يسعى "دويتشه بنك" بكل طاقته للتوصل إلى تسوية مع السلطات الأمريكية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل في الولايات المتحدة، في قضية تطالب فيها واشنطن بغرامة تصل قيمتها إلى 14 مليار دولار بسبب اتهامات للبنك بالتضليل في بيع أوراق مالية مدعومة برهون عقارية. وبحسب "رويترز" تسببت هذه الغرامة الكبيرة التي يواجهها "دويتشه بنك" في هبوط أسهمه إلى مستويات قياسية ومن ثم تشتد حاجة المصرف للتوصل إلى تسوية مخفضة لتعويض تلك الخسائر والمساهمة في استعادة الثقة بأكبر مصرف ألماني. واتهم وزير الاقتصاد الألماني زيجمار جابرييل المصرف أمس الأول بتحميل المضاربين مسؤولية هبوط سعر سهمه في وقت اتخذ فيه البنك نفسه من المضاربة نشاطا له. وبحسب "رويترز" قال جابرييل للصحافيين على متن طائرة متجهة إلى إيران في زيارة برفقة وفد من رجال الأعمال "لا أدري هل أضحك أم أبكي على أن البنك الذي اتخذ من المضاربة نموذجا لأعماله يقول الآن إنه وقع ضحية للمضاربين". ولم يتم تداول أسهم "دويتشه بنك" في ألمانيا أمس بسبب عطلة عامة، لكن تم استئناف تداولها في السوق الأمريكية في وقت لاحق أمس. وكان السهم قد صعد 6 في المائة بدعم من تقرير إعلامي نشر مساء يوم الجمعة الماضي عن اقتراب "دويتشه بنك" ووزارة العدل الأمريكية من الاتفاق على تسوية قيمتها 5.4 مليار دولار. لكن لم يتم تأكيد هذا التقرير حتى الآن. وذكرت "وول ستريت جورنال" أمس الأول أن محادثات البنك مع وزارة العدل الأمريكية مستمرة. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة القول "إن التفاصيل تتغير باستمرار ولم يتم بعد تقديم اتفاق لكبار صناع القرارات في الجانبين للموافقة عليه". وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني "إنه إذا استطاع المصرف تسوية القضية بمبلغ يقارب 3.1 مليار دولار فسينعكس ذلك إيجابا على حاملي السندات، لكن إذا وصلت قيمة الغرامة إلى 5.7 مليار دولار فإنها ستقوض ربحية 2016، لكنها لن تؤثر كثيرا في الوضع الرأسمالي للبنك". ورغم أن "دويتشه بنك" أصغر حجما بكثير عن منافسيه في وول ستريت مثل "جيه.بي مورجان" و"سيتي جروب" إلا أنه يتمتع بعلاقات مهمة في مجال التداول مع جميع الشركات المالية الكبرى في العالم، ووصفه صندوق النقد الدولي هذا العام بأنه يمثل خطرا محتملا على النظام المالي الكلي أكبر مما يشكله أي بنك عالمي آخر. ومن المقرر أن يزور الرئيس التنفيذي للبنك الألماني جون كرايان واشنطن هذا الأسبوع لحضور الاجتماع السنوي لصندوق النقد، وقالت صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج "إن مسؤولين تنفيذيين آخرين سيشاركونه في السعي للتوصل إلى تسوية مع السلطات الأمريكية عن طريق التفاوض". وعلى غرار المصارف الأوروبية الكبرى التي تخضع للتحقيق لاتهامات بالتضليل في بيع أوراق مالية مدعومة برهون عقارية مثل "كريدي سويس" و"باركليز" سيسعى "دويتشه بنك" أيضا لإبرام اتفاق مع الحكومة الحالية. وستتمخض انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في الثامن من تشرين الثاني (نوفبمبر) المقبل عن حكومة جديدة وهو ما تصاحبه مخاطر مجهولة وتأخيرات محتملة. واصطف عدد من كبار رجال الأعمال الألمان من شركات مثل باسف ودايملر وإي.أون وآر.دبليو.إي وسيمنس للدفاع عن "دويتشه بنك" في مقال نشر في الصفحة الأولى من صحيفة فرانكفورتر ألجماينه زونتاج تسايتونج. وقال يورجن هامبرشت رئيس مجلس إدارة "باسف"، "تحتاج الصناعة الألمانية "دويتشه بنك" ليصطحبنا إلى العالم الخارجي". وتبلغ القيمة السوقية للمصرف الألماني نحو 15.9 مليار يورو "17.9 مليار دولار" ومن ثم سيتعين عليه جمع أموال جديدة لسداد المبلغ الذي تطالب به وزارة العدل الأمريكية بالكامل. ونفى "دويتشه بنك" وبرلين هذا الأسبوع تقارير عن أن الحكومة تعد خطة لإنقاذ المصرف. ويعمل نحو 100 ألف موظف في "دويتشه بنك".
مشاركة :