كيف يمكن تصوير العنف بهدف إدانته من دون صدم من سيشاهدون هذه الصور او خدمة أهداف من يتسببون بالعنف: انه السؤال المطروح على المصورين المحترفين الذي يعملون في مناطق النزاع. "كيف تريد ان يقبل الناس اللاجئين في اوروبا اذا لم تجعلهم يرون كل العنف الذي يهربون منه"، يقول سامي سيفرا المصور الصحافي الهندي البالغ من العمر 40 عاما خلال نقاش مع زميله الكردي العراقي يونس محمد الذي يتخوف من فكرة ان الصور يمكنها على العكس ان تؤجج العنف. شارك سامي ويونس في اسبوع بعنوان "اخلاقيات المهنة على ارض الواقع" على هامش جائزة بايو للمراسلين الحربيين في شمال غرب فرنسا. ويقول يونس محمد (44 عاما) "شاهدت اطفالا يلعبون لعبة التظاهر بقطع الرأس. هذا يطرح تساؤلات. من يستخدمون العنف يريدون ايضا ابراز قوتهم وينتظرون مني مساعدتهم لترك اثر نفسي" على اعدائهم. في سنة 2014، منح الجمهور في بايو جائزته الى المصور التركي امين اوزمن لتحقيق مصور عن جهاديين يقومون بقطع رؤوس في سوريا، بعدما شكل التقرير موضع مناقشات حادة بين اعضاء لجنة التحكيم التي لم تمنحه جائزة. ولكن النقاش لا يزال مستمرا. ويقول الفرنسي باتريك شوفيل المعروف في مجال التحقيقات المصورة والذي كان يدير هذه الندوة ان امين اوزمن "كان على حق. لا يمكننا ان نقول ان +داعش يقطع الرؤوس+ وعدم اظهار ذلك. هذا لا يخدم دعاية داعش، لا بل على العكس". عادت مسألة التعامل الاخلاقي مع العنف الى البروز خلال جائزة بايو 2016 مع معرض عن حرب العصابات في اكابولكو، المدينة الاكثر خطورة في المكسيك، وفق منظمه الصحافي البلجيكي المعروف لوران فان در ستوكت. عند مدخل المعرض المستمر حتى 30 تشرين الاول/اكتوبر في كنيسة في بايو، تحذر لافتة من ان بعض الصور يمكن ان تكون صادمة، وهي صور يصعب عرضها في الصحافة الاوروبية. يقول المصور المكسيكي الموقع على هذه الصور برناردينو هرنانديز (48 عاما) الذي وصل يتيما الى اكابولكو وهو في الثالثة من عمره، ان "اخلاقياتي تملي علي عدم عرض الجثث المشوهة للنساء والاطفال كاملة. فانا اركز على التفاصيل، مثل الساقين" المقيدتين لجثة ممددة على الرصيف. وتظهر صور اخرى رجالا ممددين بالقرب من باب حافلة او على غطاء طاولة. ودماء تسيل. وبتلات زهور البوغنفيلية التي ذرتها الريح. هذا يضفي جمالا على الصور رغم بشاعتها، ويمرر الرسالة بأن العنف الذي يرتكبه تجار المخدرات لا مثيل لوحشيته وهو يشكل جزءا من المعاناة اليومية لهؤلاء المكسيكيين. ويقول باتريك شوفيل ان الصحافة المكسيكية "تذهب ابعد بكثير" من غيرها في ابرازها للعنف. ويضيف الصحافي البالغ من العمر 67 عاما "ينبغي تصوير كل شيء من اجل الذاكرة الجماعية، من اجل المحكمة الجنائية الدولية، ولكن ليس نشر كل شيء، نحن هنا من اجل طرح الاسئلة وليس احداث صدمة. البعض من اجل الشهرة مستعدون للذهاب ابعد مما ينبغي". وتقول المصورة البلجيكية فيرجيني نغوين هوانغ التي تعرض صورا عن غزة "اذا كانت الصورة مثيرة للاشمئزاز، فانها لا توصل المعلومة. اذا جعلت الناس تقول سئمت هذا الرعب، ليست لي رغبة في متابعة الاخبار فهذا يعني الفشل". وتضيف "في اب/اغسطس 2013، غطيت مجزرة في القاهرة. رأيت كثيرين يموتون امامي، ودماؤهم تنزف. لكني صورت فتى كان هناك ميتا، وفي حنجرته ثقب". وتتابع الصحافية البالغة من العمر 29 عاما ان "الصورة لم تصدم، لكنه كان لها وقع شديد. لقد تحدثت عن السلطات المصرية التي قررت قتل المتظاهرين". في ذلك اليوم قتل قرابة 800 متظاهر خلال ساعات.
مشاركة :