أرسلت الحكومة الأردنية إلى البرلمان أمس مشروع قانون معدلاً لقانون منع الإرهاب ينص على تجريم كل أردني يقاتل أو يلتحق أو يسعى إلى اللحاق بالجماعات «المتشددة» التي وصفها بـ «الإرهابية»، وهو ما اعتبر إدانة واضحة بـ «الإرهاب» لآلاف المقاتلين الأردنيين في سورية والعراق واليمن، إضافة إلى العديد من دول النزاعات التي تشهد وجوداً لأفرع تنظيم «القاعدة». وجاء القانون بعد أسابيع من إقرار المملكة العربية السعودية قانوناً مماثلاً قالت إنه «موجه إلى المتشددين». وأحال البرلمان مشروع القانون على اللجنة القانونية التي طالبت الحكومة بمناقشته في أسرع وقت، وقالت إنه «يتعلق بالأوضاع في سورية» التي تؤثر الأحداث فيها عملياً في المملكة. ووسع مشروع القانون المعدّل «جرائم الإرهاب» لتشمل «الالتحاق أو محاولة الالتحاق بأي جماعة مسلحة أو تنظيمات إرهابية أو تجنيد أو محاولة تجنيد أشخاص للالتحاق بها، وتدريبهم لهذه الغاية، سواء داخل المملكة أو خارجها». كما جرّم «تقديم الأموال أو إدارتها بأي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة بقصد استخدامها لارتكاب عمل إرهابي أو تمويل الإرهابيين، سواء وقع العمل أم لم يقع داخل المملكة أو خارجها». وشمل مشروع القانون تعديلات أخرى طاولت قضايا النشر الإلكتروني، في إشارة إلى المواقع والمنتديات الجهادية التي وصفها بـ «المتطرفة». وجرّم «استخدام نظام المعلومات، أو الشبكة المعلوماتية، أو أي وسيلة نشر أو إعلام، أو إنشاء موقع إلكتروني لتسهيل القيام بأعمال إرهابية، أو دعم لجماعات أو تنظيم أو جمعية تقوم بأعمال إرهابية، أو الترويج لأفكارها أو تمويلها، أو القيام بأي عمل من شأنه تعريض الأردنيين أو ممتلكاتهم لخطر أعمال عدائية أو انتقامية». كما شمل قضايا النشر كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع «يوتيوب». وأعاد القانون تعريف العمل الإرهابي، وقال إنه «كل عمل أو امتناع عن عمل، أو التهديد به، أياً تكن بواعثه أو أغراضه أو وسائله، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي، فردي أو جماعي، من شأنه تعريض سلامة المجتمع وأمنه الى الخطر، أو إحداث فتنة، إذا كان من شأن ذلك الإخلال بالنظام العام، أو إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم، أو تعريض حياتهم الى الخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو المرافق أو الأملاك العامة الخاصة، أو المرافق الدولية، أو البعثات الديبلوماسية، أو احتلال أي منها، أو الاستيلاء عليها، أو تعريض الموارد الوطنية أو الاقتصادية الى الخطر، أو إرغام سلطة شرعية أو منظمة دولية أو إقليمية على القيام بأي عمل، أو الامتناع عنه أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو الأنظمة». وعدّل مشروع القانون العقوبات الواردة في القانون القديم، وشدد بعضها، اذ نص على معاقبة كل عمل إرهابي بالأشغال الشاقة مدة 5 سنوات، كما نص على عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة «إذا نجم عن العمل الإرهابي إلحاق الضرر، ولو جزئياً، في بناية عامة أو خاصة أو مؤسسة صناعية أو سفينة أو طائرة أو أي وسيلة نقل أو أي منشأة أخرى، أو أدى العمل إلى تعطيل سبل الاتصالات وأنظمة الحاسوب أو اختراق شبكاتها». كما نص على عقوبة الإعدام لكل من يرتكب عملاً إرهابياً «إذا أفضى إلى موت إنسان، أو أفضى العمل الإرهابي إلى هدم بناء، بصورة كلية أو جزئية، وكان فيه شخص أو أكثر، أو إذا تم ارتكاب العمل الإرهابي باستخدام المواد المتفجرة أو الملتهبة أو المنتجات السامة أو المحرقة أو الوبائية أو الجرثومية أو الكيماوية أو الإشعاعية أو بوساطة أسلحة أو ذخائر، أو ما هو في حكم هذه المواد». ونص القانون أيضاً على معاقبة الشريك في الجريمة بعقوبة الفاعل الأصلي «إذا اشترك بالجريمة أو تدخل فيها أو حرّض عليها أو ساعد في ارتكابها، بعقوبة الفاعل الأصلي، سواء ارتكبت الجريمة داخل المملكة أو خارجها». وفي رد فعل هو الأول من السلفيين الجهاديين في الأردن (فرع القاعدة) على مشروع القانون، اعتبر زعيم الجهاديين جنوب البلاد أن التعديلات الجديدة «تستهدف في الأساس المقاتلين الأردنيين من أعضاء التنظيم في سورية». وقال محمد الشلبي الشهير بـ «أبو سياف» لـ «الحياة» إن «التعديلات المذكورة هدفها تجريم الشباب الأردني المجاهد في سورية دفاعاً عن أعراض المسلمين السنة». وأضاف أن «محكمة أمن الدولة العسكرية حاكمت أكثر من 50 شاباً ممن عادوا من سورية أو حاولوا التوجه إليها، وقضت عليهم بالسجن بين عامين ونصف عام وخمسة أعوام، واليوم يعدّلون القانون لتصنيف نحو 2000 شاب يقاتلون هناك كإرهابيين وإدانتهم بالسجن لفترات طويلة». واتهم مدير المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأردن عبد الكريم الشريدة السلطات الأردنية بـ «العمل على إرهاب المواطنين عبر قوانين تنتهك الحقوق وتستهدف الحريات». وحذر في تصريح إلى «الحياة» من أن يستخدم القانون المذكور «لاستهداف الناشطين السياسيين». وقال إن «السياسة التشريعية في الأردن غير واضحة، وتشوبها تدخلات عدة من جهات مختلفة، الأمر الذي تنتج منه قوانين تخالف سياسة تعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان». لكن الحكومة الأردنية رفضت اتهامات المنظمة الحقوقية، وشددت على أن القانون سيستخدم فقط ضد المتورطين بأعمال إرهابية. وفي شأن غير بعيد، قال قائد حرس الحدود الأردني العميد الركن حسين الزيود إن «التحدي الأبرز الذي يواجه حرس الحدود الأردني قرب الحدود الأردنية - السورية هو محاولات تسلل الجماعات المسلحة المتطرفة من الأردن واليه». وأضاف خلال جولة مطولة مساء أول من أمس في الواجهة الشمالية الشرقية من الحدود، أن «هناك تعليمات واضحة بمنع اجتياز الجماعات والأفراد المتسللين بطرق غير شرعية». وأكد أن حرس الحدود «ملتزمون قواعد الاشتباك عند الحدود حال وجود متسللين متطرفين غير شرعيين». واستطرد قائلاً: «ندافع عن أنفسنا وفق قواعد الاشتباك». وبدأت الحكومة الأردنية قبل أيام غلق كل المعابر غير الشرعية بين محافظة درعا السورية ولواء الرمثا الأردني شمال المملكة لأسباب بُررت بأنها أمنية، فيما تم إبقاء المعابر مفتوحة بين محافظتي السويداء السورية والمفرق الأردنية شرق البلاد، ليعبر من خلالها يومياً مئات اللاجئين الفارين من الحرب الطاحنة في بلدهم. الأردنالإرهاب
مشاركة :