اسطنبول - قال متعاملون إن الليرة التركية هبطت الأربعاء إلى مستوى قياسي منخفض أمام الدولار بفعل المخاوف من غموض سياسي ربما ينجم عن خطوة حكومية جديدة للمضي قدما في تشريع للتحول إلى نظام رئاسي. وأضافوا أن مثل ذلك السجال السياسي قد يشتت الانتباه بعيدا عن معالجة اقتصاد يفقد قوة الدفع. وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم قد ألمح إلى تلك الخطوة في كلمته أمام أعضاء حزبه الحاكم العدالة والتنمية في أنقرة. وتراجعت قيمة العملة التركية إلى نحو 3.0974 ليرة للدولار ثم تحسنت في الساعة 13.15 بتوقيت غرينتش إلى 3.0940 ليرة. وكان آخر مستوى قياسي منخفض سجلته العملة التركية في 20 يوليو/تموز بعد محاولة الانقلاب الفاشلة بخمسة أيام. وليست هذه المرة الأولى التي تهوي فيها قيمة العملة التركية بفعل السجال السياسي الذي دفع نحوه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر من مرة منذ توليه الرئاسة في 2014. وقد سبق أن تدخل بقوة في مارس/اذار 2015 مهددا استقلالية البنك المركزي على خلفية خلافات معه حول اسعار الفائدة. وحذر أردوغان حينها من أن الدفاع عن أسعار الفائدة المرتفعة يعتبر "خيانة"، وقال إن على محافظ البنك المركزي ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية (وقتها) أن "يطورا أداءهما". وتسببت ضغوطه لتخفيض أسعار الفائدة في اضطراب قيمة العملة التركية لكنه تجاهل كل التحذيرات بما فيها تلك الصادرة عن البنك المركزي. وكان محللون قد اعتبروا ضغوط أردوغان محاولة لتطويع المؤسسة المالية المسؤولة عن السياسة النقدية لصالح أجندته السياسية. وقال شق منهم إن الهدف من ضغوطه يتعدى التطويع إلى اسلمة مؤسسات الدولة وأن البنك المركزي يكتسي أهمية كونه المؤسسة المسؤولة عن السياسة النقدية. وتهاوت قيمة العملة التركية أيضا إلى أدنى مستوياتها في 2015 حين جرت الانتخابات التشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 التي خسر فيها العدالة والتنمية الأغلبية في البرلمان والانتخابات المبكرة التي جرت لاحقا بعد فشل تشكيل الحكومة حينها والتي أفضت إلى استعادة الاسلاميين هيمنتهم على البرلمان. وتهيمن المخاوف على المستثمرين بسبب تدخلات أردوغان والسجالات السياسية التي تتفجر من حين إلى آخر ما يجعل المشهد السياسي التركي أكثر غموضا وطاردا للاستثمارات. ويحتاج المستثمرون إلى مناخ من الثقة والاستقرار السياسي والأمني لضخ استثمارات في السوق التركية، إلا أن هذه العوامل غير متوفرة بفعل المواجهات العسكرية بين القوات التركية والمتمردين الأكراد وأيضا بسبب الهجمات الارهابية التي خلفت العشرات من القتلى والجرحى وتبنى معظمها تنظيم الدولة الاسلامية. واضافة إلى هذه العوامل تبقى سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان عاملا مهما دفع نحو اختلال التوازنات المالية والاقتصادية. وتلميح يلدريم إلى تحول من نظام برلماني إلى نظام رئاسي دفع نحوه الرئيس التركي بشدة منذ 2014، بإقصاء معظم خصومه من طريقه. والتحول إلى النظام الرئاسي يحتاج إلى تعديل دستوري أو استفتاء لكنه لم يعد أمرا شاقا كما كان في السابق، حيث يتمتع حزب العدالة والتنمية الاسلامي بغالبية برلمانية مريحة تمكنه من تمرير التعديلات الدستورية.
مشاركة :