السيد الدكتور الفاضل وزير التربية المحترم بدر العيسى... قهر الله عدوك وأنزلك منازل المصلحين، وجعلك ناراً حارقة على الفاسدين وبرداً وسلاماً على المعلمين وأكمل مدتك الوزارية رغم أنف الحاقدين. تحية طيبة وبعد... هذه ثاني رسالة أرسلها لوزير من خلال هذا العمود، وأتمنى ألا تكون الأخيرة لأسباب لا يعلمها إلا الله ولا أعلمها أنا حتى الآن على الأقل. أنا كاتب منغمس في الواقع، لذلك لست من أولئك الذين يقفون لك (على الوحدة) بسبب خلافات لا علاقة لها بإصلاح التعليم، كما أنني لست من أولئك الذين يطبلون (على وحده ونص) كي يخبروا سيادتك أن التعليم بخير من خلال إحصائيات وتقارير لا علاقة لها بالواقع، ولكني كاتب من (منازلهم) ومعلم في مدارسكم، يحب أن يرى وزارتك جميلة وأنيقة تماماً كما كانت الكويت دائماً. سعادة الوزير... لا أستطيع أن أصف لك مدى سعادتي عندما شاهدت صور سعادتك وأنت تتجول في المدارس لتتفقد احتياجات الطلبة قبل بداية مذبحة المماليك السنوية والتي عادة لا يكون ضحيتها سوى الأبناء! وبالتأكيد إن خطوة مثل هذه تعبر عن مدى حرصك حد التطرف في ما يخص مصلحة أبنائنا وأبنائك، ولكن هذا لن يمنعي من أن آخذ بيد سيادتك لنتجول في مدارس أخرى ونشاهد ونصور ما هو أهم من المكيفات ومشارب الماء. هل أخبروا معاليك أن هناك الكثير جداً من المعلمين والمعلمات قد استقالوا من المهنة أو عملوا إداريين ضاربين بتعليم الأجيال وبالراتب الذي أرهق ميزانية الوزارة وبالعطلة عرض الحائط، وأن الباقي في عمله فقط ينتظر الفرصة التي توفر له راتباً يوازي راتب المعلم كي ينجو بنفسه؟ وهل أخبروك أن هناك مديرات ووكيلات مدارس يتعاملن مع مدرساتهن على أساس أن لي ملك هذه المدرسة وهؤلاء المعلمات والطالبات يجرين من تحتي؟ سعادة الوزير... عندما كان معلمو اليوم في جامعة الكويت كطلبة كانوا يسمحون لهم من خلال استبيان يوزع في آخر الفصل الدراسي أن يقيموا دكتور المادة، ولكن بعدما أصبح هؤلاء الطلبة معلمين فإنه لا يسمح لهم أن يقيموا مديري مدارسهم. بالتأكيد أن المعلم أرقى من الطالب وبالتأكيد أيضاً أن المدير أو المديرة ليس أفضل من الدكتور. ولا تعتقد أني أقلل من قيمة مديري المدارس معاذ الله، لأنهم بالتأكيد لهم همومهم ومشاكلهم في قطاع التربية وكذلك الموجهون والمراقبون،ولكني أتكلم من وجهة نظر المعلم الذي ينبغي أن يشعر بقيمته كي ينقل هذا الشعور لطلابه. سعادة الوزير... هل أخبروك أنه يجب على المعلم والمعلمة أن يعيشا حالة من (هوس الديكور) كي يكونوا متميزين، وأن هذا (الديكور) الكبير يرهق نفسياتهم وجيوبهم بل ونظرة الطالب لهم، لأن الطالب يميز ما بين المزيف والحقيقي. هل أطلعك يا سعادة الوزير على سر لا أريد لأحد من الوزارة أن يعرفه... (قرب شوي طال عمرك) واسمح لي أن أهمس لك قائلاً إنني أحياناً أسمي الوزارة (وزارة الديكور والتعليب) لأنها تفرض على المعلم ورش عمل لا يستفيد منها ودروساً ريادية يمثل فيها أنه معلم جيد أمام طلبة يمثلون أيضاً أنهم طلبة متميزون وطرق تدريسية في بيئة صفية أكثر ما يميزها أنها تشبه روتين «السستم» الحكومي، وأعمال إدارية ومسابقات وتقارير وإحصائيات لا يقرأ منها شيء... أعمال كثيرة معلبة ومهام عديدة «مُدكورة» أبرز ما يميزها أنها لا تتعلق بالتعليم ولا بالتربية وتعيق المعلمين ومديري مدارسهم الذين يبحثون عن الإبداع. سعادة الوزير... ليس بالراتب ولا بالأعمال الممتازة وحدها يحيا الإنسان ولكن بأن يشعر أن له صوتاً مسموعاً في وطنه، فالكثير من المعلمين والمعلمات تركوا التدريس لأن بيئة عملهم قتلت إبداعاتهم فذهبوا لوظائف أكثر هامشية من أجل أن يشعروا بأن بقية اليوم لأبنائهم الذين تركوهم مع الخدم وذهبوا هم صباحاً ليربوا أبناء أناس آخرين. وحتى لا تعتقد أني متحيز للمعلمين حتى آخر سطر من المقال، فأنا أرجوك أن تطبق ما يسمى «ليسن المعلمين» كي تعرف مَن المعلم الحقيقي ومَن المعلم المزيف، لأن القاعدة تقول إن المعلم الفاشل إداري فاشل، كما أرجوك أن تسمح للطلبة أن يقيموا معلميهم لأن الطالب يتعامل مع المعلم من حيث الوقت أكثر مما يتعامل مع أهله في البيت فربما يكون الطالب «أبخص» فعلاً، لأن بالتأكيد تقييم خمسة وعشرين طالبا تتعامل معهم بالجملة أفضل من تقييم ثلاثة رؤساء تتعامل معهم بـ «المفرق»! لا أعلم ما إذا كان مقالي هذا سيكون على مكتبك في هذا الصباح أم أنه سيوضع في الظهيرة سفرة للطعام عند أحد القراء... ولكن أقول في حال إذا لم يصلك فذلك لأسباب لا يعلمها إلا الله والقائمون على البريد. وإذا وصلك وتركت الأمور كما هي، فسيكون ذلك لأسباب لا يعلمها إلا الله وسيادتك... وكما يقال دائماً «الحكومة أبخص»! **** اختبار قصير: ما هو تعريف المعلم؟ هو ذلك الكائن الذي يُعلم الأولاد كيف يتجنبون كل الأخطاء التي جعلت منه معلماً. كاتب كويتي moh1alatwan@
مشاركة :