انتهى الاجتماع الذي ترأسه رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وحضره رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك و6 وزراء، و37 نائباً، إلى الاتفاق على منح كل مواطن كويتي لديه رخصة قيادة 75 لتر بنزين من فئة الممتاز شهرياً بالمجان، وتحرير أسعار البنزين. أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ان السلطتين التشريعية والتنفيذية لن تحيدا عن التوجيهات السامية لسمو أمير البلاد التي تشدد على عدم المساس بالمواطن في أي قرارات تهدف الى الاصلاح الاقتصادي وتحقيق وفر في الميزانية، مشيرا إلى أن تحرير سعر البنزين هو تحرير جزئي مرتبط بدعم المواطن الرشيد، ولا يزيد الكلفة عليه عما هي عليه الآن. وأعرب الرئيس الغانم، في تصريح للصحافيين عقب الاجتماع التشاوري الذي عقدته السلطتان في مجلس الأمة أمس للتباحث في قرار رفع أسعار الوقود، عن شكره إلى سمو أمير البلاد الذي استقبل رئيسي السلطتين، واستمع سموه لجميع وجهات النظر، موضحا انه نقل لسموه التصور النيابي الذي يمثل وجهة نظر الشعب الكويتي، كما استمع سموه الى وجهة نظر الحكومة في هذا الصدد. وأضاف أنه بعد العديد من الاجتماعات توصلت السلطتان في اجتماع الأمس إلى الاخذ بتوصية لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية التي تبناها مجلس الأمة، وهي أنه "في حال زيادة أسعار البنزين يتم تعويض المواطن الكويتي كي لا تزيد عليه الكلفة". وأشار إلى ان الحكومة ابلغت المجتمعين بأنه ستكون هناك مراجعة شهرية وتحرير لأسعار الوقود من قبل لجنة الدعوم، "على أن تكون بداية الدعم بمقدار 75 لترا شهريا للمواطنين حاملي رخص القيادة، وهو ما يعادل 30 في المئة من قيمة الزيادة على أسعار الوقود". وأضاف ان تحرير السعر لا يعني ربطه بالسعر العالمي، كما يردده بعض من يريد تفسير ما انتهى إليه الاجتماع بطريقة خاطئة، بل إن تحرير السعر يعني ما تحدده لجنة الدعوم بصفة شهرية، الأمر الذي من شأنه أن يوفر على الدولة ملايين الدنانير، وفي الوقت نفسه يقلل الكلفة على المواطن الرشيد والذي تقدر كلفة استهلاكه الشهرية بـ240 لترا. وقال الغانم إنه سيتم كل شهر اعادة احتساب الأسعار للتأكد من عدم تضرر المواطن من الزيادة، مؤكدا ان مجلس الأمة يريد الوصول الى نتيجة، لا الاستعراض. وبين أن "همنا هو هم وطن ومواطن، وليس هم انتخابات"، مشيرا الى ان الآلية المتبعة من أجل الوصول الى نتيجة هي الحوار البناء. وأضاف "أقول بكل صراحة وشفافية لأبناء الشعب الكويتي إن قضية أسعار الوقود لدى البعض كانت انتخابية، خصوصا اننا على ابواب دور الانعقاد الأخير للمجلس". ولفت إلى أن "آخر زيادة للوقود حدثت عام 1998، وبنسبة أعلى من الزيادة الحالية"، مبينا أن "ما صدر عن مجلس الأمة حينئذ توصية لم تأخذ الحكومة بها، ومضت بالزيادة ولم تتراجع عن قرارها". وأوضح أن إصدار الحكومة قرار زيادة أسعار الوقود دون الرجوع إلى المجلس يستند إلى قانون صدر من مجلس أمة سابق لا مجلس الأمة الحالي، مؤكداً أنه لا يهاجم هذا القانون بل مجرد إشارة للقانون الذي استندت إليه الحكومة في هذه الزيادة. وأشار إلى أنه هذه القضية لدى البعض "ليست قضية إصلاح بل مجرد هجوم على المجلس الحالي والتكسب الانتخابي، ونعلم انهم لن يقولوا لنا كثر الله خيركم على اجتهادكم، وهناك من سيقول ان الدعم لن يتجاوز 7 أو 8 دنانير". وبيّن أن "من يحتسب الكلفة على من يستهلك 240 لترا شهريا ونمنحه دعما شهريا 75 لترا في ظل سعر البنزين الممتاز الذي تستهلكه 80 في المئة من السيارات يعني أننا أعطينا خصماً بنسبة 30 في المئة، في وقت ستكون فيه كلفة المواطن أقل من الكلفة قبل الزيادة، وهو ما كنا نسعى له من عدم مس المستوى المعيشي للمواطن". ورداً على سؤال حول المقصود بتحرير سعر الوقود قال الغانم، إن "تحرير الأسعار لا يعني ارتباطه بالسعر العالمي، بل تقوم لجنة الدعوم بمراجعة السعر بصفة شهرية، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، كما حصل في سعر الديزل، على أن يكون التغيير بقدر معين لا يؤثر على المواطن، ويتم احتساب الدعم له بصفة شهرية". وأضاف "الخلاصة أن ما تم يعد تطبيقاً لما كنا ننادي به، وهو مواجهة التحديات الاقتصادية لما يوفره القرار للدولة من مبالغ بالملايين مقابل تكلفه أقل بالدعم"، مشيراً إلى أن "المحصلة النهائية لهذا القرار ستتمثل بوجود وفر سيتم توجيهه للمواطن صاحب الاستهلاك الرشيد حتى لا يتضرر، بالإضافة إلى المساهمة بخفض الهدر في الموازنة العامة للدولة. وتابع الغانم "الكثير من الأحاديث تدور حول ضرورة خفض الهدر في مواقع وقطاعات أخرى في الموازنة العامة للدولة، وأقول لهم هذا الحديث صحيح ولايزال هناك هدر في قطاعات ومواقع أخرى، لكن ذلك لا يمكن أن يكون سببا لإيقاف أي محاولة إصلاح". وبسؤاله عن نسبة الدعم المقدمة للمواطن، وهل سيتم مراجعتها بشكل شهري أوضح الغانم أن "عدد اللترات التي سيحصل عليها المواطن مجاناً للبنزين الممتاز ستكون ٧٥ لتراً عند تسعيره بـ٨٥ فلسا للتر، وترتفع في حال ارتفاع سعر البنزين، وهذا ما تم الاتفاق عليه"، لافتا إلى أن مسألة التزام الحكومة بهذا الاتفاق ستكون محل تقييم ورقابة المجلس. وبسؤاله عن ضمانات ضبط الحكومة لارتفاع أسعار السلع الأخرى على خلفية هذا القرار، بين الغانم أنه بالرغم من أن أسعار البنزين أقل ارتباطا بأسعار السلع الأخرى أسعار الوقود والديزل كان هناك توجيه واضح من قبل نواب الأمة بشأن ضبط الأسعار، وكان هناك تأكيد من وزير التجارة بأنه ستتم مراقبة أسعار جميع السلع، وفي حال أي ارتفاعات مصطنعة سيتم اتخاذ خطوات بشأنها، لافتا الى أن هذه الأسعار ستكون أيضا تحت رقابة المواطنين، ومن خلال ممثليهم الذين سيعرفون من خلالهم أي زيادة في أسعار السلع، فالأسعار ستكون تحت المراقبة، وفي حال مخالفة ما ذكر في اجتماع اليوم لدى النواب أدواتهم وصلاحياتهم الدستورية. وبسؤاله عن موعد تطبيق هذا القرار بخصوص أسعار البنزين، قال الغانم: "يمكنكم الحصول على الإجابة بشكل مباشر من وزير المالية، وهو أبلغنا بأن الفرق الحكومية أنهت تقريبا استعداداتها لهذا الحل، وقد يتم تطبيقه عن طريق البطاقة التموينية، أو من خلال رخص القيادة أو أي حلول أخرى، لكنه في النهاية سيتم بأسرع وقت ممكن". تناقض وبسؤاله عن إمكان استغلال البعض لهذه القضية للهجوم على مجلس الأمة، وكذلك استخدام بعض النواب لهذه القضية لحل المجلس، قال الغانم "لا نستطيع أن ندخل في النوايا، ونحسنها إن شاء الله، لكن أنا أتحدث عمن يرى أن زيادة البنزين خطأ، وكذلك يرى في توجيه الدعم للمواطن بأنه خطأ، وهذا تناقض. وأشار الغانم إلى "أن المجلس بإذن الله سينجح في قرار البنزين بالحفاظ على كلفة المواطن المستهلك الرشيد، وهو ما أعلن عنه في وقت سابق ضمن توصيات اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية عند مناقشة وثيقة الإصلاح الاقتصادي في أول اجتماع". وبسؤاله عن آلية تحرير أسعار البنزين، أكد الغانم "أن تحرير الوقود البنزين هو تحرير جزئي مرتبط بدعم المواطن الرشيد بحيث التكلفة لا تزيد عليه عما هي عليه الآن". مسار مختلف وبسؤاله عن موقف المجلس من تلويح غير نائب باستجواب الحكومة، قال الغانم إن هذا التلويح أو تقديم المساءلة حق مطلق للنائب، ويستطيع أن يمارس صلاحياته وفق الأسس الدستورية، ودور المجلس رقابة تطبيق هذا القرار، وأنا أقولها بكل وضوح: توجيه صاحب السمو أمير البلاد رئيس السلطات الى السلطتين التشريعية والتنفيذية هو المضي بالاقتراح الذي يحفظ المواطن الكويتي، ولا يؤثر على المستوى المعيشي له، ويحقق وفرا بالميزانية لمواجهة التحديات الاقتصادية". وأشار الغانم الى أن هذا القرار لا يتعارض مع الخطوات المتخذة في القضاء بشأن قرار البنزين، فهذا مسار يختلف عن المسار الآخر، لأن حكم القضاء ليس نهائيا، وقد يلغى بالاستئناف، أو أن تعدل الحكومة بالإجراءات، لأن الحكم صدر عن خطأ إجرائي". وختم الغانم مؤتمره قائلا: "أكررها للمرة الألف، من يتبنى أجندة البنزين للتكسب الانتخابي سيقول له أي منصف الآن ابحث عن قضية غيرها، لأن الكلفة الآن على المواطن الرشيد لن تزيد، فهدفنا توجيه الدعم للمواطن وليس للسلعة، وأي زيادة على المواطن فهناك مجلس أمة ونواب سيتخذون إجراءات وفق صلاحياتهم الدستورية". من جهته، قال النائب عبدالله المعيوف: كما سبق ان بشرت المواطنين بحل أزمة البنزين، فقد انتهت واتفقنا مع الحكومة على تحرير أسعار البنزين وإعطاء ٧٥ لترا بدون مقابل شهرياً لكل مواطن كويتي يحمل اجازة قيادة صالحة. وأكد النائب عبدالرحمن الجيران، اثناء خروجه من اجتماع السلطتين، أن الحكومة اثبتت جديتها ورغبتها في تطبيق الاجراءات لتصحيح الاوضاع الاقتصادية، وهذا القرار اليوم يعد مجسا لمدى قبول الشعب الكويتي لقرارات الاصلاح الاقتصادي. بدوره، أكد النائب منصور الظفيري وقوف مجلس الأمة إلى جانب المواطنين في قضية زيادة أسعار البنزين وأن أعضاء الأمة أوفوا بالوعد وانحازوا إلى الشعب الذي خرجوا من رحمه، مشددا على أن الاتفاق الذي تم بين السلطتين كان دعما للمواطنين، "فقد اتفقنا مع الحكومة على تحرير أسعار البنزين وإعطاء ٧٥ لتراً بدون مقابل شهرياً لكل مواطن كويتي يحمل اجازة قيادة صالحة". وقال الظفيري إن هناك مجالس سابقة وافقت على رفع أسعار البنزين ولم تتصد للحكومة حين أقدمت على ذلك، موضحا أن "مجلس ٩٢ اطلق يد الحكومة عندما وضع القانون ٩٥/٧٩ ولم يضمن أسعار البنزين في الرجوع إلى الحكومة عند زيادة الأسعار، ومجلس ٩٦ لم يقف ضد الحكومة عندما رفعت أسعار البنزين". وأضاف أن المجلس سيراقب الأسعار وارتفاعها، مطالبا وزير التجارة بمراقبة الأسعار وكبح جماح بعض التجار الجشعين الذين سيبالغون في زيادة أسعار السلع والخدمات مستغلين زيادة أسعار البنزين.
مشاركة :