حوار: هند مكاوي نشأ في إمارة الشارقة في أسرة محافظة ومتماسكة، ويملك شخصية إيجابية مليئة بالتفاؤل وحب الحياة، ويقدس الوقت، ويدرك مدى أهميته، لذلك يسير وفق جدول زمني في مختلف شؤون حياته ويحدد أولوياته، ويحرص على اكتساب مهارات جديدة، ويؤمن بأن الطموح هو الدافع والحافز للإنسان على الاستمرارية والسعي للأفضل، ويؤمن بالشباب وطاقاته، إذ يحرص على استغلال هذه الطاقات، وتعزيز المشاركة الشبابية، على امتداد كافة القطاعات، من خلال البرامج التي يقدمها منتدى الشارقة للتطوير، إنه جاسم البلوشي، رئيس مجلس إدارة منتدى الشارقة للتطوير، تحاورنا معه للتعرف على جوانب مختلفة من حياته الشخصية والعملية. }حدثنا عن نفسك، وكيف نشأت، بشكل عام؟ من مواليد مدينة الشارقة لأسرة محافظة ومتماسكة ترعرعتُ في كنفها، وتعلمتُ منها القيم والمبادئ الحياتية الأصيلة، التي حرص والداي، أطال الله عمرهما، على غرسها في نفوس أبنائهما منذ الصغر، فوالدي عسكري متقاعد من القوات المسلحة، وكان أيضاً لاعب كرة قدم محترفاً في صفوف نادي العروبة، نادي الشارقة حالياً، وهو يعد مثلي الأعلى، الذي علمني معنى التفاؤل واحترام الوقت والانضباط والالتزام، واكتسبتُ منه حب الرياضة، وتحديداً رياضة كرة القدم التي كنت أتابع أخبارها في الصحف والمجلات اليومية، ما كان سبباً في تنمية حب القراءة والمطالعة لدي أيضاً، وأعمل حالياً نائب الرئيس للتميز المؤسسي في مصرف الشارقة الإسلامي، ورئيس مجلس إدارة منتدى الشارقة للتطوير، متزوجٌ، وأبٌ لابنة واحدة، وولدين، تتراوح أعمارهم بين 6 و11عاماً. } ما أهم الذكريات التي ما زلت تحتفظ بها من أيام الطفولة والشباب؟ لا شك أن لمرحلة الطفولة بصمات لا تُمحى من الذاكرة، وهناك العديد من الصور والمحطات الجميلة التي تعود بي إلى أيام الطفولة المليئة بالمرح والشقاوة والمتعة مع الإخوة والأصدقاء، ولعل أبرزها الزيارات المدرسية إلى الوجهات الثقافية في الدولة مثل المقر الرئيسي لجريدة الخليج، ومعارض الكتاب، ومنتزه الجزيرة، بالإضافة إلى السكيك والفرجان القديمة التي لها مكانة خاصة في ذاكرتي، ولا أزال أزورها من وقت إلى آخر. } ماذا عن دراستك المدرسية والجامعية؟ كانت دراستي المدرسية في مدينة الشارقة حيث كانت البداية في مدرسة حطين، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة حلوان، وبعد التخرج، التحقت ب جامعة عجمان، إذ حصلت على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وإيماناً مني بأهمية التعليم المستمر، واكتساب المزيد من المعرفة والخبرة في مجتمع الأعمال، تابعت دراساتي العليا في جامعة الشارقة، وحصلت على درجة الماجستير التنفيذي في إدارة الأعمال. } ما أبرز الإنجازات التي حققتها منذ عملك في منتدى الشارقة للتطوير؟ يشرفني أن أكون جزءاً من منتدى الشارقة للتطوير، الذي يعد ترجمةً حقيقيةً للرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تمكين الشباب الصاعد من المساهمة الفعالة في تنمية المجتمع المدني والاقتصاد المحلي، تحت راية واحدة، عمادها حب الشارقة والانتماء للوطن، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه، كأعضاء المجلس الحاليين، ومجلس المؤسسين قبلنا، ولا شك أن كل ما تحقق من إنجازات مشرفة في المنتدى حتى الآن، ما هو إلا نتاج العمل الجماعي، وروح الفريق الواحد، التي يتسم بها الأعضاء كافة. وكان الاجتماع الأول لمجلس الإدارة، بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، له الأثر الأكبر على ما تم تحقيقه خلال السنوات الست الأخيرة، فكلمات سموه يومها ومخاطبته لنا كأبناء، عززت الثقة وروح التفاني والطموح في نفوسنا، وشكلت دفعةً قويةً لنا للمضي قدماً في السير على نهج التميز والريادة، ولقد نجحنا، بمباركة من سموه وبدعم ورعاية سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، في تقوية جسور التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص، وبناء الشراكات الفاعلة التي أثمرت عن إطلاق العديد من المبادرات والبرامج النوعية، أهمها برنامج الشارقة للقادة، الذي يتمحور بالدرجة الأولى حول رفد الكوادر الشبابية المواطنة بالمهارات القيادية والإبداعية، التي تؤهلهم بالشكل الأفضل، لمواكبة ركب التطور الرقمي، تماشياً مع التوجيهات الرشيدة للقيادة في خلق قيادات عصرية بفكر عالمي. }ماذا أضاف لك العمل في المنتدى على الصعيدين الشخصي والمهني؟ لقد شكل انضمامي إلى منتدى الشارقة للتطوير، بصفة رئيس مجلس الإدارة، نقطةً تحول مهمة في حياتي المهنية، وكذلك الشخصية، حيث اكتسبت الخبرة والتجربة في تولي دفة القيادة والمسؤولية الإدارية والتنظيمية، كما تعلمت أن العمل التطوعي النابع من القلب، له مردود إيجابي كبير، على الشخص نفسه قبل المجتمع، إذ يمد الشخص بالثقة وحب العطاء والطاقة الإيجابية، التي تعد الطريق الأسرع للمرء للوصول إلى النجاح والتميز، وأنا أؤمن بأنه مهما وصل الإنسان في سلم النجاح، فهو لن يشعر بالرضا التام إلا في خدمة الوطن والشباب المواطن، كما أتاح لي العمل في المنتدى، هذه الفرصة للمساهمة بفعالية في دفع عجلة النماء المستدام والشامل في الإمارة، ورد الجميل لهذا الوطن المعطاء. ويعود الفضل للمنتدى أيضاً في تعزيز مهاراتي في مجال التواصل، واكتشاف الآفاق الجديدة من خلال تطوير رأس المال الاجتماعي، وبناء العلاقات الوطيدة مع الشرائح والفئات المجتمعية، بالإضافة إلى تمكيني بالكفاءات والمعلومات والموارد اللازمة، لمواجهة شتى التحديات والفرص المتاحة. } ما أبرز المبادئ التي تتبعها في عملك؟ كما في مختلف المؤسسات المجتمعية، نتعامل في منتدى الشارقة للتطوير، مع أفراد من مختلف الثقافات والفئات العمرية والكفاءات، ولذلك أحرص، بموجب منصبي كرئيس مجلس إدارة المنتدى، على اتباع سياسة تكافؤ الفرص، بحيث يمكن للجميع مشاركة آرائهم ومقترحاتهم، من أعضاء المجلس وأعضاء المنتدى إلى الموظفين والمسؤولين من مختلف الدوائر والأقسام، ولقد أسهم ذلك حتى الآن في تذليل شتى العقبات التي واجهتنا، وكذلك مساعدتنا في اتخاذ القرارات السليمة بالإجماع. وأنا أدرك أهمية توفير بيئة عمل مريحة للموظفين، ومواتية لتلبية مختلف احتياجاتهم ومتطلباتهم الوظيفية، ومن هذا المنطلق أحرص دائماً على بناء العلاقات الجيدة مع الزملاء والموظفين وتقديم الحوافز المهنية والتقديرية، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في التقليل من الحاجة إلى التدريب أو المراقبة المستمرة، وذلك لأن الموظف الذي يحب عمله، قادرٌ على الإبداع والعطاء باقتدار، ولا يحتاج إلى مدير أو مشرف لمتابعة مهامه. } صف لنا يومك مع أفراد أسرتك؟ يأتي التوفيق بين الحياة الاجتماعية والأسرية والمتطلبات المهنية، على رأس أولوياتي اليومية، ولذلك أعي ضرورة الإدارة السليمة للوقت من أجل تحقيق هذا التوازن المرجو، فمن خلال قراءتي للعديد من السير الذاتية الخاصة بأهم رواد الأعمال الناجحين في العالم، أدركتُ أن معظمهم يتشاركون الغصة نفسها، وهي عدم قضائهم الوقت الكافي مع أفراد أسرهم، ولذلك أولي اهتماماً بالغاً باتباع جدول زمني يمكنني من التوفيق بين الأسرة والعمل، حيث أحرص على قضاء على الأقل ساعة يومياً مع الأولاد، لمراجعة دروسهم واللعب معهم، وفي حال عدم استطاعتي القيام بذلك، فأسرد لهم قصة قبل النوم، كما أخذت عهداً أن أحضر معظم الفعاليات المدرسية، التي يشاركون بها، وخصصتُ يومي الخميس والجمعة مساءً لهم، ويوم الأربعاء من كل أسبوع لقضاء الوقت مع زوجتي وتناول العشاء في الخارج، كما أقوم بزيارة الوالدين في صباح كل يوم جمعة. } ما أنواع الكتب والموضوعات التي تستهويك؟ أركز بشكل عام على قراءة الكتب المتعلقة بمجال عملي، وتحديداً موضوعات القيادة والإدارة، وكذلك التطوير الذاتي، والتي غالباً ما أتفرغ لقراءتها في فترات الإجازة، أو قبل الخلود إلى النوم، ولكنني لست من محبي الكتب الطويلة، بل أعتبر نفسي ممن تستهويهم القراءة السريعة والمختصرة، حيث أفضل قراءة الملخصات والمقالات المخصصة. ثلاث إجازات يقول جاسم البلوشي: أحاول قدر الإمكان إرجاء جميع الواجبات الرسمية لما بعد الإجازة الأسبوعية، وذلك لكي أتفرّغ بالكامل لعائلتي وأسرتي، حيث أمارس رياضة الكرة مع أبنائي، وأخصّص وقتاً للقراءة وزيارة الأقارب، وأنا بطبيعتي شخص متعلق بالأسرة والأرحام، وغالباً ما أتلّقى اللوم من الأصدقاء المقربين لعدم اللقاء بهم في المجالس والمقاهي. وغالباً ما أقسّم إجازتي السنوية إلى ثلاث فترات، أوّلاها لمدّة أسبوع بين مارس وإبريل، وهي مخصّصة لزوجتي لاختيار الوجهة التي تريدها، أما الإجازة الثانية، فهي العطلة الصيفية، وتمتد أسبوعين، بحيث أجتمع مع أفراد الأسرة الصغيرة، لاختيار الوجهة معاً، والإجازة الثالثة تكون بين ديسمبر ويناير، وهي مخصّصة للوالدين لمدّة أسبوع كامل في وجهة من اختيارهما، للاستجمام وإجراء الفحوصات الطبية والعلاجات اللازمة. أحلام وأمنيات عن أحلامه وأمنياته، يقول جاسم البلوشي: أعتبر نفسي من الأشخاص الذين ينظرون إلى الحياة من نافذة التفاؤل والإيجابية والاستمرارية، ولذلك أشدد على ضرورة التحلي بالإيمان والصبر والأمل، للاستمتاع بكل لحظة في الحياة، وصحيحٌ أن الأمنيات لا تنتهي، ولكنها تعتبر الدافع الأول والأساس الذي يحفز الإنسان على المضي قدماً، والمثابرة والطموح، وفي رأيي، أجد أن الأمنيات، عبارة عن مشروع يبدأ بالتخطيط، وتأمين المصادر، وإدارة الوقت، وتحديد الأهداف المرجوة، وينتهي بتحقيق هذه الأهداف والوصول إلى المبتغى، وأنا أؤمن بأن الأحلام تمد أصحابها بالقوة والاندفاع، لتحقيق ما لم يكن ممكناً تصوره. ولا شك أن ليَ أمنيات وتطلعات كثيرة، ولعل أبرزها تحقيق المواطنة الإيجابية في دولة الإمارات، وأنا أعمل على الوصول إلى هذا الهدف الوطني من خلال الحرص على غرس بذور الإنسانية، والمساواة، وحب الانتماء والولاء للوطن في نفوس أبنائنا، لنجني معاً ثمار السعادة والرفاهية والاستدامة. وأنا أعتبر نفسي محظوظاً للمساهمة الفعالة عن طريق منتدى الشارقة للتطوير، في تمكين الشباب المواطن ودعم القطاعات المختلفة في الدولة، بما يتماشى مع أمنيتي وتطلعاتي في ترك بصمة إيجابية، في المجتمع المحلي.
مشاركة :