التاريخ سيسجل هذا الإنجاز العسير الذي رعته كوبا والنرويج لكلٍّ من الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس وزعيم الفارْكْ رودْريغو لونْدونْيُو، المعروف بـ: تيموشينْكو، اللذيْن لم يكن يُتصوَّر قبل بضعة أعوام أنهما سيتقاربان ويتعاونان ويصلان إلى ما وصلا إليه. الطرفان يلتقيان عند ضرورة إنهاء الحرب وفتح صفحة جديدة تُنهي المعاناة وتضع حدا للاستنزاف الذي يدفع ثمنه كل الكولومبيين. خوان مانويل كارلوس يؤمن بأن سلاما ينقصه الكمال خير من الحرب ويعتقد خصمه السابق تيموشينْكو بأن الماضي يجب أن يبقى حاضرا حتى لا يتكرر. ولا شك أن هاتيْن الفلسفتيْن تتكاملان حيث تُشكِّل كلٌّ منهما وجهًا من وَجهيْ السلام التاريخي الموقَّع اليوم في مدينة كارتاخينا (قرطاجنة). ومثلما شحذت التجربة السياسية الطويلة الرئيس الكولومبي الذي سبق له أن كُلِّف بوزارة الدفاع وأظهر شراسةً في محاربة الفارْكْ، فإن تيموشينْكو خريجُ مدرسة الأدغال الكولومبية والإستراتيجيات العسكرية وشبه العسكرية الخاطفة التي مكنت تنظيمه من الصمود أكثر من نصف قرن. وربما كان قادرا على الاستمرار في المواجهة الدامية مع النظام لسنوات أخرى طويلة رغم الصعوبات. لكنها مواجهات لا رابح فيها مثلما يحدث منذ عهد الزعيم الثوري اليساري إرنستو تشي غيفارا والتي أنهكت البلاد والعباد. سانتوس ورودريغو انطلقا من أرضيات متضاربة وتصورات متضادة، لكن الحرب لها أيضا قوانينها التي تفرضها على المتحارِبين بعد أن يذوقوا ويلاتها. سانتوس ورودريغو وقَّعا معاهدة السلام، ويبقى على الشعب الكولومبي أن يقول رأيه فيها في الثاني من الشهر المقبل، لتدخل جيز التنفيذ.
مشاركة :