عندما يكون الحديث عن أبها، فهذا يعني أننا نلامس بحروفنا قبة السماء. ونرتقي أعلى قمة من الوطن، نتحدث منها عن مدينة ليس فيها متّسعٌ إلا للجمال. كيف لا؟! وهي تستقبلُ المواكبَ كلّها على منصات من الدهشة. عندما نتحدث عن أبها.. فهذا يعني أننا نروي من فصولها رواية مطرزة بنكهةِ الحياة؛ ما بين ألحان رعد، ونشوة غيم، وقطرات مطر، واخضرار أرض، وتراحيب إنسان، وعطر رياحين، وحزام ذهبي جميل. ازدانت مع كل هذا. وتباهت بلقب عاصمة السياحة العربية لعام 2017. هذا التتويج الذي منحته جامعة الدول العربية ممثلة في المنظمة العربية للسياحة، لم يأت لأبها من فراغ. بل سنوات من الخبرة والعمل السياحي. فمنذ أربعة عقود كان لأبها السبق في إطلاق مفردة السياحة التي شكلت هاجساً لتحقيقه أمام المهتمين. بأبعاد هذا العمل الوطني وعوائده الاقتصادية، في الوقت الذي هتفت فيه آنذاك أصوات خفية بتحريم المفردة وكل أبعادها، إلا أن أبها لم تتوقف عندها، فالهدف أسمى منها، وبعزيمة الرجال تبلورت الأفكار، وانبلج الحلم إلى حقيقة.. وتحولت الأماني إلى شواهد حضارية ناطقة بمستقبل سياحي مشرّف. روّضت من خلاله المستحيل، وجعلت من الجبال الشاهقة منتجعات سياحية تسكن ظل الغيمة، وتتعانق مع كتل الضباب، وتفترش الحلة الخضراء. أبها التي انفردت بمعاني السياحة ومفهومها تستعد لاحتفالها باللقب في بداية عامها الميلادي القادم الذي لم يعد يفصلنا عنه إلا أيام قلائل، وهذا ما جعل كل أبناء أبها الأوفياء يتقدمهم سمو الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير يعملون منذ وقت مبكر على إستراتيجية تتوافق مع ما حققته عبر محطاتها السياحية. أبها في مرحلتها القادمة ومع هذه التجربة الطويلة التي صادفت الكثير لايزال أمامها الكثير أيضاً كونها جزءاً من وطن، تتقاسم فيه رؤيته الجديدة ما بين اقتصاد وترفيه. هذه المرحلة تجعلنا جميعاً نعمل كفريق واحد لإكمال مسيرتها السياحية لتكون معايير استحقاقها لهذا اللقب واقعاً متكاملاً نتعايش معه بما يتواكب مع خبرتها السياحية تلك، فأبها بحاجة إلى تقديم تسهيلات للمستثمرين، وترويج الفرص الاستثمارية وخلق أخرى، وإكمال بنيتها التحتية ما بين مشروعات طرق، ومطار، وحدائق وتنظيم متنزهات. أبها تحتاج خبرة سياحية لا مصرفية تدير فعاليات مهرجانها السنوي أبها يجمعنا . أبها أيها الأوفياء.. ليست بحاجة إلى ملحنين أو شعراء فهي مفردة لكل قصيدة وألحانها معزوفة من السماء، وليست بحاجة لفنان يتغنى بجمالها من جديد. فصوت الأرض لايزال يعانق حزامها الذهبي. أبها ليست بحاجة لسفير إنسانية يقدمها وكأنها اليتيمة.. أبها وبدون شك لاتحتاج لمقدمي برامج أو مشاهير.. بقدر حاجتها لأن تكون أبهى عاصمة للسياحة العربية بما تمتلكه وتقدمه لتلك الوفود التي تستقبلهم كل عام.. *محرر بمكتب أبها
مشاركة :