»، وأتمنى من خلالهما أن تعرف كل فتاة أن الرجل شريك معها في الحياة، لكن عليها الاعتماد على نفسها». الكتب جزء من هوية العائلة ولدت النومان في قلب الشارقة عام 1965 في منزل جدها لوالدتها الذي تحول إلى متحف باسمه «إبراهيم المدفع»، وكان يشغل منصب سكرتير لأربعة حكام بجانب هويته كشاعر معروف، حين تحولت المنطقة برمتها إلى متاحف بأمر حاكم الشارقة الشيخ محمد القاسمي، وبدا أن الأدب كان جزءاً لا يتجزأ من هوية العائلة التي تكتظ رفوف مكاتبها بكتب الأدب، فالمدفع أول من أصدر صحيفة في العشرينات باسم «عُمان»، وكان ينسج محتواها من معاناة الناس التي كان يسمعها من الراديو، ومن قصص «أهل الفريج»، وكان يطبع خمس نسخ ويوزعها على أصدقائه، ويعلق الأخيرة في سوق «العرصة» لتكون في متداول الناس وهو في سن الـ18 من عمره، ثم أسس صحيفة ثانية بعنوان: «صوت العصافير»، وكانت سماتها مناهضة للبريطانيين ووجودهم في المنطقة. تربت الروائية النومان وسط حديقة من الكتب التي تزدان بالخيال الخصب، وتصف مكتبة جدها بنوع من الدهشة وكأن الكتاب رفيقها الأول، إذ قالت إن «أرواحاً وأشباحاً، والذين هبطوا من السماء، والذين عادوا من السماء، كتب عن الخوارق لأنيس منصور لا تزال مؤثرة في نفسي». وأضافت: «مر الزمن وقامت مؤسسة نهضة مصر بشراء حقوق كتب أنيس منصور، وحين وجدت كتبي بجانبها ذهلت من السعادة»، في إشارة منها إلى أن «الأحلام جزء من الواقع، وحبها للأدب يجعلها في مصاف الراغبين في التغيير». والكاتبة التي يفوق تاريخ ميلادها عمر دولة الإمارات ظهرت للعلن كروائية في سن النضوج، فيما عاشت في منزل يحفه الصبر والرحمة والتسامح والطيبة «هكذا تربينا»، وعن حياتها وسط أسرتها قالت: «دللت كما لم تعش الدلال فتاة غيري في العائلة». حصلت النومان على بكالوريوس في الأدب الإنكليزي، وماجستير في الترجمة، ثم عملت كمعلمة للغة الإنكليزية مدة ستة أعوام، ثم أنشأت مكتب ترجمة قانونية، وترجمت كتاباً في علم الأديان المقارن وآخر عن لوجستيات النقل، وصدر لها كتابان للأطفال «القطة قطنة»، و«القنفذة كيوي» لكنها اضطرت في فترة ما لإقفال مكتبها. وأوضحت السبب قائلة: «إحدى بناتي ولدت بثقب في القلب، حينها آثرت مراعاتها وعملت من منزلي، ثم تطوعت في نادي سيدات الشارقة، وبعد ستة أعوام اختارتني حرم حاكم الشارقة جواهر القاسمي لأشغل منصب نائب مدير النادي ثم مديرة لمكتبها، ومن خلال ساعات الفراغ التي انتشلها استطعت أن أوجه نشاطي للكتابة الروائية التي كانت في حياتي القرار الأصعب بفعل تشجيع من حولي». وذكرت أن اللغة العربية، «لغة تواصل ربما يشرد عنها البعض بفعل لا يجوز نحو لغةٍ أخرى، ما يجعلها لغة متحف». وقالت النومان عن جواهر القاسمي: «هي سيدة ديموقراطية، تأخذ آراء فريقها ولا تستفرد برأيها، وتتخذ قراراتها بناء على مشاركة الجميع، وتسمع وجهات النظر كافة، وحين ينجح مشروع من مشاريعها تعزو ذلك إلى نجاح الفريق».   ثورية الكاتبة الإماراتية غائبة ووصفت النومان وضع الكاتبة الإماراتية بـ«المستقر». وأوضحت: «لم تجد الكاتبات المحليات سوى الدعم الكامل من الحكومة أو الرجل، لذا لم يوجد ذلك التصادم الذي يجعلها تكون سوى ذلك، والشيخ زايد رحمة الله بنى مدناً في الصحراء، لتتعلم الفتاة قبل الولد، لذلك لن يجدي اعتراض وثورية فيهن، إنما يتعاملن مع قضايا مجتمعهن المهمة، ومن خلال الكتب البسيطة التي قرأتها أجد ثورية البعض منهن بنسبة نادرة». وأكدت أن «النقد الحقيقي» هو ما ينقص الأدب الإماراتي، وأوضحت: «لأننا لسنا ناقدين بالمعنى الحرفي، وليس لدينا نُقاد يقبلون النقد، وليست لدينا ثقافة النقد، وهذا هو المشاع لدى الكثير من الناس، ودولتنا حققت حتى الآن إنجازات كبيرة وعلينا التركيز في الأمر». الروائية النومان التي حصدت جائزة الاتصالات كأول إماراتية تكتب في الخيال العلمي تعتبر نفسها «مبتدئة»، وأوضحت قائلة: «لأنني أكتب لليافعين، وهؤلاء لهم جمهورهم الخاص»، إلا أنها باعت من كتابها «أجوان» آلاف النسخ. وقالت: «دار نهضة مصر عمرها طويل كاسم وثقة، ذلك ما منعني من الوقوع في فخ النصب الذي ربما يحدث للبعض من بعض دور النشر، وحذرني أصدقاء من بعض دور النشر التي تطالب بمبالغ للطباعة لكونها دور نشر غير حقيقية، إنما هي مجرد دار طباعة»، مشيرة إلى أنه دُفع لي مقدماً مبلغ كدفعة أولية، «وبيعت الطبعة الأولى والثانية والآن الدفعة الثالثة». ورسالتها لمن سيقلدها في مجال الخيال العلمي أن «البصمة لا تتكرر»، ولفتت إلى أن الخيال العلمي له أفرعه، «البعض منه خفيف والآخر ثقيل، وهو الذي يحتاج إلى قراءة متطورة في التكنولوجيا، وعلى من يرغب في خوض المجال قراءة كتب علمية لتتكون لديه أسس علمية يبني عليها جوانب القصة، التي ستظهر من معرفة دقيقة». الأدب الإماراتي

مشاركة :