< الوطن يرتدي حلته الخضراء بعمره الـ86 وفي بصمته التي تشكلت طوال هذه السنوات منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه -، تبدلت الحال من الفرقة والتشتت إلى القوة والترابط، إلى وحدة صف ووطن وكلمة واحدة، تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله». فتنامت أطراف المملكة شيئاً فشيئاً، وتطورت في غالب المجالات من العمارة والصحة والتعليم والتجارة والاقتصاد، وسخّرت المملكة جميع السبل لتطوير هذه البلاد في عهد قادتها، فلم تقف المملكة، بل استمرت في النهوض في البنية التحتية، وأسست مؤسساتها ووزارتها لخدمة الوطن. كانت المملكة رائدة وسائدة وما زالت، فلم ننسَ موقفها من التعليم حينما قرر الملك فيصل فتح مجال التعليم للبنات، فضج بعض الأهالي ورفضوا تعليم بناتهم، واليوم نشاهد كيف يتسابق الجميع إلى تعليم بناتهم في داخل المملكة أو خارجها، ونشاهد كيف وصلت المرأة السعودية بإصرارها إلى مراكز عالمية في مجالات عدة، سواء أكان في الطب أم في مجالات أخرى، حملت مسؤوليتها بنفسها لكي تثبت للجميع قدرتها وعطاءها غير المحدود، وأيضا ذكاءها، فتصدّر اسمها جميع الصحف العالمية قبل المحلية، وهذا يرجع إلى قرار المملكة الحازم في إعطاء المرأة حقها من التعليم. كما أن دور المملكة كان بارزاً في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في إدخال المرأة مجلس الشورى، فكانت نقلة كبيرة جداً تتحدى المفاهيم المغلوطة عن دور المرأة وقدرتها، إذ أسهمت في إبراز العديد من القضايا المهمة. وبنتْ المملكة العديد من الجامعات والكليات والمستشفيات على مستوى المناطق، كما ابتعثت أبناءها إلى الخارج، للدراسة والاستفادة من الخبرة العلمية التطبيقية، وأسهمت في بناء وتطوير مشاريع كثيرة، من ضمنها التوسعة الجبارة في الحرمين الشريفين، وخدمة الحجاج، ونجاحها في ذلك، على رغم الأعداد الكثيرة، فكانت تستحق الأهلية لذلك، لجدارتها وحرصها والجهود التي قدمتها. ولا يخفى على أحد دور المملكة في المساعدات الإنسانية في دول الجوار أو الدول البعيدة، فأعطت مبالغ سخية لمساعدة كل محتاج، ولم تبخل في ذلك ولم تتباهَ، لقناعتها أن ما تعمله هو من ديننا العظيم الذي يحث على العطاء والمساعدة. تقف المملكة وقفة القائد في حماية حدودها من الأعداء، فسخّرت العديد من جنودها لحماية المواطنين، وأثبت الجنود حرصهم وثقتهم في قادتهم وحبهم لهذا الوطن، فلم تغنِ الروح عن حب الوطن، فتساقط العديد من الشهداء لحماية هذا الوطن. اليوم هي مسؤولية الجميع في حماية وحب الوطن، ابتداءً من تثقيف أنفسنا في رفع قيمة الوعي والعمل والاجتهاد، لكي نعلو بوطننا الذي يحتاج إلى أبنائه ليكملوا المسيرة، وأن نرتقي ونكون واعين وناضجين، وأن نتكاتف «يداً بيد»، ولا نركن إلى الخمول والكسل، فهي مسؤولية الكل في توحيد الكلمة والصف والنية الصافية، ولجم كل من يحاول الاصطياد في الماء العكر. شاهدنا ما حل في الدول المجاورة من مآسٍ وفرقة وتشتت واستغلال أعدائهم لهم. لذا، واجبنا اليوم حماية هذه الأرض وحماية هذا الوطن بكل ما تحمله أرواحنا من فكر ووعي وعمل وجهد وعطاء، ووقف أية زعزعة أو فرقة لا تفيد الوطن، وأولها البلبلة والإشاعات ونقل الأخبار المغلوطة والكاذبة، فالأعداء وسيلتهم خلخلة الداخل، وهذا لن يتم إذا كنا أصحاب فكر ووعي وإدراك. ماذا تعني قيمة الوطن، الوطن ليس شعاراً نرفعه في وقت وتاريخ معين، الوطن يحتاج إلى إخلاص في أعمالنا والقيام بأدوارنا، ابتداء من تربية أبنائنا تربية سليمة ومتوازنة، وغرس حب الوطن فيهم منذ الصغر، وتثقيفهم في كيفية الانتماء والحب له. الوطن يتمثل في كيفية أداء أعمالنا والمواظبة عليها والحرص في استغلال الوقت، لإضافة كل جديد وتطور. الوطن يتمثل في تصرفاتنا وسلوكياتنا في احترام بعضنا واحترام الاختلاف، والإيمان في حرية وخصوصية الآخر. الوطن يتمثل في وقوفنا مع بعض، والإيمان بقدرتنا على العطاء له بسخاء. الوطن هو الأم الحنون، لها الولاء والوفاء والمحبة والعطاء، وهو الأرض الحامية التي تحضن الجميع تحت رايتها ومحبتها. Haifasafouq@
مشاركة :