دبي: محمد إبراهيم أثارت طول المقررات الدراسية وصعوبة المناهج غضب شريحة كبيرة من أولياء الأمور في الميدان التربوي، إذ تقدموا بشكاوى متعددة لالخليج، تصف معاناة أبنائهم في المراحل الدراسية المختلفة، الأولى والثانية والثانوية، بسبب صعوبة المناهج الدراسية، فضلاً عن طول المقررات ، التي بلغت في بعض المواد مثل الرياضيات والعلوم، ما يقرب من 360 صفحة في الفصل الدراسي الأول، وذلك قبل انطلاق امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول ب10 أيام، والمقرر انعقادها يوم الأحد الموافق 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري. وتصدر أولياء أمور طلبة المرحلة الابتدائية الشكاوى، حول المقررات الدراسية، فيما تفاوتت نسب الشكاوى في المرحلتين الثانية والثانوية، مؤكدين أن مذاكرة الأبناء تبدأ بصراخ الأمهات وتنتهي دائما بعويل وبكاء الأبناء، والمحصلة الدراسية صفر، فضلاً عن عدم دافعية معظم الأبناء للذهاب إلى المدرسة. في وقت تعتزم وزارة التربية والتعليم، تنظيم لقاء موسع بين مديري المدارس، والقائمين على تطوير المناهج، بحضور أولياء الأمور، لمناقشة مستجدات المناهج الدراسية المطورة. استيعاب الطلبة وفي التفاصيل، عبّر عدد من أولياء الطلبة لالخليج، عن استيائهم من طول المقررات الجديدة في المراحل الدراسية كافة، فضلاً عن صعوبة استيعاب الطلبة في بعض المواد مثل العلوم والرياضيات وبعض دروس اللغة العربية، بالإضافة إلى عدم إلمام بعض المعلمين لماهية تلك المقررات، وحاجاتهم إلى تدريب لفك رموزها. يرى ولي الأمر عيسى محمد الرضوان، أن أبناءه يدرسون في المرحلة الابتدائية، وبعض المناهج الدراسية الجديدة أعلى من مستوى قدرات الطلبة العقلية، إذ إن المعلومات مكثفة جداً، ومحشوة بطريقة غير مفهومة وغير محببة لدى الطفل، مما يفرز ضعفاً في تطوير المهارات وعدم القدرة على التكيف مع المنهج، فضلاً عن استغراق أولياء الأمور نفسهم وقتاً طويلاً لاستيعاب وتحليل المادة ومساعدة الأبناء في عملية المذاكرة. وأضاف أن والدة تعاني دائماً عدم فهم الطفلة لمصطلحات المادة الدراسية، لاسيما في مواد اللغة العربية والرياضيات والعلوم، التي بلغت عدد صفحاتها ما بين 200-370 صفحة في الفصل الدراسي الأول فقط، الأمر الذي أجهض دافعية أبناء تلك المرحلة، وباتت المذاكرة عملية شاقة تبدأ بصراخ وتنتهي ببكاء الطرفين. وأكد أهمية تأهيل المعلمين للتعامل مع المناهج الجديدة، لاسيما أن هناك البعض منهم لم يعِ ماهية المقررات الجديدة، وكيفية تطبيق الخطة الدراسية للانتهاء من المنهاج بوقت كاف، يسبق امتحان نهاية الفصل الدراسي الأول. تصعيد في التصعيب وأفاد ولي الأمر محمد حسن الشحي، ولديه 3 أبناء في المدارس ويدرسون بمراحل مختلفة تضم الصفوف، الأول والثالث والتاسع، أن المناهج اختلفت بشكل كبير عما كانت عليه سابقاً، وشهدت المناهج الجديدة تصعيداً كبيراً في تصعيب المادة الدراسية، الأمر الذي ينتج عنه نتائج عكسية على الطالب وولي الأمر أيضاً، إذ يخوض معارك قوية مع الأبناء في عملية المذاكرة، وفي النهاية يتم تسليم الراية إلى معلم خصوصي، وبعد أن فتحت المناهج الجديدة باب الدروس الخصوصية على مصراعيه، مما يعدّ استنزافاً لجيب المواطن، وإرهاقاً آخر يضاف على كاهله المُرهق. ودعا المختصين والمعنيين، بضرورة إعادة النظر في وضعية هذه المناهج الدراسية الحديثة المطورة لتتأسس على الوسطية والاعتدال، لتناسب جميع مستويات الطلبة بداية من المتوسط إلى الممتاز، من أجل عدم تعثرهم في الدراسة. لا نرفض التطوير أما ولية الأمر مريم محمد، ولديها 4 أبناء في الصفوف الدراسية الثامن والرابع والعاشر، فأكدت أن معاناة الطلبة من المناهج الجديدة لم تقتصر على أطفال المرحلة الابتدائية فحسب، بل بات الموقف صعباً مع طلبة المرحلة الثانوية، الذين افتقروا إلى الدافعية للدراسة، نظراً لصعوبة المنهاج الدراسي الجديد خاصة مادتي العلوم والرياضيات واللتين تحتويان على مفاهيم ومصطلحات معقدة وصعبة، وبدأ الجميع يشكو منهما وبلا استثناء سواء الطالب المتفوّق أو المتوسط في المستوى الدراسي. وقالت: لا أحد يرفض التطوير والتغير إلى الأحسن، ولكن توجد سلبيات كثيرة في تصعيد صعوبة المناهج الدراسية الحديثة المطورة وبالأخص المواد العلمية، التي تتطلب مجهوداً ذهنياً خاصاً ومضاعفاً كمادتي العلوم والرياضيات، فأولياء الأمور يعانون في عملية تدريس أبنائهم، وهذا واقع لا مزايدة فيه، بسبب صعوبة المنهاج الدراسي، الذي فاقت قدرات الطالب ومقدرته على الاستيعاب. وأضافت أن بعض المواد التي كانت مقررة دراستها في المرحلة الإعدادية، أصبحت من نصيب صغار المرحلة الأساسية المبكرة، والمناهج التي كانت مقررة في الثانوية أصبحت مقررة في المرحلة الإعدادية، وهكذا فإن كل مرحلة قد فرض عليها مقرر يفوق طاقة الطالب على الاستيعاب وبمراحل، معبرة عن أملها في تناول الموضوعات العلمية، بشكل محبّب، بعيداً عن أي شكل من أشكال التعقيدات التي تدعو الطفل إلى الرفض والنفور. وفي رأيه أشار ولي الأمر سعيد حمدان، ولديه طالبان في المرحلة الإعدادية إلى عدة نقاط حول طبيعة المناهج الدراسية لهذه المرحلة، إذ يرى أن معظم المناهج وبالأخص العلمية منها محشوة بمعلومات، لا تنفع قدرات الطفل في تلك المرحلة، ولا يستطيع استيعابها وستؤدي به إلى عدم تطوير مهاراته. وفي رأي علم النفس، ترى الدكتورة غاية عيسى أن المراحل الدراسية المختلفة تمثل أعماراً مختلفة، لديهم القدرة على الاستيعاب والتحصيل الدراسي، لذلك ينبغي أن ننتبه إلى تلك الميزة وتوظيفها بشكل صحيح من خلال رفد الطالب بمعلومات جاذبة ومشوقة، ترفع من درجة دافعيته نحو عملية التعليم والتعلم، فضلا عن ضرورة ابتعاد أولياء الأمور عن أسلوب عقاب وتعنيف الطالب خلال عملية المذاكرة في البيت، لاسيما أبناء المرحلة التأسيسية، إذ ينعكس ذلك سلباً على مقومات الطالب الشخصية وسلوكاته فيما بعد. وأضافت أن صعوبة المناهج تخلق حاجزاً بين الطالب والكتاب المدرسي، فينبغي مراعاة تلك الأمور عند الإعداد، موضحة أن أبقاء المناهج الدراسية دون إخضاعها لدراسة علمية بشكل مستمر في ضوء ما يستجد من أهداف وأساليب، أمر يؤدي إلى تعويق خطر في العملية التعليمية، نظراً لأهمية تشخيص وعلاج صعوبات المناهج الدراسية في آن واحد. مناقشة مستجدات المناهج أكدت وزارة التربية والتعليم، تنظيم لقاء موسع بين مديري المدارس والقائمين على تطوير المناهج، بحضور أولياء الأمور، لمناقشة مستجدات المناهج الدراسية المطورة، مؤكدة في تعميم حصلت الخليج، على نسخة منه، أن ذلك الاجتماع يأتي بناء على المؤشرات التشغيلية لمبادرات الخطة الاستراتيجية للعام الدراسي 2016-2017، الخاصة بتطوير المناهج الدراسية، وما تقتضيه أعمال التأليف للوقوف على مدى تحقيقها للمعايير والنواتج التي بنيت على ضوئها. وأشارت الوزارة إلى أن مكان انعقاد اللقاء سيكون داخل المركز الإقليمي للتخطيط التربوي في الشارقة اليونيسكومحددة مواعيد انعقاد لكل منطقة تعليمية، ومشددة على ضرورة حضور مديري المدارس وأولياء الأمور، للاستماع إلى آرائهم. وأضافت أن لقاء منطقة دبي التعليمية تقرر أن يكون الأحد المقبل الموافق 16 أكتوبر الجاري، يليه لقاء منطقة الشارقة التعليمية يوم الأربعاء الموافق 19منه، وحددت لقاء مشترك لمنطقتي عجمان وأم القيوين، يوم الأحد الموافق 23 من الشهر ذاته، بينما حددت لمنطقة رأس الخيمة موعد 25 من الشهر نفسه، وأخيراً منطقة الفجيرة ومكتب الشارقة الشرقية بتاريخ 27 منه. حلقة مفقودة في الميدان التربوي في الواقع لا أحد ينكر ما بذلته وزارة التربية والتعليم من جهود لتطوير المناهج، من أجل الارتقاء بالمحتوى العلمي للمقررات في المراحل الدراسية كافة، وتحقيق أعلى درجات الجودة في المخرجات، لمواكبة النظم التعليمية العالمية، ولكن المشهد التربوي، يؤكد أن هناك حلقة مفقودة، بين الميدان بعناصره المعلم والطالب وولي الأمر والقائمين على التطوير، فتلاقي وجهات النظر أمر غاية في الأهمية في تلك المرحلة، وتوضيح أدوار وواجبات الجميع أمر مفروض، ليظل في مجتمعنا ثقافة قبول التغير، وليس هناك إشكالية في تصحيح الأخطاء إن وجدت، فالجميع يعمل من أجل رفعة هذا الوطن.
مشاركة :