قال تعالى «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل». وفي آية آخرى قال عز شأنه «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله». لذلك٬ كثيراً ما نذكر هنا بأهمية الابتعاد عن الهوى وتحقيق العدل والمساواة، لأن قول، دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة، فيه موعظة ربانية نقرأها في القرآن ولا نستوعبها كما جاء في القرآن الكريم «فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا». وتصوير بعضنا بالظلم من دافع «الهوى» فيه مفسدة وظلم كبير. نحن في بلد أنعم الله عليه بالخيرات والثروات الطبيعية، وقد حرص المشرع الكويتي على ضرورة مراجعة الحالة المالية للدولة في المادة ١٥٠ من الدستور، حيث نصت على «تقدم الحكومة إلى مجلس الأمة بياناً عن الحالة المالية للدولة مرة على الأقل من خلال كل دور من أدوار الانعقاد العادية». وحري بنواب مجلس الأمة وذوي الاختصاص من الاستشاريين، البحث في وضع الصندوق السيادي والاستثمارات الخارجية، كي نستطيع الحكم بالعدل على وضع الدولة المالي. لا نريد أن يكون مصيرنا مشابها لفنزويلا... ففنزويلا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، وتعتبر بعد هبوط سعر البرميل على شفا انهيار اقتصادي كامل، ويتوقع لها أن تفلس في المستقبل القريب. ويعود السبب إلى مزيج من الحظ السيىء والسياسات الأسوأ... وفنزويلا تنفق الأموال على الفقراء٬ وتوفر البنزين بسعر سنتين للتر الواحد وتقدم مشروعات إسكانية مجانية، وهذا الإنفاق ليس خطأ في ظل توافر الأموال. لكنها بحلول العام ٢٠٠٥ لم يكن لدى فنزويلا هذه الأموال، والسبب يعود إلى ان الرئيس السابق هوغو شافيز، حول شركة النفط المملوكة للدولة لتدار من قبل أشخاص موالين للنظام، ولم تكن هناك استثمارات جديدة وزيادة في الأسعار... إنه شبح السياسات الاقتصادية الفاشلة («الشرق الأوسط» عدد ٢٥ سبتمبر ٢٠١٦). وزير الكهرباء والماء المهندس أحمد الجسار، صرح لـ «الراي» في عدد ٢٥ سبتمبر ٢٠١٦، عن «تفكيك وزارة الكهرباء وتحويلها إلى ٤ شركات»... ودب الهلع بين الناس حول الخصخصة وخوف من ذهاب المرافق العامة للتجار... ولا أعلم ماذا يريد أحبتنا: فهل من مجال للخصخصة بعيداً عن التجار؟ طبعا الحل بالخصخصة ولا مجال غير ذلك للخروج من الأزمة. لكن ينبغي أن تتم الخصخصة وفق قانون الخصخصة المقر في عام ٢٠١٠ الذي ضمن تخصيص ٤٠ في المئة من الأسهم للمواطنين بالشركات المساهمة وتكون منحة مجانية من الدولة للمواطنين وحظر خصخصة القطاع النفطي الذي يشكل ٩٥ في المئة من دخل الدولة. كان هذا عام ٢٠١٠... والفوائض المالية تتوالى، والجميع يتساءل عن مصيرها ومصير المليارات الأخرى في الصندوق السيادي الذي يفترض أن يكون مردود استثماراته يشكل نسبة عالية من الدخل لو أحسنا إدارة استثماراته. لهذا السبب، بدأنا المقال بالآيات الكريمة إيماناً منا بوجوب اتباع الحق والعدل في الحكم الذي أساسه ينبثق من الشفافية في مراجعة الوضع المالي كي لا يكون المواطن البسيط من ذوي الدخل المحدود في مرمى سهام شد الحزام. إن كنا على طريق خصخصة الكهرباء لا محالة، وقد تتبعها الصحة من أجل إعادة هيكلة الدولة التي تعتمد على القطاع الخاص، فمن الواجب أن يكون وفق القانون الذي ذكر في مواد الدستور الكويتي. وهذا التوجه يشترط أن يلزم الشركات الجديدة بحوكمة يضعها المشرع أعضاء مجلس الأمة لضمان تطبيق مبدأ العدل والمساواة بين المواطنين إضافة إلى ضبط الأسعار. لنتذكر المادة ٧٩ من الدستور التي تنص على «لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير»، وهذا ما يعيدنا إلى المربع الأول وهو أعضاء مجلس الأمة. فهل إختيارنا لهم كان مبنياً على الكفاءة والجدارة أم وفق معايير أخرى لا تختلف من باب المقارنة مع العوامل التي أدت إلى انهيار الاقتصاد الفنزويلي حيث الحظ السيىء والسياسات الأسوأ؟ والله المستعان. terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi
مشاركة :