الشارقة: فدوى إبراهيم تعتبر الإمارات من الدول ذات الاستخدام المرتفع في مجال الإنترنت، حيث احتلت المرتبة الثانية عالمياً من حيث أكبر عدد من مستخدمي الشبكة بنسبة 92 في المئة، والأولى في المنطقة من حيث مستخدمي الهواتف الذكية بنسبة 64.6 في المئة، وهو ما دعا المؤسسات ذات الصلة، وعلى رأسها الجهات المسؤولة في وزارة الداخلية إلى تنشيط برامجها ومبادراتها لأجل الوقوف على ما يمكّن الجمهور من الاستخدام الآمن للإنترنت، وما حفز جهات أخرى للتركيز على تلك المخاطر بشكل خاص، من أبرزها جمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت. لا تعتبر مخاطر الإنترنت محصورة بفئة محددة من المستخدمين، فالكل معرض لأن يكون تحت طائلة عمليات الإبتزاز والنصب والاحتيال، إلا أن فئة الأطفال تعتبر الأكثر حساسية لما يكتنفها من قلة إدراك بالتصرف السليم في حالات تعرضها للحوادث عبر الشبكة العنكبوتية، وهو ما حدا بجمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت إلى تركيز جهودها على تلك الفئة، غير متناسية فئات المجتمع الأخرى، متخذة من التوعية والتثقيف أساسين للانطلاق نحو الجمهور، وتقديم الحماية والتمكين بوجه المخاطر المحتملة في جمعية غير ربحية، مكونة من فريق كبير من المختصين الذين شغلوا مناصب ذات صلة وحصدوا من الخبرة الطويلة، ما يمكّنهم من أن يكونوا خير عون لمؤسسات الدولة المعنية كافة، لحماية المجتمع من مخاطر الإنترنت. إن جلّ ما تركز عليه الجمعية هو العلاقة والتعاون مع الجهات الحكومية المحلية، لما لذلك التعاون والتكاتف من أثر أكبر في التوعية والتقليل من حجم المشكلات الإلكترونية، التي تتعرض لها فئات المجتمع كافة، وفئة الأطفال بشكل خاص، هذا ما تشير له ميرة المنصوري نائبة رئيس جمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت، رئيسة أمن المعلومات في إحدى الجهات الحكومية، فدور الجمعية بحسب المنصوري هو دور اجتماعي وتكويني بالدرجة الأولى، وما تقوم وتسعى الجمعية لعمله، هو استقطاب مزيد من الخبرات المحلية والخارجية لأجل تحقيق أهدافها. وتضيف: تهدف الجمعية إلى خلق استخدام آمن للإنترنت من قبل المجتمع، وحماية الأطفال من أشكال الاستغلال والمخاطر التي يتعرضون لها من خلال ذلك الاستخدام، حيث نشهد الكثير من أشكال الاستغلال والعنف والإبتزاز تجاه الأطفال، وهو ما يجعلنا نسخر كل الجهود لأجل التقليص من حجم المشكلات التي يتعرضون لها، حيث تتمتع الجمعية بفريق عمل متميز يضم مهنيين ذوي خبرة محلية وعالمية تمتد على مدى سنوات طويلة من المعرفة والمهارات، ويقوم الخبراء التابعون للفريق التنفيذي للجمعية بالتعاون مع خبراء دوليين آخرين بالإشراف على تدريب وتطوير القدرات وزيادة الوعي وتحقيق الدعم القانوني والتنظيمي حول حماية الإنترنت. وتؤكد المنصوري أن دور الجمعية، دور مكمل للمؤسسات المعنية بحماية أفراد المجتمع، وتهتم بشكل خاص برد الجميل للدولة، من خلال خبرات تطوعية، انضمت كأعضاء للجمعية غير الربحية، حيث تتوافر في الجمعية طاقات بشرية بالاختصاصات كافة، التي تتعلق بأمن المعلومات والمشكلات الناتجة عنها في الجوانب الإجتماعية والنفسية. وحول أبرز الفئات التي تستهدفها الجمعية والأساليب المتبعة لتحقيق الأهداف، تقول المنصوري: فئة الأطفال تعتبر من أولويات اهتمامات الجمعية، وهذا ما يدفع الجمعية لتنظيم الحملات التوعوية بشكل عام في أماكن وجودهم وأسرهم مثل المدارس والمنصات الإلكترونية ووسائل الإعلام، بهدف نشر ثقافة الأمن الإلكتروني في كل بيت، حيث يشكل ذلك ضرورة واجبة على كل أسرة وعليهم عدم التهاون فيها، ويتم ذلك عن طريق الرقابة وتقنين الاستخدام غير المبرر، لأن المنع لم يعد أسلوباً ناجحا أو منطقيا في وقتنا الحالي، الذي يفرض استخدام الطفل للإنترنت، كما نشجع الأسر على تربية أبنائهم على الثقة والرقابة الذاتية والحوار بين الأب والأم والأبناء، وهو العنصر الأهم للتعرف إلى أبرز المخاطر التي يتعرضون لها، خصوصاً في مجال استدراجهم فكرياً كما نلحظ في مجال الإرهاب. وحول دور الجمعية في الحد من مخاطر الإنترنت، يحدثنا الدكتور سعيد الظاهري عضو الجمعية ورئيس سمارت وورلد دبي قائلاً: تعمل الجمعية على إعداد البحوث الميدانية بواسطة مختصين باحثين في الجمعية لأجل الحصول على معلومات حول أهم وأبرز التحديات التي تواجه المجتمع وفئة الأطفال تحديداً، وتأهيل المتعرضين منهم لحوادث الإبتزاز والاستغلال بالتعاون مع الشركاء من المؤسسات المحلية، إلا أن التحدي الأهم الذي تعمل على معالجته الجمعية، هو إمكانية الاستخدام الآمن للإنترنت لكافة أفراد المجتمع وعدم الانعزال، في ظل توجه العالم أجمع والحكومة للاعتماد على استخدام الإنترنت في تيسير شؤون الحياة، وهذا التوازن في الاستخدام الأمثل له، يعد تحدياً كبيراً على الأسر التغلب عليه، وما يمكننا من ذلك هو التوعية المستمرة التي ننتهجها بهذا الصدد. ويشير الظاهري إلى الحملة التي أطلقتها الجمعية مؤخراً للتوعية من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي وحملة هاشتاج #SafeUpWhatsApp، التي تمت بالتعاون مع أقدر، حملة برنامج خليفة لتمكين الطلاب، ضمن الحملات التوعوية التي تهدف من خلالها الجمعية بالشراكة، إلى تكثيف التوعية بمخاطر الإنترنت وتحفيز الطلبة الصغار والشباب على التعرف إلى كيفية الاستخدام السليم، ومن بينها واتس آب، الذي وضح من خلال الحملة إمكانية اختراقه بيد أي شخص، عند استخدامه خلال 30 ثانية، من خلال خاصية التزامن، وابتزاز أصحاب الحسابات بالصور أو النصب المالي وغير ذلك، وتم توضيحها بحسب الظاهري في فيلم فيديو مدته دقيقتان، ويشير الظاهري إلى أن الحملة تم نشرها خلال وسائل إعلام محلية تقليدية وحديثة، وتناولتها وسائل الإعلام العالمية. وحول أبرز طرق الوصول إلى فئات المجتمع كافة يقول علي العمادي، عضو مجلس إدارة الجمعية، وأمين السر، ومدير شركة إبداع الاستشارية: نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى فئات المجتمع كافة، فكل حملة توعوية نقوم بها، نقوم بالترويج لها عبر تويتر وفيسبوك ووسائل الإعلام المحلية، وبشكل مباشر في المؤسسات الحكومية، ونعمل حالياً على الاتفاق على مزيد من الشراكات مع الجهات الحكومية التي يمكن أن نكون جزءاً منها، أو تكون طرفاً فاعلاً لنقدم فيه ورش العمل والمحاضرات، كما تعمد الجمعية إلى المزيد من الشراكات العالمية والمختصة، منها في مجال حماية الطفل، لما لذلك من أثره في تزويدنا بمعلومات وخبرات إضافية. من جهته نوه المهندس عادل سالم الكاف الهاشمي، عضو مجلس الإدارة، وأمين الصندوق، ونائب رئيس بشركة أبوظبي لصناعات الغاز المحدودة جاسكو، بأن جمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت تهدف لتصبح مركزاً عالمياً للتميز في مجال تمكين المجتمع من الاستخدام المسؤول والآمن للشبكة، وتحديداً حماية الأطفال من مخاطر الشبكة، من خلال التثقيف ونشر الوعي وبناء القدرات والاضطلاع بدور رقابي واستشاري، والتعاون مع مختلف الجهات الحكومية المعنية والشركاء، بما يسهم في ازدهار الدولة، منوهاً بالالتزام الثابت لحكومة الإمارات بالانضمام إلى الجهود الدولية لمكافحة الإساءة إلى الأطفال من خلال وسائل الاتصال والمعلومات. وحول سبل الحماية المتبعة يشير الهاشمي إلى ذلك قائلاً: إن رئاسة الإمارات للقوة العالمية الافتراضية، وانضمام وزارة الداخلية إلى التحالفات الدولية لإنفاذ القانون، يعكس الالتزام القوي لحكومة الإمارات بحماية الأطفال من مخاطر وتهديدات العنف والاستغلال عبر وسائل التكنولوجيا والاتصال، كما أن السياسات والتشريعات الإماراتية في مجال أمن المعلومات تغطي جرائم الإنترنت والمساس بالأمن القومي، واللا تسامح الديني والاجتماعي، وعدم احترام القوانين، وانتهاك الخصوصية، والتحرّش والتشهير والابتزاز والتهديد، ونشر محتويات غير لائقة، وانتحال وسرقة الهوية، والقرصنة، وتزوير البطاقات البنكية... الخ. ويشير الهاشمي إلى أن الجمعية صممت مجموعة متميزة من البرامج العملية والرائدة منها ما سيتم تنفيذه فوراً، وأخرى تتمثل في برامج عمل ثابتة ومتواصلة، وتشمل جولة تعريفية وطنية، وبرنامج لتثقيف وتوعية الأهالي، ودورات لتطوير قدرات ومهارات المختصين النفسيين، وإعداد أبحاث ودراسات حول حماية الأطفال على الإنترنت، إضافة إلى تنظيم ورش عمل متعددة لمساعدة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال، على تطوير منتجات ملائمة للأطفال. صد الفكر المتطرف إن الرقابة لم تعد الوسيلة الوحيدة التي على الأهل أن يتبعوها مع الأبناء، خلال استخدام المنصات الإلكترونية، كما ينوه الدكتور سعيد الظاهري فيما يخص واجب الأهل تجاه الأبناء، بل الأهم خلق الحوار معهم وتوجيههم للمضامين الإيجابية، ووضع ضوابط على الاستخدام، ومن ذلك حجب بعض المواقع والتحكم في الاستخدام والتوعية، بما هو مفيد وما هو مضر على الشبكة العنكبوتية، خاصة أن تغيير الفكر الذي يستهدف فئة الأطفال واليافعين من قبل الجهات المتطرفة لا يمكن مواجهته، إلا بالفكر الواعي والنقاش مع الأبناء، والتعرف إلى طرق استخدامهم، والتنشئة الإسلامية والأخلاقية الصحيحة، وهو توجه عام في الدولة اتضح جلياً من خلال فرض مادة التربية الأخلاقية في المدارس، فالتوعية بطرق وأساليب الاستخدام الإيجابي هو الحل الأمثل، وعدم ترك الأبناء مع تلك الأجهزة، وفتح حسابات لهم في مواقع التواصل الإجتماعي لا معنى لها. وينوه الظاهري بأن إحدى الإحصائيات، أشارت إلى أن أكثر من 54% ممن يتعرضون للابتزاز أو النصب الإلكتروني، لا يقومون بالتبليغ عن تلك الحالات، خوفا وخشية من الفضيحة، لذلك قامت الجمعية في عام 2015 مع برنامج أقدر، بأكثر من 30 ألف محاضرة توعوية على مستوى مدارس الدولة، إضافة إلى التعاون مع خدمة الأمين في شرطة دبي، واتصالات، في حملة معاً ضد الإبتزاز الإلكتروني. الأطفال والتحديات يحدد علي العمادي، أهم ثلاث تحديات تعمل الجمعية على معالجتها من خلال عملها الدائم وأنشطتها التوعوية التثقيفية خصوصاً نحو الأطفال، وهي: الإدمان، الابتزاز، الإباحية الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، حيث يرى العمادي وفق محددات الجمعية أن التحدي الأكبر الذي يقف اليوم أمام عملهم هو إمكانية السيطرة على استخدام الطفل للشبكة، حيث يستطيع الدخول عن طريق الأجهزة المتعددة التي أصبحت متاحة بين يديه إلى أي موقع، سواء عرض ذلك فيديوهات أو مواد مكتوبة، إضافة إلى صور وحتى الألعاب يتخللها شبكة محادثات قد تجر الطفل للوقوع في مشكلات إلكترونية افتراضية، تتفاقم لتصبح واقعية. ويشدد العمادي على أن الفئة الأكثر حساسية وأهمية بالنسبة للجمعية اليوم هم الأطفال، لكن ذلك يقود حتماً إلى توعية الأسرة وليس الطفل فقط، حيث تقدم الجمعية خدماتها لكافة أفراد المجتمع، ولذلك تعمل الجمعية للوصول ليس فقط لطلبة المدارس، بل لأولياء أمورهم والموظفين في المؤسسات الحكومية الذين هم كذلك أولياء أمور، إضافة إلى تدريب الجمعية من خلال ورش العمل المتمثلة بطلبة الجامعات من الشباب الذين يتم تأهيلهم ليكونوا من المحاضرين في هذا المجال. شراكات وخطط استراتيجية يوضح المهندس عادل الكاف الهاشمي، أن الجمعية تتعاون مع عدة وكالات دولية مختصة مثل الانتربول واليونيسيف ومجلس أوروبا وغيرها، بهدف تطوير برامج استراتيجية، وخطط فنية عملية لتحقيق تجربة أكثر إيجابية للأطفال والمراهقين في استخدام الإنترنت، ويشير إلى أن استقطاب الخبرات الخارجية يعزز من مكانة الجمعية وما تصبو إليه من أهداف، حيث تعمل جانيس ريتشاردسن سفيرة أعمال جمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت في العالم، وهي مؤسسة اليوم العالمي للإنترنت الآمن، ومستشارة بالشبكة المدرسية الأوروبية European Schoolnet، وهو ائتلاف يضم 30 وزارة تربية، وقد زارت الدولة مؤخراً وشاركت في قمة #نحن_نحمي في أبوظبي. وأضاف: تعكس بعض الأهداف والمبادرات بعيدة المدى للدولة مثل رؤية 2021، الرؤية المستقبلية التي تتحلى بها الدولة في تطوير المجتمع وتوفير منصّات تتماشى مع رؤية جمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت وبرامجها، وهذه الرؤية تعزز من خططها لتصبح مركزاً مستداماً ومعترَفاً به دولياً في حماية الأطفال عليه، مع حلول العام 2021، وبذلك تضع جمعية الإمارات للحماية من المخاطر، نصب أعينها حماية حقوق الأطفال كافة، في الاستفادة من محتوى إيجابي ومناسب لأعمارهم على الإنترنت، أي ضمان استفادتهم من تطورات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وهم في حماية تامة من كافة أشكال الاستغلال.
مشاركة :