روسيا.. تسعى لاستعادة مكانة «الاتحاد السوفيتي»

  • 10/7/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إن بوتن مصر على أن يعيد لبلاده جزءا من مكانتها التي كانت تتمتع بها في فترة الاتحاد السوفيتي السابق. ومن أجل ذلك قدم المساعدة للأسد، وأمد إيران بالسلاح وخاض الحرب مع «تنظيم الدولة». ويمكن القول إن جهوده تكللت بالنجاح حتى الآن. من الممكن فهم أسباب الجهود الروسية في المنطقة إذا فهمنا العلاقة بينها وبين الأحداث خارجها، مثل الحرب ضد جورجيا في 2008، وضم شبه جزيرة القرم، وتهديد سلامة أوكرانيا والتحذيرات لدول البلطيق. جميعها قرارات شخص واحد، ولذلك ربما لها قاعدة مشتركة. ويبدو أن ما يدفع روسيا اليوم في كل تلك الحالات، هو عدم الاستعداد لقبول المكان الهامشي الذي دفعها الغرب إليه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كأمر واقع. ولذلك يصر الروس على إعادة جزء على الأقل من مكانة الاتحاد السوفيتي السابق إلى روسيا اليوم. ويتم التعبير عن ذلك في قضايا رمزية، وكذلك في مجالات عملية. في الجانب الرمزي يبرز الروس دور الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، ومساهمتها في النصر والضحايا التي قدمتها. وفي الجانب العملي تبذل روسيا جهودا للحفاظ على نفوذها في المنطقة القريبة منها وفي أنحاء العالم. ولذلك ردت روسيا بقوة غير عادية عندما بدا لها أن الناتو يحاول الانتشار في دول أخرى قريبة منها، وهي ليست مستعدة للتوافق مع جهود الإدماج والإقصاء الموجهة ضدها، وفق تصور موسكو، بقيادة الولايات المتحدة. تفسر روسيا خطوات الناتو والاتحاد الأوروبي كتهديد، وهي لا تقبل تفسيرات الغرب بأنها جهود دفاعية ليس أكثر. وفي رأي روسيا هذا جزء من المؤامرة الأميركية لعزلها وإضعافها. ولذلك يوجه جزء كبير من التحركات الروسية ضد الولايات المتحدة التي تعتبرها خصمها الرئيسي، وفي الوقت نفسه دولة عظمى في موقف ضعف، خاصة بسبب طابع الإدارة الحالية التي تخشى من أن أي صراع قد يتدهور إلى مواجهة عسكرية. وهذا هو السبب في أن روسيا لا تساوم، سواء بخصوص ضم القرم أم فيما يتعلق بمواصلة المساعدة لعناصر في شرق أوكرانيا، وكذلك بخصوص وضع الأسد في دمشق. الروس متعنتون للغاية في هذه القضايا ومصممون على استخدام القوة العسكرية، وهم ناجحون في ذلك حتى الآن. إن الحدث المؤلم الذي يؤثر حتى اليوم على سلوك روسيا هو الأزمة الليبية. وافقت روسيا على الانضمام إلى قرار مجلس الأمن في مارس 2011، والذي وضع بعناية حتى لا يسمح بحرب شاملة ضد نظام القذافي. وقد وجدت روسيا نفسها بالفعل متفاجئة من القوى الغربية التي قضت، تحت مظلة القرار الهزيل، على النظام الذي استثمرت روسيا به كثيرا من المال والنفوذ السياسي. أدت العواقب الكارثية لهذه العملية إلى التفكك والفوضى في البلاد التي لم تستقر حتى اليوم. أصبحت ليبيا مصدر السلاح الرئيسي للتنظيمات الإرهابية على نطاق واسع جدا، وهي تستقطب اللاجئين من جميع أنحاء إفريقيا في طريقهم إلى أوروبا. حالة الفوضى السائدة الآن في ليبيا يتخذها الروس مثالا لأنفسهم وللآخرين لتبرير تجنب تكرار حادث مماثل. وهذا هو السبب في أن روسيا رفضت أي قرار قد يشكل مدخلا لعملية ضد النظام السوري عندما اندلعت هناك أحداث مماثلة. وكذلك أثرت أحداث مصر التي وقعت قبل بضعة أشهر من ذلك، على روسيا في مسار اتخاذ القرارات. كنتيجة لأحداث الربيع العربي والإطاحة بمبارك، اعتبرت الولايات المتحدة حليفة تخلت عمن سار معها طوال الطريق. كان من المهم للروس أن يبدوا في هذا الصدد مختلفين تماما عن الولايات المتحدة، أي أمناء لا خونة. هذان الحدثان، في ليبيا ومصر، شكلا استجابة موسكو الفورية تجاه الأحداث في سوريا. فقد وقفت بسرعة وبشكل واضح إلى جانب الأسد.;

مشاركة :