تم أول من أمس في العاصمة النرويجية أوسلو الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام للعام 2016، التي ذهبت إلى الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس، للدور الذي قام به في إتمام اتفاق السلام مع مسلحي فارك، الذي وقع العام الماضي بعد أربعة أعوام من التفاوض بين الحكومة والمتمردين. وكانت التكهنات بهوية الفائز بجائزة نوبل لهذا العام قد أشارت إلى شخصيات سياسية وفكرية عدة، من أبرزها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للدور الملموس الذي قامت به خلال العام الجاري في تبني قضية اللاجئين الهاربين من جحيم الحرب في سوريا وغيرها من الدول، غير أن من يطلق عليهم أصحاب القبعات البيضاء في حلب السورية كانوا يستحقون هذه الجائزة بصفتهم الجماعية ولدورهم الإنساني والنبيل في إنقاذ المئات من ضحايا القصف الدموي الذي تقوم به الطائرات منذ أكثر من سنة. أصحاب القبعات البيضاء يشكلون الأمل الأخير للكثير من الضحايا السوريين، الذين يتعرضون لجحيم الحرب في حلب، التي حولتها هذه الحرب إلى أطلال، إضافة إلى مدن سورية أخرى، وإن كانت بحجم أقل، حيث يقوم هؤلاء بالبحث عن أحياء تحت الأنقاض، معرضين حياتهم للخطر، حيث يشاهدون بقبعاتهم البيضاء وهم يهرعون للإنقاذ إلى مناطق الغارات، ويعملون على انتشال الضحايا الذين ما زالوا على قيد الحياة، إذ يعني عدم انتشالهم موتهم المحقق. وتشكلت في الفترة الأخيرة ما صار يعرف بمجموعة القبعات البيضاء، حيث تؤكد المجموعة أنها انتشلت من تحت أنقاض القصف نحو 41 ألف شخص منذ بدء الحرب قبل خمس سنوات، جرى خلالها تدمير البنية التحتية لسوريا، التي اختار نظامها ومعارضوه خيار الحرب، كما حدث في بلدان عربية أخرى كثيرة. مهمة أصحاب القبعات البيضاء نبيلة، وقليلون جداً من يغامرون بحياتهم من أجل إنقاذ الأبرياء، وقد فرضت الحرب المشتعلة في سوريا على هؤلاء أن يكونوا في مقدمة الصفوف لإنقاذ من تصل إليهم أيديهم، بخاصة أولئك الذين لا يجدون العون من المنظمات والهيئات الطبية الرسمية، التي لا تتواجد على الأرض في معظم المدن، بخاصة تلك الخاضعة لسيطرة المعارضة. لا يحمل أصحاب القبعات البيضاء أي أجندة سياسية، فمهمتهم في الميدان تنحصر في إنقاذ الناس من دون تمييز، لكن في الغالب يكون الضحايا من المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام، حيث تسقط قذائف الموت على الناس وهم نائمون في منازلهم، ولا يستطيعون النجاة. كثيرة هي الصور المرعبة القادمة من حلب بفعل القصف العنيف الذي تقوم به الطائرات، لكن ما يخفف عن الضحايا هو إسراع أصحاب القبعات البيضاء لنجدتهم، وهي نجدة تنقذ أرواح المئات، وكانوا يستحقون بسببها أن يكونوا أصحاب جائزة نوبل للسلام. صادق ناشر Sadeqnasher8@gmail.com
مشاركة :