حوار:عبير أبو شمالة قال عيسى كاظم، الأمين العام لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي إن الإنجازات التي حققتها مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي إلى اليوم فاقت التوقعات على مستويات عديدة واستطاعت دبي أن تقدم نموذجاً فريداً من نوعه يلبي طموح العالم إلى استقرار مالي واقتصادي يشكل قاعدة التنمية المستدامة. وأضاف مؤكداً في حوار مع الخليج إن أهداف المبادرة التي تحققت في أغلبيتها قبل انقضاء الفترة الزمنية المحددة لها، تشكل دعائم لاستكمال مهام المبادرة في المرحلة المقبلة وهي متابعة آليات تطبيق المبادرات وضمان إنجازها بسلاسة ويسر وتوفير كل الدعم لحماية المنجزات. تحدث عن دور مركز دبي المالي العالمي وإسهاماته في دعم مبادرة الاقتصاد الإسلامي قائلاً إن المركز قام بإنشاء منظومة رائدة تضم كافة الجوانب المتعلقة بالتمويل الإسلامي، بما في ذلك مجموعة من الشركات والمنتجات في مختلف القطاعات والتخصصات. كما أن العديد من شركات المركز وموظفيه ينشطون بشكل فاعل في مجال التمويل الإسلامي. وعلاوة على ذلك يسهم المركز أيضاً في رسم آفاق مستقبل القطاع من خلال جمعية مركز دبي المالي العالمي للتأمين. وقال من جهة أخرى إن هناك اهتماماً متنامياً بمبادرة إعادة التكافل كمبادرة رئيسية تشجع على تبني مختلف المنتجات والسياسات والخدمات بالإضافة لدعم جهود التعاون الدولية مع جهات مثل جمعية التأمين الإسلامي في لندن ومنصة لويدز الموجودة في مركز دبي المالي العالمي، في مسعىً إلى زيادة الوعي وتعزيز استخدام وانتشار منتجات التكافل. هذا بالإضافة إلى دور مبادرة دبي للاقتصاد الإسلامي كشريك استراتيجي لمؤتمر التكافل العالمي الذي يجمع نخبة قادة القطاع وصنّاع السياسات للتعامل مع التحديات والاستفادة من الفرص في هذا القطاع، وذلك لكي يستفيد القطاع من إمكاناته بالشكل الأمثل. وفيما يلي تفاصيل الحوار: } مع اقتراب موعد إنجازها في العام المقبل، ما المدى الذي قطعته مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي العالمي؟ وإلى أي حد اقتربت من تحقيق أهدافها؟ لا شك في أن لدبي الفضل الكبير في المساهمة بهذا التحول العالمي نحو استكشاف فرص الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي ونحو تبني ثقافة وأخلاقيات هذه المنظومة من قبل عالم الأعمال. وفي حقيقة الأمر فإن مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي عالمياً أصبحت واقعاً ملموساً تشهد عليه الإنجازات العديدة التي تحققت في فترة زمنية قصيرة وتبشر بالمزيد من النجاحات مستقبلاً، وذلك بفضل الرؤية السديدة للقيادة، وقد كانت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ومنذ اليوم الأول تقضي بضرورة التحرك بأسرع وتيرة ممكنة من أجل وضع المبادرة موضع التنفيذ. وعلاوة على ذلك تحظى المبادرة بإشراف ومتابعة حثيثين من قبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، كما أنها شهدت تضافراً ملحوظاً لجهود العديد من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في دبي الأمر الذي أسهم في تحقيق النجاح الذي شهدناه. إنجازات فاقت التوقعات إن الإنجازات التي تحققت إلى اليوم فاقت التوقعات على مستويات عديدة واستطاعت دبي أن تقدم نموذجاً فريداً من نوعه يلبي طموح العالم إلى استقرار مالي واقتصادي يشكل قاعدة التنمية المستدامة. اليوم أصبحنا نشهد إجماعاً عالمياً على أهمية وخصوصية الاقتصاد الإسلامي في بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة، وهو الإجماع الذي تجسد بقرارات هيئة الأمم المتحدة فيما يتعلق بالأهداف الإنمائية للألفية الثالثة والتنمية المستدامة. كما أننا نشهد اعترافاً متزايداً من الدول غير الإسلامية بمزايا التمويل الإسلامي والإمكانات التي يوفرها لضمان عدم تكرار الأزمات المالية التي لم تسلم منها أية عاصمة في العالم. أما على صعيد أهداف استراتيجية دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي بشكل خاص فإن تحقيقها لا يقتصر على الفترة الزمنية التي حُددت لها. في السنوات الثلاث الماضية تم تجهيز البنية التحتية لإطلاق المبادرات الخاصة بالركائز السبع، وحرصنا من خلال مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي على دعم وتشجيع شركائنا على بلورة أفكار وبرامج ومبادرات في القطاعات التي تنشط فيها كل جهة. إذا أخذنا قطاع التمويل والصيرفة الإسلامية على سبيل المثال فقد شهدنا على مدى السنوات الماضية العديد من المبادرات التي شجعت توظيف أدوات التمويل الإسلامي في قطاعات متنوعة. ومع انتقال دبي من المركز الثالث إلى الأول عالمياً في إدراج الصكوك، عززت الإمارة نفسها كمنصة موثوقة للصكوك السيادية العالمية والتي تعتبر إحدى الأدوات المالية الملائمة لتلبية متطلبات المرحلة الاقتصادية المقبلة للعديد من دول العالم. الاهتمام العالمي إن الطلب على التمويل الإسلامي بواسطة إصدار الصكوك، قد يصل إلى ما قيمته 421 مليار دولار في 2016 بحسب دراسة لتومسون رويترز، وهذا مؤشرمهم على مدى تنامي الاهتمام العالمي بالتمويل الإسلامي. كما يُتوقع أن تصل أصول القطاع إلى 2.1 تريليون دولار في نهاية العام 2016. في المقابل، توقعت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية نمواً في حجم إصدار الصكوك في العام 2017 من الجهات السيادية والبنوك والشركات بمنطقة الخليج، مع زيادة الاحتياجات التمويلية الإقليمية بفعل انخفاض أسعار النفط. وأضافت موديز في تقريرها إن النمو في السندات الإسلامية أو إصدارات الصكوك استقر في النصف الأول من العام الجاري، ليبلغ نحو 40 مليار دولار. أما الركائز الأخرى لاستراتيجية دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي، فقد نالت اهتماماً من قبل العديد من مؤسسات القطاعين العام والخاص مما جعل دبي تتقدم عالمياً سواء في قطاع الحلال أو الوقف أو المعايير أو الاقتصاد الإسلامي الرقمي. وجاء نجاح دبي في تطوير البنية التحتية للاقتصاد الإسلامي منسجماً مع توجهات الإمارة في بناء منظومة الاستدامة ومجتمعات السعادة والمدينة الذكية وهذه كلها تتيح الاستفادة من ثقافة الاقتصاد الإسلامي وتشريعاته وأخلاقياته لبلورة الخطط المستقبلية وتحفيز الاستثمارات التي تحقق الأمان الاقتصادي والاجتماعي. أعتقد أن أهداف المبادرة التي تحققت في أغلبيتها قبل انقضاء الفترة الزمنية المحددة لها، تشكل دعائم لاستكمال مهام المبادرة في المرحلة المقبلة وهي متابعة آليات تطبيق المبادرات وضمان إنجازها بسلاسة ويسر وتوفير كل الدعم لحماية المنجزات. } يؤكد الخبراء أن توحيد المعايير عنصر أساسي لتحقيق النمو المنشود على مستوى الاقتصاد الإسلامي، فما الدور الذي لعبته وتلعبه دبي والإمارات على هذا المستوى؟ من يتابع مسيرة دبي خلال السنوات الماضية يلمس مدى الاهتمام الذي كرسته الإمارة في تطوير منظومة المعايير التي تضمن للاقتصاد الإسلامي انتشاراً أوسع وثقة أكبر. قبل المبادرة كان مفهوم الاقتصاد الإسلامي يقتصر على بعض المؤسسات والبنوك الإسلامية، ولم تكن هذه المؤسسات تخضع لمرجعيات موحدة أو معايير متوافق عليها. كما لم يكن للاقتصاد الإسلامي هيكليته أو قطاعاته الواضحة. الآن أصبح لدينا منظومة متكاملة، تشمل كافة القطاعات وتنظم العلاقة بينها، وأصبحت كفاءة التمويل مرتبطة أيضاً بمقدار انسجامه مع التوجهات الحكيمة من قبل الدول والأفراد نحو دعم نمو هذه القطاعات. لذا أصبح أمام العالم اقتصاد واضح المعالم والغايات، فقفز الإقبال العالمي على قطاعات الاقتصاد الإسلامي ومنتجاته، حتى أصبح نمو هذه القطاعات يفوق بكثير نمو قطاعات الاقتصاد التقليدي خاصةً في قطاعات التمويل والصكوك والأغذية الحلال حيث وصلت قيمة أصول التمويل الإسلامي في العالم إلى نحو تريليوني دولار، حسب دراسة حديثة لوكالة ستاندرد آند بورز، ومن المتوقع أن تنمو هذه الأصول لتصل إلى 3.24 تريليون في العام 2020. منتجات وأنظمة الحلال إن جهود دبي والإمارات واضحة في هذا الإطار خاصة مع قرار إنشاء هيئة عليا للخدمات المالية والمصرفية الإسلامية، بحيث تتولى وضع المعايير، وتشرف على اللجان الشرعية للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، كما تندرج ضمن مسؤوليات الهيئة الإشراف المباشر على منتجات وعقود المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية، وعلى قطاع التمويل الإسلامي، وإعداد معايير محاسبية للمصارف الإسلامية، ونظام الرقابة والتفتيش على مؤسسات التأمين التكافلي الإسلامي في إمارة دبي، ووضع القواعد والأسس المنظمة للمنتجات الحلال. ولا بد أن نذكر أيضاً مركز الإمارات العالمي للاعتماد الذي تم إطلاقه بهدف تعزيز مكانة دبي في اعتماد منتجات وأنظمة الحلال على مستوى العالم من خلال تطبيق مواصفات الدولة والمواصفات العالمية للحلال والحصول على الاعتراف الدولي من المنظمات الدولية المعنية بما يساهم في تسهيل عمليات التجارة البينية والدولية. أما إطلاق المنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال فشكل خطوة نوعية أخرى في مسيرة بناء منظومة دولية لممارسات تقييم المطابقة في مجال الحلال للوصول إلى الاعتراف بنتائج خدمات تقييم المطابقة على مستوى العالم ومساعدة الدول على بناء وتطوير البنية التحتية للاعتماد. 158 ملياراً عمليات منصة ناسداك دبي للمرابحة أكد عيسى كاظم إن منصة ناسداك دبي للمرابحة تعد مبادرة ناجحة لدبي ومركز دبي المالي حيث إنها تدعم التمويل الإسلامي للأفراد والمؤسسات على حد سواء. وقامت ناسداك دبي بتنفيذ عمليات مرابحة بقيمة 158 مليار درهم منذ إطلاق المنصة. وتتركز جهود ناسداك دبي في الوقت الحالي على جذب المزيد من مستخدمي منصة المرابحة على المستويين المحلي والإقليمي. وعلى صعيد المنتجات الجديدة فإن فريق العمل في دبي يتطلع دائماً لطرح حلول ومنتجات تخدم السوق بما فيها من مؤسسات وأفراد. مشاركة المعرفة باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم أنشطة الأعمال الإسلامية في مركز دبي المالي العالمي، تفرض سلطة دبي للخدمات المالية على الشركات التي تقوم بأعمال إسلامية وضع نظم وآليات محددة تضمن توافق تلك الأعمال مع أحكام الشريعة. وسوف نواصل العمل على تعزيز مكانتنا كمركز رائد للتمويل الإسلامي من خلال تشجيع مشاركة المعرفة والتعاون في القضايا الناشئة المتعلقة بفهم التمويل الإسلامي وممارساته، وتوفير وجهة جديدة لتسجيل برامج الاستثمار الإسلامي، تماشياً مع تزايد إقبال المستثمرين واهتمامهم بمنتجات الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والتي يتم تطويرها وإدارتها في المنطقة. إضافةً إلى ما سبق، يستضيف مركز دبي المالي العالمي بورصة ناسداك دبي، وهي أكبر سوق للصكوك في العالم حيث تبلغ قيمة الصكوك المدرجة 45.55 مليار دولار. وتتزايد أهمية إمارة دبي ومركز دبي المالي العالمي كوجهة جذابة لقطاع التكافل وإعادة التكافل بما يتماشى مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. وقد وصلت قيمة أصول قطاع التكافل وإعادة التكافل إلى 33 مليار دولار في العام 2014، محققة بذلك نمواً مضاعفاً، بينما يتوقع آخرون أن تصل قيمة هذه الأصول إلى 53 مليار دولار بحلول العام 2020. وتستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على نحو نصف هذه السوق، بقيادة كل من السعودية والإمارات. وعلاوة على امتلاكنا بنية تحتية وتنظيمية متطورة لمثل هذه القطاعات، فإننا نسهم أيضاً في رسم آفاق مستقبل القطاع من خلال جمعية مركز دبي المالي العالمي للتأمين. إننا ننظر لإعادة التكافل كمبادرة رئيسية تشجع على تبني مختلف المنتجات والسياسات والخدمات. الاحتياجات الإقليمية والعالمية ردا على سؤال حول دور مركز دبي المالي العالميفي سياق مبادرة الاقتصاد الإسلامي قال عيسى كاظم: تهدف مبادرة الاقتصاد الإسلامي إلى تلبية الاحتياجات الإقليمية والعالمية لأكثر من 1.6 مليار مسلم، بينما يواصل قطاع التمويل الإسلامي نموه إذ تشير التوقعات إلى أن قيمته ستصل في عام 2020 إلى أكثر من 6.7 تريليون دولار، أكدت هذه المنطقة مسبقاً ريادتها في مجال التمويل الإسلامي من خلال طرح أفكار مبتكرة ومهمة في هذا المجال. وفي ضوء التغيرات الحالية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وتطلّع الأفراد والمؤسسات لاستثمارات مالية أخلاقية بديلة وبرامج للتنويع والخصخصة والتحول الاقتصادي، أضحى التمويل الإسلامي يشكل جزءاً مهماً من مستقبلنا. أضف إلى ذلك أنه يجري اليوم استثمار ما يزيد على 260 مليار دولار عبر صناديق إسلامية وهناك ما يزيد على 300 مؤسسة إسلامية تنشط في هذا المجال حول العالم. وبصفته مركزاً مالياً دولياً رائداً في المنطقة وبوابة رئيسية إلى سوق الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا التي تصل قيمة الناتج المحلي الإجمالي فيها إلى 7.8 تريليون دولار، قام مركز دبي المالي العالمي بإنشاء منظومة رائدة تضم كافة الجوانب المتعلقة بالتمويل الإسلامي، بما في ذلك مجموعة من الشركات والمنتجات في مختلف القطاعات والتخصصات. كما أن العديد من شركاتنا البالغ عددها أكثر من 1500 شركة وموظفونا الذين يزيد عددهم على 21 ألف موظف ينشطون بشكل فاعل في مجال التمويل الإسلامي. 167.4 مليار درهم قيمة الصكوك المدرجة في دبي قال عيسى كاظم، نحن نفخر باحتلال المركز الأول كوجهة عالمية لإدراج الصكوك، حيث تبلغ قيمة الصكوك المدرجة في دبي 167.4 مليار درهم (45.55 مليار دولار) وتشمل الإدراجات صكوكاً لحكومات ومؤسسات عالمية وإقليمية كالبنك الإسلامي للتنمية، حكومة هونج كونج، وحكومة إندونيسيا، إضافةً إلى العديد من الشركات المحلية البارزة. ويعود تفوق بورصات دبي على البورصات العالمية إلى مكانة دبي المتميزة ضمن أسواق المال العالمية، وإلى كونها وجهة مثالية للمستثمرين، ناهيك عن تفوق البنية التنظيمية والتشريعية وفق أفضل الممارسات العالمية. وسوف تتركز جهودنا في المرحلة المقبلة على تعزيز صدارتنا كمركز عالمي للصكوك من خلال جذب إدراجات جديدة، والمساهمة في ابتكار المنتجات ذات العلاقة بالصكوك.
مشاركة :