استدعى العراق أمس السفير التركي في بغداد، فيما اتخذت أنقرة خطوة مماثلة وسط تصاعد الخلاف بين الدولتين الجارتين، قبل العملية الوشيكة التي يستعد الجيش العراقي لشنها لاستعادة الموصل. وحذر رئيس الوزراء حيدر العبادي من نشوب «حرب إقليمية» إذا لم تسحب أنقرة جنودها من محافظة نينوى. واستدعت أنقرة السفير العراقي، بينما أعلنت بغداد أنها قررت استدعاء السفير التركي بعد تصريحات متبادلة حادة بين الجانبين، على ما أعلنت وزارتا الخارجية في البلدين. وكان البرلمان التركي أجاز مواصلة الجيش مهماته في العراق وسورية عاماً إضافياً، ما يسمح له بالتحرك حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 2017 خارج حدود بلاده، خصوصاً في هذين البلدين. وأطلق الجيش في 24 آب (أغسطس) عملية «درع الفرات» في سورية لطرد وملاحقة المقاتلين الأكراد في المناطق الحدودية. وقد رفض البرلمان العراقي هذا القرار ودعا إلى انسحاب القوات التركية من أراضيه. كما حذر الرئيس رجب طيب أردوغان من أن عملية الموصل قد تؤدي إلى تداعيات مذهبية، ما دفع وزارة الخارجية العراقية إلى استدعاء السفير بسبب ما وصفته بالتصريحات «الاستفزازية» حول معركة تحرير الموصل. وسيطر «داعش» على الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية، في 2014، إلا أن بغداد تخطط لعملية واسعة بمساعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لاستعادة المدينة. وقبل أسبوع، أعطى الرئيس الأميركي باراك أوباما الضوء الأخضر لإرسال حوالى 600 جندي إضافي إلى العراق مع اقتراب معركة الموصل التي تشكل آخر معقل مهم للتنظيم الذي خسر أراضي واسعة. وتمكنت القوات العراقية خلال الفترة القريبة الماضية من استعادة بلدات مهمة، بينها الشرقاط والقيارة، الواقعة إلى الجنوب من الموصل بهدف التقدم لاستعادة السيطرة على كبرى مدن الشمال. وتتسبب معركة الموصل بفرار عدد كبير من المدنيين قد يصل عددهم إلى مليون. وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي أنه طالب «الجانب التركي أكثر من مرة بعدم التدخل في الشأن الداخلي»، وحذر من أن تتحول «المغامرة التركية إلى حرب إقليمية»، واعتبر «تصرف أنقرة غير مقبول»، وقال: «لا أريد الدخول في مواجهة عسكرية مع تركيا». وتقول تركيا إنها نشرت قوات في قاعدة في شمال العراق العام الماضي في إطار مهمة دولية لتدريب القوات العراقية وتزويدها العتاد لقتال «داعش» الذي يسيطر على مساحات شاسعة جنوب المنطقة الحدودية، حول الموصل، لكن بغداد تكون وجهت دعوة إلى هذه القوة ووصفتها بأنها «قوات احتلال». وأعلن أردوغان الجمعة أنه لن يذعن للمطالب العراقية بسحب قوات أنقرة من معسكر في الموصل يخضع لسيطرة «داعش». وهاجمت وزارة الخارجية التركية قرار مجلس النواب العراقي الذي طالب بإخراج القوة التركية. وأصدر الليلة قبل الماضية قراراً بالإجماع رفض فيه «قرار البرلمان التركي تمديد بقاء قواته على الأراضي العراقية»، وعدها «قوات محتلة ومعادية»، وحض الحكومة على «تحريك دعاوى لمحاسبة المطالبين بدخول تلك القوات الى البلاد». وأعلنت الخارجية التركية أن «قرار البرلمان العراقي لا يعكس رأي الشعب الذي دعمته على مدى الأعوام الماضية»، ولفتت إلى أن «تركيا وقفت منذ البداية مع التحالف الدولي ودعمت بقوة جهوده ضد داعش»، وتابعت: «ندين القرار الذي اتخذه مجلس النواب العراقي، كما ندين بشدة الجزء الذي يتضمن اتهامات قبيحة بحق الرئيس أردوغان». وكان الناطق باسم التحالف الدولي العقيد جون دوريان، أكد أن القوات التركية في العراق ليست جزءاً من التحالف الذي يساند القوات العراقية في حربها على التنظيم. ووصف الأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري، تصريحات الرئيس التركي بـ «المخجلة وتدل على نفسه الطائفية»، مؤكداً أن «الموصل لا يحررها إلا أبناء العراق الغيارى ومن كل المكونات، وأي قوة برية أجنبية تزج نفسها في عمليات تحريرها سنعتبرها عدواً». وأضاف: «سنتعامل مع هذه القوات الأجنبية كما نتعامل مع داعش الإرهابي».
مشاركة :