تدين إنجلترا بالفضل للحارس جو هارت في تعادلها السلبي مع مضيفتها سلوفينيا بتصفيات كأس العالم لكرة القدم، الثلاثاء، وهي نتيجة أنهت مسلسل انتصاراتها المتتالية البالغ 14 مباراة في التصفيات. وكان هارت المعار إلى تورينو الإيطالي بعدما سقط من حسابات مانشستر سيتي أفضل لاعب بلا منازع في إنجلترا حيث تصدى لكثير من الكرات الخطرة من الفريق صاحب الضيافة. وتصدى هارت بأعجوبة لضربة رأس من ياسمين كورتيتش في بداية الشوط الثاني. وقال هارت بعدما ساعد إنجلترا في رفع رصيدها إلى سبع نقاط من ثلاث مباريات مقابل خمس نقاط لسلوفينيا: «هذه أفضل مباراة لي (مع إنجلترا) منذ فترة»، وأضاف: «كانت ليلة شاقة وحصلنا على نقطة. جسدي مرهق وسيصعب علي الاستيقاظ غدا». وقال غاريث ساوثغيت مدرب إنجلترا: «ندين بالفضل لحارسنا في الحصول على نقطة. كان رائعًا». وقبل المواجهة أمام سلوفينيا وفي داخل سانت جورجيز بارك، معقل تدريب المنتخب الإنجليزي بدا أن هواء الخريف البارد طارد جو هارت من شمال إيطاليا حتى هنا. وخلال مقابلة معه، تناول هارت حياته الجديدة خارج فقاعة الدوري الإنجليزي الممتاز. كانت بدايته مع الفريق الذي انضم إليه أخيرا تورينو مخيبة للآمال، ووصفها البعض بالصفعة على وجه حارس المرمى الإنجليزي وذلك عندما تعرضوا للهزيمة في بيرغامو أمام فريق أتلانتا بعد خطأ فادح. وربما شكل هذا الخطأ بالنسبة للبعض دليلاً على هشاشة اللياقة البدنية للحارس الإنجليزي، أو قد تكون امتدادًا للمحن العصيبة التي عايشها خلال بطولة «يورو 2016»، إلا أن الاحتمال الأكبر أن هذه الهزيمة تعكس حالة من الفوضى التي عصفت بحياة هارت أخيرًا. وبعد ثلاثة أسابيع، ومع نجاحه في ممارسة مهاراته الأساسية بعد التكيف مع زملائه وألفته للبيئة الجديدة من حوله، بدأت مسيرة هارت تشهد صعودًا هادئًا داخل الملاعب. ونجح تورينو بمشاركة هارت في الفوز على فورنتينا، علاوة على فوزه للمرة الأولى على أرضه منذ عام 1990 على روما. وخلال المباراة، نجح هارت بذكاء في حرمان رفيقه السابق داخل مانشستر سيتي، إدين دزيكو، من تسجيل هدف في شباكه على أرض ستاديو أوليمبيكو غراندي تورينو. وعن المباراتين، قال هارت: «النتيجتان رائعتان. وقبل ذلك، نجحنا في التعادل دون أهداف في بيسكارا رغم أننا كنا تسعة لاعبين فقط. ورغم أن هذه النتيجة لم تلفت الأنظار إليها خارج تورينو، كانت ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنا. لقد كنا بحاجة لهذه النتيجة. لقد انضم إلى النادي كثير من اللاعبين الجدد هذا الصيف، وأنا منهم، بجانب مدرب جديد (سينيشيا ميهايلوفيتش)، وعليه فإننا سنحتاج بعض الوقت. ومع ذلك، فإننا نحرز تقدمًا بالفعل، ويشعر المدرب بالرضا حيال أدائنا. إننا نبني فريقا جديدا معًا. وأنا مستمتع للغاية بهذه التجربة». المعروف أن الموسم الإيطالي الجديد لا يزال في أيامه الأولى. وحاليًا، يحتل تورينو الترتيب الثامن في جدول أندية دوري الدرجة الأولى الإيطالي. ومن الواضح أن حارس المرمى الجديد الذي سعد النادي بالاستحواذ عليه من مانشستر سيتي جرى قبوله من جانب أسرته الجديدة. كما التقى هارت، المنتقل إلى تورينو على سبيل الإعارة، برئيس واحدة من مجموعات الألتراس المناصرة لتورينو، ما يعد بمثابة منحه البركة رسميًا من قبل الجماهير. وبمرور الوقت، تكرر اسمه كثيرًا على الألسنة أثناء المباريات، بل وبدأت تظهر في الملعب لافتات تحمل اسمه. من ناحية أخرى، فإنه قد يبدو من الغريب أن هارت لا يزال يبدي تحسره خلال لقاءاته الصحافية على غياب الظهير كريستيان مولينارو، وليس قلب دفاع مانشستر سيتي فنسنت كومباني، أو الاسترسال في الحديث عن نفوذ «اللاعبين الكبار في تورينو» أمثال لاعب خط الوسط آدم ليايتش والمهاجم أندريا بيلوتي مقارنة بيايا توريه وسيرغيو أغويرو في سيتي. ومع هذا، يبقى هارت لاعبًا يتميز بقدرته على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المواقف السيئة التي قد يتعرض لها. وخلال حديثه، بدا على هارت بوضوح شعورًا بخيبة الأمل إزاء انفصاله عن مانشستر سيتي - الانفصال الذي جرى الإسراع من وتيرته مع اقتراب اليوم الأخير لفترة الانتقالات. ومن الواضح كذلك أن هارت تعامل مع كل الحديث الدائر حول تفضيل جوسيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الجديد، لحارس مرمى سريع ونشط وقادر على الاضطلاع بدور مساعد كقلب دفاع باعتباره يحمل انتقادات ضمنية له. من جانبه، لم يبد المدرب الجديد، الذي يستشعر قوة كبيرة بالنظر إلى مساعي مانشستر سيتي منذ فترة طويلة للاستعانة بخدماته وكذلك سمعته المتألقة، قناعة بقدرة هارت على الاضطلاع بمثل هذا الدور. وجاء ذلك ليضع بين عشية وضحاها سطر النهاية لستة مواسم شكل خلالها هارت الاختيار الأول لفريقه. ورغم أن استعارة النادي الإيطالي له تستمر لمدة 12 شهرًا فحسب، فإن حارس المرمى البالغ 29 عامًا يتحدث كلاعب تقبل وأذعن لفكرة أن فترة مشاركته في صفوف مانشستر سيتي ربما قد انتهت، رغم أنه لا يزال يؤكد أنه يحمل بداخله «اهتماما عميقًا» بأمر النادي. عن ذلك، قال هارت: «كرة القدم لعبة آراء: فالبعض قد يكون لديه وجهة نظر رائعة بشأني، بينما ربما قد يظن البعض أنني شخص لا جدوى منه مطلقًا. وللأسف، فإن وجهة نظر الشخص المسؤول في النادي الذي أنتمي إليه لم تكن في صالحي بالقوة الكافية. لا أدري. علي أن أفكر في الأمر برمته على نحو تغلب عليه الأنانية وأن أحاول إثبات نفسي. وسيستمر الناس في إطلاق تصريحات حول الأمر. وقد يكونون على صواب. وقد يكونون على خطأ. وهناك بعض الأشخاص تجد صعوبة كبيرة في الجدال معها، خصوصًا أنهم يتمتعون بدعم كبير لما يقولونه ويفعلونه. إلا أنه ليس بوسعي سوى الاعتناء بشؤوني. لقد مررت بوضع داخل مانشستر سيتي جعل فترة مشاركتي معهم محدودة، وانتهى الأمر عند هذه النقطة. وعليه، فأنا مضطر للبحث عن فرصة بمكان آخر. وكنت بحاجة للعثور على شخص يعتقد أني بإمكاني معاونة فريقه. هذا هو الأمر». وتابع: «لسوء الحظ كان لأحد المسؤولين عن النادي الذي أنتمي إليه رأي آخر. مهما يكن هذا الرأي فإني رأيت أن مشاركاتي في المباريات مع سيتي ستكون محدودة ولذلك بحثت عن مكان آخر». واستطرد موضحًا أنه: «الأمر لا يتعلق باتخاذ قرارات شجاعة. لن أكذب في ذلك، فأنا لم أجد أمامي 25 خيارًا مثلاً، بجانب أنني لم أحصل على وقت كاف لاتخاذ القرار. لقد حدث الأمر كله بسرعة كبيرة، لكن تورينو كان خيارًا جيدًا حقًا بالنسبة لي وشعرت بسعادة كبيرة لمشاركتي بدوري الدرجة الأولى الإيطالي. وقد أوضح ميهايلوفيتش أنه يرغب حقًا في مشاركتي مع الفريق، وكان هذا كافيًا بالنسبة لي». وأضاف: «في إطار الموقف الذي كنت فيه، بدا الانتقال إلى تورينو قرارًا جيدًا. وشعرت بالارتياح إزاءه. والآن، أصبحت واحدًا من أبناء تورينو وأحمل كامل الولاء له ورغبة في تحقيق إنجاز معه هذا الموسم. وأشعر بالولاء لثقافة النادي ولكرة القدم وسأعمل على بذل قصارى جهدي. بالنسبة لمانشستر سيتي، لا أدري إن كانوا يراقبون مستوى تقدمي، لكن أظن أن كبار مسؤولي النادي يتحدثون كثيرًا عن هذا الأمر. ومع ذلك، يبقى تركيزي منصبًا على اللعب مع تورينو والترتيب الذي سننهي الموسم عنده». ومع ذلك، هل يتحرك هارت بدافع من رغبته في تغيير رأي مسؤولي مانشستر سيتي تجاهه، وإقناع غوارديولا بمهاراته؟ أجاب هارت: «لا. هناك القليل من الأشخاص القريبين إلى قلبي والذين أثق بهم واهتم بآرائهم، لكن يبقى من الصعب أرضاء الجميع. لقد أدركت منذ وقت مبكر أنه من المستحيل أرضاء الجميع. وقد نتجادل بشأن ما إذا كان موقف صائب، لكن بالنسبة لتغيير آراء الجميع وجعل جميع من حولي يعتقدون أنني لاعب رائع، هذا أمر محكوم عليه بالفشل». واستطرد هارت قائلاً: «إنني بحاجة لتحسين مستواي طوال الوقت لأنني ما زلت بمرحلة التعلم ولعبة كرة القدم في تغيير مستمر. وأنا عن نفسي أعشق محاولة التحسن وأعشق هذا التحدي. وأرغب في الاستمرار في التقدم حتى يصبح من المتعذر علي من الناحية البدنية التقدم لما هو أبعد». وأضاف: «وعليه، فإنه بغض النظر عن مستوى الدوري الذي أشارك به، سأظل متطلعًا دومًا نحو تحسين مستواي. إننا جميعًا كبشر نسعى وراء الكمال. ومع هذا، علينا جميعًا التحلي بالواقعية بخصوص أهدافنا. إنني أرغب في أن أكون الأفضل بالاعتماد على قدراتي، وعند نهاية أي مباراة أشارك بها، سواء كانت النتيجة الفوز أو الهزيمة أو التعادل، أشعر بالارتياح لأنني بذلت كل ما بوسعي. وبغض النظر عن نقاط قوتي، يتعين علي اللعب بما يتناسب مع نقاط قوة الفريق الذي أشارك به. وسألتزم بتعليمات مدربي تمامًا». الواضح أن ميهايلوفيتش اقتنع سريعًا بقدرات ومهارات هارت لدرجة أن اختلاف اللغة لم يشكل حاجزًا يذكر، الأمر الذي أسهم في تحقيق هارت نجاحًا فوريًا داخل تورينو. وبالفعل، أصبحت لدى هارت معرفة كبيرة بالمصطلحات الدارجة لفريقه داخل الملعب، ومن المؤكد أن هذا التفهم لديه سيزداد يومًا بعد آخر. وقال هارت: «داخل غرفة تبديل الملابس في مانشستر سيتي، لم يكن بوسعي الحديث بالوتيرة التي أتحدث بها عادة، نظرًا لعدد اللاعبين الأجانب في الفريق. وعليه، فإن التواصل مع اللاعبين المتحدثين للغات أجنبية أمر درجت عليه على امتداد الأعوام الثماني الماضية. من الواضح أن الأمر انتقل لمستوى مختلف الآن. وبما أنني داخل إيطاليا، فأنا الشخص المنتظر منه محاولة التوافق مع الآخرين، وليس العكس. وبالفعل، نعمل على إيجاد سبل فاعلة للتواصل فيما بيننا، وهم يقدرون جهودي بهذا المجال». أما الأمل الذي ينصب عليه تركيز هارت حاليًا فهو أن يستمر غاريث ساوثغيت ومسؤولو المنتخب الإنجليزي في متابعة تقدمه على مستوى المشاركة بالأندية من بعد بهدف الإبقاء عليه كحارس مرمى للفريق الوطني. المعروف أن بطولة «يورو 2016» التي مارس (آذار) خلالها هارت ضغوطًا شديدة على نفسه قبل المباريات، شهدت كثيرًا من الأخطاء أمام ويلز وآيسلندا، مع اختراق أهداف شباكه في وقت كان من الطبيعي أن يتصدى لها ويرسلها بعيدًا عن المرمى. وعليه، رحل هارت عن فرنسا حاملاً بداخله مشاعر صدمة وفشل عميقة لا تقل عما شعر به أي من أقرانه بالمنتخب الإنجليزي. وسوف ينافسه حارس ساوثهامبتون فريزر فورستر، إضافة إلى حارس ستوك سيتي جاك بوتلاند، بمجرد أن يستعيد لياقته البدنية بعد إصابة كاحله، على دوره مع المنتخب الوطني. ويقول: «لطالما كان موقعي مهددًا منذ بدأت اللعب تحت 14 سنة في نادي شروزبري تاون». لكن تعتمد الحياة الآن تحت قيادة ساوثغيت على إعادة إشعال شرارة طريقة التفكير الإيجابية، وتكوين فلسفة يمكن تحديدها بسهولة، من أجل المساعدة في طرد شبح أشهر قليلة موحشة حزينة. وأضاف هارت: «إن تكوين هوية للفريق، وإظهار ما نحاول أن نكونه لهو أمر منوط بنا. نحن بحاجة إلى هوية حتى نتمكن من تفسير سبب فوزنا، أو خسارتنا، أو عدم سير الأمور على ما يرام. هذا أمر مهم بالنسبة لي. سيكون من الأسهل عليك المضي قدمًا إذا علمت السبب وراء حدوث الأمور. إن مقصدنا كمجموعة هو دائمًا الفوز، وهذا أمر مفترض وبديهي، لكننا بحاجة أيضًا إلى هيكل، وتفكير عقلاني، وطريقة لعب، وطريقة مريحة لمعرفة ما الذي نفعله تحديدًا. يمكنك أن ترى ذلك في الفرق والنوادي الدولية الأخرى. عندما كانت ألمانيا في وضع سيئ، كانوا شجعانًا وأقوياء، وهم الآن أبطال العالم. كذلك قد نفلح في إقناع الدولة بما نحاول القيام به إذا علم الجميع ما هو المتوقع من الناس». وأوضح قائلا: «إن غاريث هو المسؤول الآن، إنه مديرنا الفني. ومما رأيت أتوق إلى العمل معه. لا أعتقد أن أحدًا قد خطط لحدوث ما حدث، لكن عليك استغلال أي موقف قدر المستطاع. تتسم شخصية غاريث بالهدوء، والدقة، والوضوح. إن خططه واضحة، لذا سنعمل معًا، ونحاول، ونوجه أنفسنا في الاتجاه الصحيح. وكانت سلوفينيا شديدة المراس، وقد خبرت أحد لاعبيها، وهو لاعب خط الوسط في تورينو جوزيب إليتشيتش، في مواجهة فريق فيورنتينا، وكان لاعبًا قويًا، وقدمه اليسرى قوية. لم تكن مواجهة سلوفينيا سهلة على الإطلاق». لم يكن أي شيء يتعلق بموسم لعب هارت بسيطًا، لكنه على الأقل قد بدأ يألف الوضع.
مشاركة :