أحياناً... إنها «العزلة» يا صديقي!

  • 7/21/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن عزلك وأنت وسط مجموعة من الناس! إنهم مادة العزل التي تحيط بك إحاطة السوار بالمعصم، والإصابة بالعزلة ليست صعبة، فأي فرد يُمكِّن عزله متى ما وضع الثقة بين يدي حلقة ضيقة لا غير، لتصبح هذه الحلقة هي حواسه الخمس، أما إذا كان هذا الفرد ضعيفاً في الأساس ودُفع إلى الواجهة فهو أقرب للوقوع في بئر العزلة. العزلة لا تعني عدم العلم بمجريات الواقع من حولك، بل أيضاً بتفسير هذه المجريات في الشكل الذي يناسبك للبقاء حيث أنت هناك في عزلتك. في النماذج الظاهرة على السطح من رؤساء، لدينا نموذجان مختلفان من العزلة، بن علي والقذافي ومبارك عانوا عزلة بالأقدمية. الدعة وشعور بالتمكن رسّخ العزلة حتى لا يعود المرء يرى إلا ما يريد أن يرى، هنا تسهم «الحلقة الضيقة» على مدى طويل في «الفلترة» حتى لا يصل إلا ما تريده، ولا يتعارض مع مصالحها. النموذج الجديد مثله الرئيس محمد مرسي، كان الرئيس الأول لمصر بعد ثورة 25 معزولاً من حزبه، والحزب معزول بأسوار الجماعة، وأعتقد أن الرئيس مرسي ظلم بدفعه إلى الواجهة، فهو لم يكن جاهزاً ولا مناسباً أيضاً، وبرز ذلك أكثر من خلال الارتباك في القرارات والتراجع عنها، ثم في أخطاء كارثية في استجلاب الخصوم بدلاً من جمع الصفوف، وكأن هذا لم يكن كافياً. قام كثير من المحسوبين على الجماعة أو الحزب والتيارات المتعاطفة معه بالإساءة في الإعلام «إلى الصورة العامة للتجربة»، النشوة بالوصول إلى السلطة أعمت البصر والبصيرة لتبدأ تباشير «تصنيم» الفرد. سوء الاختيار يولّد سوء اختيار آخر، وفي الملف الاقتصادي - وهو الأخطر في مصر - ظهر عجز فاضح، وفي هذا يقول الخبير الاقتصادي المصري صلاح جودة: «الاقتصاد المصري بحاجة إلى جراحين، وهم أحضروا تمرجية». كان أمام تنظيم الإخوان المسلمين في مصر خيارات للتعامل مع الانقلاب أو التدخل العسكري، بخاصة والأخير مدعوم برغبة شعبية مهما اختلف على حجمها، لكنه اختار المواجهة، وهو هنا يقامر حتى بشعار «الإسلام هو الحل». التجربة لا تشير إلى أن هذا الحل سينجح إذا أتى من فكر الجماعة، المقامرة تجاوزت هذا إلى تنظيم الجماعة نفسه، السبب أن المسألة سياسية فشارك في تحويلها إلى دموية، وإذا سلمنا تمام التسليم بالقول إن تنظيم الجماعة في مصر ظلم واغتصبت منه الشرعية، فهو بالمواجهة قدّم الذرائع لخصومه، وجهز الميدان للمقامرة بالدولة المصرية نفسها، وكان في السياسة مجال فسيح للعودة بشكل أفضل. كانت فرصة للإخوان في مصر أن ينسحبوا من الواجهة لأنهم غير مستعدين، لكنها نشوة السلطة وطعمها.   www.asuwayed.com

مشاركة :