علاقة «حزب الله» بحلفائه اللبنانيين تحكمها مصالحه الإقليمية والدولية

  • 10/9/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شغلت الأزمة الرئاسية المتمادية منذ أكثر من سنتين ونصف السنة وما نشأ عنها من خلافات داخل «الفريق الواحد» ما يسمى «حزب الله» المنهمك أصلا في قتاله إلى جانب النظام السوري في سوريا منذ عام 2012 من دون أن تُحرجه مع حلفائه، وذلك بعدما أتقن عملية إدارة الصراعات فيما بينهم بما يخدم مصالحه الاستراتيجية. وعلى الرغم من خروج نواف الموسوي، أحد نواب الحزب، أخيرا للتمني على رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري «الشروع في حوار مباشر وجدي من شأنه أن ينتج تفاهما بينهما»، فإن تتابع الأحداث وبالتحديد بعد المستجدات الأخيرة التي طرأت على الملف الرئاسي جراء الحراك الأخير لرئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، يوحي بأن للحزب أصلا مصلحة بإبقاء الأمور على ما هي عليه. وبالتالي الاكتفاء بمشاهدة بري يعيق وصول عون إلى سدة الرئاسة. حسب علي الأمين، الباحث السياسي والمعارض الشيعي البارز لما يسمى «حزب الله»، فإن الحزب «لم يكن يوما مُحرجا أمام حلفائه وخصوصا بالملف الرئاسي بعكس ما يتم الترويج له، من منطلق أنه يتعاطى أصلا مع الملف كقضية هامشية غير أساسية، لأنّه خلاف ذلك كان يمارس ضغوطا مباشرة للتأثير بالمنحى الذي تسلكه الأمور لتأمين مصالحه الاستراتيجية». وتابع أن تمادي بري في مواقفه الأخيرة من موضوع ترشيح عون «ما كان ليحصل لو أنه لم يكن مقتنعا بأن انتخاب رئيس جديد ليس أولوية لـ(حزب الله)». وأضاف الأمين «أصلا الحزب لا يبحث لا عن حليف أو عن خصم في لبنان لترتيب الوضع الداخلي إنما عن شريك إقليمي، لأنّه غير قادر وحده على تحمل أعباء الإمساك بالسلطة كاملة، وبالتالي بالعلاقات الخارجية والقضايا المالية وعلاقة لبنان بمحيطه العربي وغيرها». وأشار إلى أن «الحزب ومن خلفه إيران بحاجة لطرف إقليمي تعقد معه صفقة بشروطها إلا أن أحدا لا إقليميا ولا دوليا مستعد للسير بصفقة مماثلة لا مصلحة له فيها أو أقله تخدم الحزب أكثر مما تخدمه». جدير بالذكر أن ما يسمى حزب الله في لبنان له أكثر من «حليف» يؤمن له مصلحة معينة، ولعل رئيس المجلس النيابي نبيه بري أبرز حلفائه، فهو - بحسب مصادر مطلعة - «يحتل المركز الأول على لائحة ترتيب الحلفاء من منطلق أن العلاقة معه استراتيجية لجهة الحفاظ على تماسك المجتمع الشيعي في لبنان، إضافة لكون بري يؤمن له الوجه الجميل بالتعاطي الدبلوماسي وبخاصة مع العالم الغربي». ويحتل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون المرتبة الثانية في اللائحة المذكورة. وكان ما يسمى «حزب الله» وعون قد وقعا عام 2006 ورقة تفاهم تضمنت 12 بندًا، وهي بنود تطرقت لكيفية التعاطي ومعالجة قضايا استراتيجية كسلاح الحزب مثلاً، وجاء البند العاشر منها وجوب أن يأتي من ضمن «مقاربة شاملة تقع بين حدين، الحد الأول هو الاستناد إلى المبررات التي تلقى الإجماع الوطني والتي تشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الإبقاء على السلاح، والحدّ الآخر هو تحديد الظروف الموضوعية التي تؤدي إلى انتفاء أسباب ومبررات حمله». عون، من جهته، يؤمن لما يسمى «حزب الله» الغطاء المسيحي الذي يتمسك به لتبييض صورته أمام المجتمع الدولي. ووفق الأمين، فإن زعيم «التيار الوطني الحر» عمليًا «حليف أساسي للحزب كونه وفّر لوضعيته غير القانونية المتعارضة مع فكرة الدولة غطاءً مسيحيًا كان ولا يزال يحتاجه الحزب، علما بأنه وفي السنوات الأخيرة اتضح تماما مدى حجم سلطة الحزب التي لم يعد خصومه يستطيعون الخروج منها فكيف الحلفاء». وأضاف الأمين «إذا راقبنا حركة تيار المستقبل، وباقي أفرقاء 14 آذار، اتضح لنا تماما أنّهم اتخذوا مُرغمين، حتى ولو كانوا ما زالوا يرفضون الإقرار بذلك، خيار التسليم لسلطة الحزب بكل أوضاعها غير القانونية، إن كان لجهة امتلاك السلاح أو القتال في سوريا أو السلطة الأمنية في الداخل المطلقة اليد». هذا، ولقد تردّت العلاقة بين معظم حلفاء الحزب الذين كانوا ينضوون ضمن فريق 8 آذار خاصة مع احتدام الصراع الرئاسي، وبالتحديد، بين عون وبرّي من جهة وبين عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية من جهة أخرى. وحقًا، لم يبذل الحزب أي جهد يُذكر لتقليص رقعة الخلاف بينهم واكتفى بمشاهدة تطور وتفاقم الصراع بينهم. وفي هذا السياق، اعتبر علي الأمين أن ما يسمى «حزب الله» «اختار بالتكتيك التمسك بترشيح عون للرئاسة ولم يسر بترشيح فرنجية لاقتناعه بأن مصلحته مع رئيس (تكتل التغيير والإصلاح) تبقى أكبر من مصلحته مع رئيس تيار (المردة) لأن الأول يمتلك حيثية مسيحية أكبر بكثير من فرنجية». وأضاف: «أصلا موقف الحزب هذا لم يدفع بفرنجية للخروج من مظلة الحزب الإيرانية لأن لا مظلة له إقليمية سواها حاليًا. مع العلم بأن ما يسمى (حزب الله) قادر أصلا على إرضاء كل حلفائه بوسائل مختلفة نتيجة سطوته الكاملة على البلد، وبالتالي لن يكون مضطرا للاختيار بين هذا الحليف أو ذاك».

مشاركة :