هل يكون القادم من القطيف.. أسوأ؟

  • 2/27/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لست هنا للتحذير، ولا للتحريض، ولا أحب الدخول في منطقة التفريق بين أبناء الوطن الواحد، لست إلا حزينا على ما يأتينا من القطيف، حزينا أكثر على أهل القطيف من بعض أبنائها الذين يلعبون بالنار دون أن يُدرِكوا ـ أو ربما يُدرِكون ـ أنهم أول من سيحترق.. إن التطرف كالنار التي تشب أول ما تشب في وجه من يُشعِلها، وراعي الكُره أول من سيتعرض للكره. ما حدث في العوامية، من قتل لرجال الأمن، ليس بالحدث المُنفرِد إنما يقع ضمن سلسلة من الأحداث التي تفرزها بعض الفئات من القطيف كل فترة وفترة، ويجب التأكيد هنا على أن ما حدث ويحدث وحتى إن حدث مستقبلا – لا سمح الله - أبدا لا ولن يُمثِل الوجه الحقيقي للقطيف، لكن ـ ولسبب ما ـ نجد صراخ التطرف عاليا بينما المعتدلون في سبات! وإن ما حدث في العوامية نتيجة منطقية لعدة أسباب؛ أحدها هو سبات المعتدلين هناك، صوتهم الخافت هو ما سمح للتطرف أن يرفع صوته، سُباتهم هو ما أيقظ المتطرفين وأسهم في تجهيل العامة وتحويلهم إلى حطب. ولمن يسأل: أين المعتدلون؟، سيكتشف أنهم بكل بساطة، نائمون!، وأنهم إذا ما نددوا فيُندِدون على خجل. أما لماذا نائمون ولماذا يُمارِسون اعتدالهم على خجل فهذا يقودنا إلى مشكلة أعمق. المشكلة أن الزعامات الشيعية ـ كانت وما تزال ـ تفرض هيمنتها وبقوة على رِقاب العامة، زعامات لا تسمح بأي تحرر من قبضتها، زعامات تخنق أي صوت للاعتدال، هذا الأمر أكثر وضوحا وحِدة في المذهب الشيعي منه لدى السنة، والأسوأ في كل الأمر أن تلك الزعامات الدينية لا تُواجه ولا تُنتقد، وإن حدث فيحدث على خجل، وبدون أي مُحاولات جادة واضحة وصارمة للتحرر من هيمنة تلك الزعامات سيستمر الوضع على ما هو عليه في القطيف، وفي كل مكان يقطنه الشيعة، وسيزداد الأمر سوءا، وسيرتد كل سوء على الجميع باستثناء تلك الزعامات! إن القادم من القطيف أسوأ، ليست دعوى تحذيرية أو ترهيبية أو دعوى من دعاوى الطائفية، بل إنها قراءة منطقية لغياب النقد في المذهب الشيعي. إن التصحيح لا يتم إلا عبر النقد بكل درجاته وآلامه، والمفاهيم الراكدة إن لم تتحرك ستُسهِم في تكاثر المتطرفين كالبكتيريا، ومن أجل تحريك الماء الراكد، لا بد من إلقاء الحجارة تلو الحجارة، حتى لا يبقى الماء ساكنا فيتعكر، وأن يتألم الناس من النقد خير لهم من أن يهنؤوا بالعفَن، أن يتململوا من التجديد خير لهم من الاطمئنان إلى الركود. على عقلاء الشيعة أن يُرحِبوا بكل نقد، أن ينشروا مفاهيم النقد والتمحيص في العامة، أن يُحارِبوا التبعية العمياء، أن يزرعوا في عامة الشيعة مفاهيما أخرى غير ادعاء المظلومية واللطم، أن ينتشلوهم من الماضوية القبيحة الغارقين فيها، الملفات أمام عقلاء الشيعة كثيرة، ولم يعد خيارا أن يبدؤوا في نفض الغبار عنها، ليس منعا لتكرار أحداث العوامية فقط، إنما حتى لا يكتوي الشيعة أنفسهم من نار تطرف أبنائهم. إن غياب النقد، سبات الاعتدال، تجهيل العامة، تغييب العقل، كل هذه المُسبِبات تجعل الوضع أشبه بمستنقع يتحرك فيه الجميع بإشارة إصبع، وعذرا على هذا الوصف، فإني حين أخاطب العقل أتوقع أنه سيعقِل، بأن الإفرازات الضارة حين تخرج من الجسد، فهي تخرج لخلل داخلي لا علاقة للهواء الخارجي بالأمر، وليس المجال مجال تصنع ومجاملة، نعم هناك خلل سهّل على من في قلبه مرض أن يعيش كيفما شاء في تطرفه دون أن يُواجه، وهذا الكلام قيِّل في وجه السنة وما يزال، ولن ينتهي حتى تختفي القاعدة وداعش وكل الميليشيات الدموية، التطرف واحد قُبحه لا يختلف شيعيا أم سنيا، والدم الذي يُهدر لونه واحد شيعيا أم سنيا، وأضعف الإيمان أن يُواجه التطرف بكلام حاد أو سنعتقد بأن المُستنكِر لا يتألم. أخيرا.. لا خوف على هذه البلاد ـ بإذن الله ـ فالأغلبية الساحقة من المجتمع شيعة وسنة معتدلون مسالمون ينبذون كل مظاهر العنف والتطرف، ولا أحد يُزايد على وطنية أحد، ولو أن ما حدث في العوامية حدث في مكان آخر، لواجه نفس الاستنكار والحدة في النقد والمواجهة وربما أكثر، وهو ما يحدث فعلا، لكن بما أنه قد حدث في العوامية فالحديث يُوجه إلى عقلاء الشيعة في المقام الأول، أن يُوضحوا للمجتمع بكل أطيافه مواطن الخلل لديهم حتى ينجح التصحيح، وأن يكون التصحيح في العلن وأمام الجميع وهذا دور عظيم. المجتمع يا سادة قد بدأ في التصحيح فعليا، وبدأ الجميع يفتح ملفات: "السلفية والصحوة والإخوان"، وملفات "الليبرالية والحداثة"، إضافة إلى ملفات "الوعظ والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وملفات "التعليم والإعلام"، المجتمع اليوم يسعى لتنقية كل شيء من كل الشوائب التي تُنغِص عليه حياته، فلتُدرِجوا يا عقلاء الشيعة ملفاتكم ضمن الملفات.

مشاركة :