تختتم اليوم أعمال الدورة الـ 23 من المؤتمر الدولي للطاقة، الذي بدأ أعماله في إسطنبول قبل أيام قليلة بمشاركة عدد من الرؤساء ووزراء الطاقة في مختلف دول العالم وقد شهد أمس انطلاق الاجتماع التشاوري الذي ضم كبار المنتجين داخل "أوبك" والمنتجين الآخرين غير الأعضاء في المنظمة وعلى رأسهم روسيا، وركز الاجتماع على بحث مشاركة المنتجين خارج "أوبك" في اتفاق الجزائر المبدئي حول خفض إنتاج النفط. وبدأ وزراء الطاقة من قطر والإمارات والجزائر وفنزويلا وروسيا محادثات مغلقة غير رسمية مع الأمين العام لمنظمة أوبك في إسطنبول في إطار محاولتهم تنسيق الجهود لاستعادة التوازن بسوق النفط. ويعقد مسؤولو "أوبك" سلسلة اجتماعات في الأسابيع المقبلة لوضع تفاصيل اتفاق توصلوا إليه في الجزائر الشهر الماضي لخفض إنتاج النفط خفضا متواضعا هو الأول من نوعه منذ 2008 ومع سعيهم لتعاون المنتجين غير الأعضاء في المنظمة. ومالت أسعار النفط للارتفاع قرب 53 دولارا للبرميل بدعم من زيادة الواردات النفطية الهندية وتنامي الآمال في نجاح الاجتماع التشاوري بين "أوبك" والمنتجين المستقلين بشأن ترتيبات الانضمام إلى اتفاق خفض الإنتاج. وفي هذا الإطار، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن الدورة الاقتصادية الحالية في سوق النفط الخام شهدت تهاويا واسعا للأسعار بسبب تخمة المعروض حيث تعتبر من أصعب وأشد الدورات الست الماضية على السوق، مشيرا إلى انخفاض الأسعار بنسبة أكثر من 80 في المائة في الفترة من منتصف 2014 حتى بداية العام الجاري. وقال باركيندو – في تقرير لمنظمة "أوبك" عن مشاركة الأمين العام في مؤتمر الطاقة الدولي في إسطنبول – إن تهاوي الأسعار كانت له آثار سلبية على الاستثمار ويمكن القول بأنها تهدد إمدادات الطاقة في المستقبل. وأوضح باركيندو أن الأشهر الماضية شهدت تقاربا في وجهات النظر بين الدول المنتجة والمستهلكة وذلك للمرة الأولى في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن الدول المستهلكة تشعر بالقدر نفسه من قلق الدول المنتجة وربما أكثر فيما يتعلق بدورة الأسعار. ويعتقد باركيندو أن الدورة الحالية استغرقت وقتا أطول من المتوقع بحسب تقديرات الدول المنتجة والمستهلكة على السواء حيث إن الجهات المعنية بدراسة السوق والتنبؤ بالمتغيرات سبق أن توقعت أن الدورة الحالية لن تستمر لفترة أطول من ستة أشهر أو عام واحد. وعبر الأمين العام للمنظمة البترولية الأشهر في العالم عن ثقته في السيناريوهات والتوقعات التي طرحها مجلس الطاقة العالمي ومنها أنه بحلول عام 2030 فإن الطلب على الطاقة سيبلغ ذروته مع احتمال نفاد الاحتياطيات في عام 2060. وشدد باركيندو على أن الطلب على الطاقة سيستمر في الارتفاع، مشيرا إلى أن النمو السكاني العالمي مستمر بوتيرة قوية، خاصة في العالم النامي، وهو من المتوقع أن يجعل الاقتصاد العالمي يحافظ على النمو منوها إلى أنه وفقا لتقديرات "أوبك" فإنه من المتوقع أن يرتفع الطلب بنحو 17 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040 ليصل الطلب العالمي المتوقع على النفط الخام إلى ما يقرب من 120 مليون برميل يوميا. وحول الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الجزائر الشهر الماضي، قال تقرير "أوبك" نقلا عن باركيندو أن الاتفاق كان دليلا على التزام جميع الدول الـ 14 الأعضاء في "أوبك" وسعيهم إلى تحقيق أهداف الاستقرار والأمن في المنظمة. من جانبه، أكد عبد اللهييف روفناج رئيس شركة النفط الوطنية في أذربيجان "سوكار" - التي تنتج النفط والغاز الطبيعي من الحقول البرية والبحرية في بحر قزوين - أهمية وجود بيئة سياسية واقتصادية مستقرة لدعم صناعة النفط الخام، مشيرا إلى أن أذربيجان تقوم بمشروعات واسعة النطاق في مجال النفط أو الغاز وهذا الأمر لم يكن ممكنا من دون الاستقرار السياسي مؤكدا أننا بحاجة دوما إلى السلام من أجل التنمية. وأشاد المشاركون في مؤتمر إسطنبول بقدرة الأمين العام لـ"أوبك" على بناء جسور التقارب والتعاون بين أصحاب المصالح المختلفة من خلال الاتصالات المكثفة والنشطة بين كل الأطراف. وأوضح تقرير "أوبك" أن المؤتمر العالمي للطاقة، عقد لأول مرة في عام 1924 ويعتبر واحد من تجمعات الطاقة الأولى في العالم ودائما يحرص على المشاركة فيه مختلف الرؤساء والوزراء وافتتح في دورته الحالية في إسطنبول بكلمة رئيسية للمهندس خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في السعودية. إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات المالية، إن سوق النفط تتجه إلى التعافي السريع مدعومة من أجواء التعاون الايجابي الواسع بين المنتجين وهناك رغبة جادة في تعزيز مستوى الأسعار إلى الحد الكفيل بإنعاش الاستثمارات وأن هناك تقريبا توافقا واسعا بين دول "أوبك" وروسيا وهو الأمر الكافي للتعجيل بتعافي السوق وتحركه بخطوات أسرع نحو التوازن. وأضاف نوبل أن المنتجين لا يتوقعون العودة إلى مستويات الأسعار المرتفعة أو إجراء أي صدمات في السوق بل إن الجميع على قناعة بالتعافي التدريجي والتصحيح المستمر بوتيرة مناسبة تكفل استقرار الأسواق وانتعاش اقتصاديات المنتجين. من جانبه، يؤكد لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المختص النفطي بشركة إكسبرو، أنه سواء نجح المنتجون في التوافق على خفض أو تجميد الإنتاج فإن الأمر سيمثل نقلة نوعية في جهود التعاون المشترك وسينعكس إيجابيا على مستوى الأسعار خاصة في ضوء قيادة السعودية وروسيا للسوق ورغبتهما المشتركة في تقييد المعروض دعما لإحداث التوازن المفقود منذ فترة بين العرض والطلب. إلى ذلك، أوضح أوسكار إنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن المنظمة بدأت تستعيد قدرتها كقوة رئيسية محركة للسوق متوقعا نجاح المشاورات بين المنتجين في "أوبك" وخارجها التي عقدت على هامش المؤتمر الدولي للطاقة في إسطنبول مشددا على ضرورة التعاون للتوافق على حصص خفض الإنتاج خلال الاجتماع الوزاري لأوبك في فيينا الشهر المقبل. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس بدعم من واردات خام قياسية إلى الهند ومحادثات بين منتجي منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومصدرين آخرين بشأن تقييد الإنتاج للتخلص من وفرة المعروض في السوق العالمية. وبحسب "رويترز"، فقد صعدت العقود الآجلة لخامي القياس العالميين مزيج برنت وخام غرب تكساس الوسيط أكثر من 10 في المائة منذ نهاية أيلول (سبتمبر) بدعم من التوقعات بأن يقدم كبار المنتجين على تثبيت مستويات إنتاج الخام أو خفضها للتخلص من تخمة المعروض في السوق. لكن ما زالت هناك شكوك بشأن نيات منتجين كبار ومدى فاعلية أي اتفاق في كبح الإنتاج الذي بلغ مستويات قياسية مرتفعة، وصعد خام برنت في العقود الآجلة 33 سنتا أو ما يعادل 0.6 في المائة إلى 52.74 دولار للبرميل. وزاد خام غرب تكساس الوسيط في العقود الآجلة 20 سنتا أو ما يعادل 0.4 في المائة عن سعر آخر تسوية إلى 50.99 دولار للبرميل، وقال تجار في آسيا إن أسعار النفط تلقت دعما من واردات الهند القياسية التي زادت 4.4 في المائة في الشهر الماضي مقارنة بالشهر السابق عليه إلى مستوى قياسي بلغ 4.47 مليون برميل يوميا وزادت 17.7 في المائة على أساس سنوي. ويقول متعاملون في السوق منذ توقيع اتفاق مبدئي نهاية الشهر الماضي إن آفاق تنسيق تقييد للإنتاج بين الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" والمنتجين المستقلين مثل روسيا ستدعم أسعار النفط فوق مستوى 50 دولارا للبرميل. وصعد النفط أكثر من 13 في المائة في أقل من أسبوعين منذ أن اقترحت "أوبك" أول خفض للإنتاج في ثمانية أعوام، لكن الأسعار ما زالت قريبة من نصف المستويات التي كانت عليها في منتصف 2014 عندما كانت تتجاوز 100 دولار للبرميل.
مشاركة :