لم أراجع المستشفيات، ولا أحبذ الذهاب للأسواق، فمزرعتي وماشيتي عشقي الأبدي منذ الصغر، بهذه الكلمات التي قد تكون غريبة على الأسماع، بدأ الثمانيني هادي محمد اليامي حديثه، وهو يقلب أوراقا من ذكريات الماضي الذي ينظر إليه باعتزاز، والحاضر الذي لا يرضيه ببعض مما فيه. يقول العم هادي بأنه يعشق الزراعة منذ الصغر، حيث كان يساعد والده في الزراعة التي كانت في ذلك الوقت صعبة وشاقة، لأنها تحتاج إلى حرث الأرض وسقياها بالطرق التقليدية، التي تختلف كليا عن المتبع اليوم في المزارع الحديثة، وزاد الثمانيني الذي يبدو بصحة جيدة، بأنه كان يصحو مبكرا ويباشر عمله بعد صلاة الفجر، حيث يتناول مع والده الأكلة النجرانية المعروفة البر والسمن، والتي ما زالت الوجبة الرئيسية لإفطاره حتى اليوم، مشيرا إلى أنه يطرب لبعض الأناشيد التي كان يرددها والده رحمه الله - بصوت شجي يشجعه على مواصلة العمل حتى المغرب حيث يتناول وجبة الغداء مع والده في المزرعة. وأكد العم هادي المعروف وسط أسرته بأبو مهدي، بأنه لم يراجع المستشفيات، ولم يستعمل الأدوية، وأضاف: صحتي جيدة ولا أعاني من أمراض العصر التي تجلبها بعض أكلات المطاعم وما تحتويه الأسواق من معلبات تجلب التعب والمرض، وتابع: لا أحب الذهاب إلى الأسواق ولا أعرف أسماء ما يباع فيها وإن كنت أعتمد على بعض أقاربي في شراء ملابسي فقط. وقال أبو هادي بنبرة حزن بأنه يحن إلى الماضي ورفاق الصبا الذين انتقل كثير منهم إلى رحمة الله، معتبرا ماشيته التي يرافقها عصر كل يوم إلى مزرعته رفيقة درب في وقاتنا الحاضر، وأضاف بأنه يتذكر بألم بعض المواقف التي مضى عليها سنوات طويلة فيشعر بأن الوقت الحاضر لا يناسب نمط حياته أو عيشه، فيلجأ إلى الاختلاء بنفسه ليقلب كثيرا من أوراق سنوات مضت حافلة بالجد والاجتهاد والصحبة الطيبة، مشيرا إلى أنه يشعر بالسعادة عندما تعود به الذاكرة إلى الماضي، مطالبا شباب اليوم بالاعتماد قدر الإمكان على أنفسهم وقال بلغة شعبية نجرانية بحته وهو يودعنا إللي ما ياكل بيده ما يشبع.
مشاركة :