يحاول الرجل دوما حصر دور المرأة في المعمل الذي يعد الطعام فيه إلا وهو "المطبخ"، فهو لا يكل ولا يمل من استخدام عبارته الشهيرة "أقول.. على المطبخ" في كل نقاش يجمعهما، ولا يريد منها أن تبرح هذا المكان إن أرادت الوصول لقلبه. يمارس الرجل مع المرأة سياسة "الإحباط" إرضاء لـ "كرشه"، ويعتقد أو يحاول أن يقنع نفسه بأن دورها في المجتمع لا يتجاوز حدود المطبخ، مكبلا كل قدراتها وإمكاناتها حتى ولو بلغت من العلم مبلغا وتجاوزته في الدرجة العلمية، فهو يراها ـــ البعض منهم ـــ مواطنا من الدرجة الثانية لا يحق لها ما يحق له. يمكن للمرأة أن تقوم بدورها كربة منزل وكمدرسة للنشء تزرع فيه الأخلاق والقيم، إضافة إلى اضطلاعها بدور مهم في خدمة وطنها ومجتمعها، ولا يمكن أن تتقاطع تلك الأدوار مع بعض ويعطل بعضها الآخر، بل هي تسير في خطوط متوازية غير قابلة للتقاطع. نماذج عدة لسعوديات يشار إليهن بالفخر، تجاوزن إحباط المجتمع، وطورن من قدراتهن ووصلن إلى أعلى المناصب، ولعل آخر تلك النماذج هي الطبيبة السعودية نورة العمرو المتخصصة في مجال الصحة العامة، التي اختارتها جامعة هارفارد الأمريكية كأول سعودية تنضم إليها في برنامج لنيل درجة الدكتوراه في تخصص القيادة الصحية، وهو أول برنامج من نوعه في هذا المجال. لم يكن اختيار جامعة هارفارد لها الإنجاز الوحيد لنورة العمرو، فقبل أسابيع قليلة كرمها بيل كلينتون الرئيس السابق للولايات المتحدة لحصولها على جائزة "الأبطال الحقيقيون" العالمية، كأول "فائزة" في تاريخ الجائزة على مستوى العالم. اختيار العمرو برنامج جامعة هارفارد لنيل الدكتوراه للقيادة الصحية، الذي يعد الأول من نوعه في الدراسات العليا المتعلقة بالصحة، ويهدف إلى صناعة قادة الصحة، يضاف للسجل الحافل للمرأة السعودية التي حققت وما زالت تحقق عديدا من الإنجازات، ويجعلنا نبادر بإخضاع أنفسنا لمراجعات فكرية حول نظرتنا السابقة للمرأة، وأن نرفع لها القبعة راضين أو مرغمين. زمن "على المطبخ" ولى إلى غير رجعة، ويجب علينا أن نتعايش مع دور المرأة الجديد في المجتمع، فهو لم يعد ثانويا كما نتصور، فها هي وبعد استحواذها على 20 في المائة من مقاعد مجلس الشورى، تستعد الآن لمرحلة مهمة وهي المشاركة في انتخابات المجالس البلدية كناخبة ومنتخبة وفق ضوابط تحفظ لها "قدسيتها" وكرامتها.
مشاركة :