اقتصاديون: قرارات ترشيد الإنفاق إيجابية لتخفيف الضغط على الموازنة العامة

  • 9/29/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أكد عدد من الاقتصاديين والمختصين ضرورة إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق التي تنفذها الحكومة السعودية وكذلك عديد من الدول المصدرة للنفط من داخل منظمة "أوبك" وخارجها، لمواجهة تداعيات التراجع الكبير في أسعار النفط. وقالوا لـ"الاقتصادية" إن قرارات مجلس الوزراء الأخيرة بشأن خفض رواتب الوزراء وإلغاء بدلات الموظفين تستهدف بالدرجة الأولى تحقيق أهداف الدولة في تحقيق التحول الاقتصادي من الاعتماد على عوائد النفط، والتوجه إلى اقتصاد منتج عبر شراكة حقيقية بين أفراد المجتمع والدولة. وأكد لـ "الاقتصادية" الدكتور سالم باعجاجة، المحلل الاقتصادي، الحاجة إلى معالجة الخلل في الموازنة العامة السعودية، خصوصا ارتفاع بند الرواتب والأجور الذي يقتطع نحو 70 في المائة من إجمالي الموازنة، لافتا إلى أن هذا البند يتضمن كثيرا من البدلات والمميزات المالية الممنوحة لموظفي الدولة، ولا سيما أن قيمة البدلات والمميزات التي ينالها شاغلو بعض الوظائف تفوق أحيانا قيمة رواتبهم الأساسية. وتوقع أن تكون إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق التي أعلنتها المملكة في الفترة الماضية، وآخرها ما أعلن الإثنين الماضي بشأن تعديل وخفض وإلغاء بعض البدلات والمزايا المالية، إجراءات مؤقتة، مرتبطة بالانخفاض الراهن في سوق النفط، لافت إلى أن المملكة سبق أن اتخذت إجراءات مماثلة في ظروف سابقة، وعادت إلى التوسع في الإنفاق بعد تجاوزها. ونوه الدكتور باعجاجة إلى أن الحل لمواجهة التقلبات في أسعار النفط يكمن في التوجه الجاد نحو تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد المفرط على الإيرادات النفطية، مشيرا إلى ما تضمنته "رؤية المملكة 2030" وخطة التحول الوطني 2020 من إجراءات مهمة في هذا الشأن. بدوره، قال لـ "الاقتصادية"، المحلل المالي تركي فدعق، إن خيار لجوء الدول النفطية إلى اتخاذ إجراءات ترشيد لمواجهة العجز في موازناتها المالية يتفاوت من بلد لآخر، بحسب مدى اعتماد حصة الإيرادات النفطية من هيكل اقتصادها الوطني. ورأى فدعق أن الإجراءات التي اتخذتها المملكة فيما يتعلق بإلغاء أو خفض أو تعديل بعض البدلات والمزايا المالية، وكذلك وقف العلاوات السنوية للعام المالي المقبل، إجراء إيجابي لتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة في الفترة المقبلة. وتوقع أيضا أن تستمر مثل هذه الإجراءات حتى تكتمل مرحلة التصحيح الاقتصادي التي بدأتها الحكومة وتستمر حتى 2020، بهدف تنويع مصادر الدخل، وخفض الاعتماد على الإيرادات النفطية. فيما قال الدكتور ناصر القرعاوي، المحلل الاقتصادي، إن القرارات تستهدف إعادة هيكلة أجهزة الدولة بإعادة ترتيب البند الأكبر والأهم في ميزانية الدولة وهو بند المصروفات، خصوصا أن الدولة عملت خلال السنوات الماضية على زيادة رواتب الموظفين باستحداث البدلات وغيرها من الأمور، واليوم لم يعد هناك حاجة إلى تلك المصروفات في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها الدولة، خصوصا أن تلك المخصصات قد استغلت خلال السنوات الماضية من قبل الموظفين. وأشار إلى أن إعادة النظر في إنفاق الدولة هو حق أصيل من حقوق الدولة لحفظ الثروات لمستقبل الأجيال القادمة، لافتا إلى أن تطبيق آلية الترشيد خلال سنوات الضيق بدلا من سنوات الرخاء ستكون له آثاره المطلوبة، إذ إن تطبيق تلك الآلية في سنوات الرخاء لن يعطي الأثر المرجو منه، لأن الموظف وقتها سيلجأ إلى طرق غير شرعية لتعويض النقص من دخله. أما تطبيقها اليوم مع حالة الشدة والعجز في الإيرادات فسيحفز المواطن على تقبل ذلك التقليص خصوصا أنها مربوطة بجدول زمني قصير لا يتجاوز سنة فقط بحسب القرار. وأبان أن قرار الخفض لم يلمس القطاعات التي تمس حياة المواطن مثل التعليم والصحة والمشاريع الخدمية، بل طالت القيادات العليا التي كانت رواتبهم قبل سنوات قليلة أقل بكثير من 50 في المائة من رواتبهم الحالية قبل الخفض، كما أن الخفض سيكون له أثر كبير في زيادة الإنتاجية لأن المواطن سيستشعر دوره في المشاركة الفعلية وليس مجرد الكلام، خصوصا أنها قرارات مرحلية تستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية. من جانبه، ذكر الدكتور سلطان الخالدي، المحلل الاقتصادي، أن قرار مجلس الوزراء يأتي متناغما مع الأوضاع السياسية والاقتصادية الجديدة التي تمر بها المملكة، وهي تنبع من تغير السياسات في المملكة نتيجة تراجع إيرادات البترول ورغبة الحكومة في إيجاد مصادر دخل جديدة بعيدة عن النفط، متوقعا أن يكون للمملكة دور كبير في المنطقة مستقبلا، وهو ما قد يتضح مع نهاية العام الجاري 2016. ولفت بأن المملكة مقبلة على طرح الاكتتاب الأضخم في تاريخ العالم وهو ما قد يحرك الاقتصاد المحلي بشكل كبير، ويقلل من الاعتماد على البترول والدولار كذلك، وهو ما يدفع بأسعار الذهب والعقارات والسلع المستوردة إلى التغير إيجابا لمصلحة المواطن. فيما وصف تميم جاد، مختص اقتصادي، قرارات مجلس الوزراء بالذكية والجريئة، مشيرا إلى أنها لن تمس الطبقة الوسطى والمحدودة الدخل، وهو ما يؤكد رغبة الدولة في إصلاح سياسات الصرف وليس التقشف كما يشاع، لافتا أن الاقتصاد السعودي لا يعتبر في مرحلة حرجة، إذ إن الأرقام تشير إلى أن الدين العام للدولة لا يتجاوز 23 في المائة من الناتج العام، فيما لا تزال المملكة تحتفظ باحتياطات نقدية كبيرة على الرغم من أنها ليست ذات عوائد مالية كبيرة.

مشاركة :