مع انهيار اتفاق جديد لخفض الأسلخة النووية، يحذر الباحث جيفري لويس، من أن واشنطن وموسكو تجلسان الآن على مخزون من البلوتونيوم كاف لصنع عشرات آلاف الأسلحة النووية. واستعرض في مقال بمجلة فورين بوليسي الأمريكية كتاباً بعنوان محكومون بالتعاون من إعداد سيغريد هكر، عن فترة التعاون بين روسيا والولايات المتحدة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة قبل 25 عاماً. ويعرض الكتاب الذي يقع في ألف صفحة مقالات ومقابلات عن تلك الحقبة الواعدة من التعاون بين الجانبين في المجال النووي. واستوحى هكر عنوان الكتاب من قول مشهور لأحد العلماء السوفيات جاء فيه إن الخطر المشترك الذي نواجهه من الأسلحة النووية يجعلنا محكومين بالعمل معاً والتعاون معاً. ويصل هكر إلى نتيجة مفادها أن هذه الرسالة لم تصل بالتأكيد إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أصدر الأسبوع الماضي مرسوماً يعلق فيه العمل باتفاق مع الولايات المتحدة حول التخلص من مادة البلوتنيوم. ويضع المرسوم حداً لواحد من إتفاقات التعاون المتبقية من تلك الفترة البارزة. وعقب الحرب الباردة اتفقت الولايات المتحدة وروسيا على التخلص من أطنان من البلوتونيوم للتأكد من عدم إستخدامها مجدداً في صنع القنابل. وإذا عاد المرء بالذاكرة إلى الأيام المظلمة للحرب الباردة أو قرأ عنها في كتاب، يعرف أن الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي كانا يملكان عشرات الآلاف من الأسلحة النووية. لكن كلا من الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي صنع ثلاثة آلاف رأس نووي، مما يعتبر ترسانة تتخطى أي غرض يمكن تصوره. وفي قلب معظم هذه الأسلحة أجزاء قليلة من البلوتونيوم. ويلفت الكاتب إلى أن واشنطن وموسكو خطت خطوات واسعة في مجال خفض ترسانتيهما النوويتين، مع أنهما لا تزالان تملكان ما يكفي من الأسلحة النووية الكافية لتدمير بعضهما البعض. وخفضت الولايات المتحدة ترسانتها مثلاً من ذروتها التي وصلت إلى 32255 سلاحاً نووياً عام 1967 إلى 4571 عام 2015. وكذلك تملك روسيا ترسانة لا تقل عن ذلك. ومن الطبيعي أن الأسلحة النووية التي تصير خارج الخدمة تكون في حاجة إلى تفكيك . وفي الولايات المتحدة هناك آلاف الأسلحة النووية تنتظر التفكيك. ويصل عددها إلى 2022، ويشكك خبراء في أن الولايات المتحدة ستحقق هذا الهدف. وحتى عندما يجري تفكيك سلاح، فإن البلوتنيوم الذي يوجد في داخله يبقى صالحاً. وطالما هذا البلوتنيوم موجود فإنه يمكن نقله إلى قنبلة نووية أخرى. ولدى كل من الولايات المتحدة وروسيا الكثير والكثير من البلوتنيوم المتبقي من الحرب الباردة. ولا تنتج أي من الدولتين مزيداً من البلوتنيوم أو ذلك النوع المخصب الصالح لصنع سلاح نووي، لكن لدى الجانبين ما يكفيهما. وتقدر اللجنة الدولية للمواد الانشطارية في جامعة برنستون مخزون الولايات المتحدة من البلوتنيوم المخصب ب88 طناً مترياً بينما تملك روسيا منه 128 طناً مترياً . ويحتاج السلاح النووي إلى أربعة كيلوغرامات من البلوتنيوم. وبمعادلة حسابية يتبين أن الولايات المتحدة يمكن أن تصنع بمخزونها 22 ألف سلاح نووي بينما تستطيع روسيا أن تصنع 32 ألف سلاح نووي. ويذكر الكاتب بأنه ساد اعتقاد جماعي لدى العلماء الأمريكيين والروس أنه بإمكانهم فعل شيء لمواجهة الخطر المشترك الذي تشكله الأسلحة النووية. وربما كانوا يمزحون في شأن أنهم محكومون بالتعاون لكنه كان مزاحاً ساخراً. ويخلص الكاتب إلى أن هؤلاء الرجال والنساء الذين عهد إليهم صنع أسلحة لتدمير بعضهم البعض لا يزالون يؤمنون أنه في الإمكان العمل معاً لجعل العالم أكثر آماناً. لقد فقدنا هذا الشعور. ومن دون الإعتقاد بامكانية التعاون، نحن محكومون بالفشل طبعاً.
مشاركة :