تقترب معركة «درع الفرات 3» من تحقيق أهدافها وذلك من خلال السيطرة على القرى الواقعة شرق مدينة مارع، وجنوب بلدة الراعي، فقد سيطرت فصائل المعارضة المعتدلة على عدة قرى وبلدات أبرزها بلدات تركمان وبارح وأخترين. واقترب الثوار من قرية دابق ذات الرمزية التاريخية والدينية ولا سيما في صفوف «داعش». ويقول مصطفى سيجري الناطق باسم «لواء المعتصم» العامل في ريفي حلب الشمالي والشرقي لـ «الحياة»: «تفصلنا عن دابق 4 كيلومترات. وما يؤكد أهمية البعد العقائدي لدابق عند التنظيم إطلاق اسم «دابق» بكسر الباء على مجلته الإنكليزية، واسم «الأعماق» على وكالة أنبائه. وفي هذا الصدد يقول الشيخ أحمد الحساني من أعزاز: «يسقط التنظيم أحاديث علامات الساعة على الأحداث الجارية، ويُقنع عناصره بأن يوم القيامة قد اقترب، وهم الفئة المنصورة التي ستقهر الكفار». ولا يقتصر الأمر على الرمزية الدينية، إذ تحمل دابق رمزية تاريخية أيضاً، فيقول أستاذ التاريخ عيسى أيوب من ريف حلب لـ«الحياة»: «على مرج دابق وقعت عام 1516 معركة بين العثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول وبين المماليك بقيادة قانصوه الغوري. وانتصر العثمانيون في المعركة ليحكموا بعدها أربعة قرون» ولا يشير التنظيم الى هذه المسألة في أدبياته. وقد ذكر البغدادي دابق في كلمته العام الماضي لمقاتليه وأنصاره رافعاً من معنوياتهم، فقال: «لا يجرؤون على المجيء لأنهم يعلمون يقيناً، ما ينتظرهم من الأهوال والويلات في الشام والعراق وليبيا وأفغانستان وسيناء وأفريقيا واليمن والصومال. يعلمون ما ينتظرهم في دابق والغوطة من الهزيمة والهلاك والدمار، يعلمون أنها الحرب الأخيرة، وبعدها نغزوهم ولا يغزوننا». وما يدل على أنّ ذلك عقيدة راسخة عند «داعش» كلام أبو محمد العدناني عندما قال مخاطباً عناصره: «واصلوا زحفكم وأعيدوا رسم الخارطة إنكم بتّم أمل المستضعفين في كل مكان... وإن لكم موعداً في بغداد ودمشق والقدس إن لكم موعداً في دابق والغوطة»، وقال العدناني بالسياق نفسه وفي شكل أوضح في خطبة أخرى: «عمّا قريب بحول الله وقوته تنكسر هذه الحملة الصليبية، ولنا بعدها إن شاء الله لقاء في القدس، وموعد في روما، تهزم فيه جيوش الصليب في دابق». وقد قام عناصر «داعش» ولا سيما «محمد أمين منصور وأولاده» بالاستيلاء على كثير من بيوت أهالي القرية وتجهيزها لمقاتلي التنظيم القادمين، كما قال الناشط أحمد الحلبي من ريف حلب الذي تابع شارحاً تحضيرات التنظيم: «حفر داعش أنفاقاً بين المنازل استعداداً لحرب شوارع، وقام بفتح بيوت أهل القرية، وترك الأبواب مفتوحة». وعن التفخيخ قال: «عندما خرجت لم تكن البيوت قد فخخت بعد، ولا أعلم إذا قام بتفخيخها لاحقاً، فقد رأيت الأنفاق وفتح البيوت» ويؤكد كثير من أهالي دابق أن حالة من الخوف والرعب تعتري كثيراً من عناصر «داعش» ولا سيما المحليين خلافاً للعناصر القادمة من خارج المنطقة ويضيف: «لاحظ الجميع حالة الإرباك والخوف في صفوف عناصر التنظيم، وليس أدل على ذلك من هروب أبو رامي النعسان أبرز عناصر داعش من القرية لجهة مجهولة». يذكر أنّ أهالي دابق جميعاً نزحوا من القرية إلى المناطق المجاورة، مع اقتراب المعارك من قريتهم. ويقول مصطفى سيجري، وهو من أبناء البلدة: «دابق نقطة ربط والتقاء بين الراعي، ومارع والباب، والسيطرة عليها تعني الانطلاق بقوة نحو الباب». ويتابع: «معركة دابق لن تكون كباقي المعارك، فالتنظيم حشد مئات المقاتلين، وعلى رأسهم ما يسمى جيش العسرة، وهو القوات الخاصة للبغدادي» وسيكون لخسارة التنظيم معركة دابق نتائج مزلزلة على التنظيم، فتحرير دابق يعني سقوط خرافة داعش». ولا ترتبط معركة دابق بالصراع الدائر بين الثوار و «داعش» إنما تأخذ أبعاداً أخرى، فالثوار يتطلعون إلى الوصول لمدينة الباب قبل القوات الكردية، وذلك لا يتحقق قبل السيطرة على «دابق» والسيطرة على الباب تمهد حكماً للسيطرة على منبج، وبالتالي إخراج القوات الكردية الى شرق الفرات.
مشاركة :