نهيان بن مبارك : اللغة كائن يعبر عن تراث وهوية المجتمع

  • 10/14/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: محمد ولد محمد سالم افتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة صباح أمس في فندق حياة ريجنسي، دبي فعاليات ملتقى اللغة العربية الذي يمثل الدورة الخامسة من ملتقى الثقافة وتنمية المعرفة، وتنظمه الوزارة تحت شعار العربية لغة الثقافة بحضور عفراء الصابري وكيلة وزارة الثقافة وتنمية المعرفة وعدد من الخبراء وفناني المسرح والأدباء والإعلاميين، وحضور ممثلين عن أكثر من 100 مؤسسة ثقافية في الدولة. وفي كلمته بهذه المناسبة أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أن هذا الملتقى المتجدد للثقافة وتنمية المعرفة يمثل في حلقاته المتواصلة مجالاً رحباً لمناقشة كافة الأمور التي تتعلق برسالة الوزارة في تنمية الوعي الثقافي في المجتمع، وتطوير المناخ الأدبي والفني والثقافي في الدولة، وما يرتبط بذلك كله من سعي وطني مخلص، كي تكون الإمارات مجتمعاً يجعل من إنتاج المعرفة ونشرها وتطبيقها أساساً مهماً في مسيرة التقدم والنماء التي تشهدها دولتنا العزيزة في كافة المجالات. أشار الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان إلى أن شعار الملتقى الخامس للثقافة وتنمية المعرفة العربية لغة الثقافة هو شعار يضم عدداً من الموضوعات المهمة في حركة تطور الثقافة والمعرفة بالدولة، مثل مبادرة عام القراءة، بما يحتويه من مبادرات رائدة في هذا المجال، ومن الموضوعات أيضاً الإدراك العميق للعلاقة العضوية بين اللغةِ العربية، والثقافة الوطنية والقومية، حيث ظلت اللغة العربية ولا تزال لغة العلوم والمعارف الإنسانية، وظلت بجدارة لغة خالدة حية ونابضة، بل ومتحركة باستمرار، ولا مبالغة بعد هذا كله أن يأتي شعار هذا الملتقى معبراً بأصالة عن اعتزازنا الكبير باللغة العربية التي شرّفها المولى سبحانه وتعالى بالقرآن الكريم الذي أنزله بلسان عربي مبين. وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أنتهز هذه المناسبة كي أتقدم بأصدق آيات الشكر والعرفان والاحترام إلى صاحب السمو الوالد رئيس الدولة أعزه الله، وأن أعبر عن اعتزازنا جميعاً بقيادته الواثقة والحكيمة لهذا الوطن الغالي والحبيب، وأتقدم كذلك بعظيم الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى إخوانهم أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وهم جميعاً يؤكدون دائماً أن تكون الإمارات ويشكل مستمر في المقدمة والطليعة في كافة مجالات التنمية الثقافية والمعرفية بين دول العالم أجمع. وأكد وزير الثقافة وتنمية المعرفة أن هذا الملتقى بموضوعاته والمتحدثين فيه إنما يجسد عدداً من التوجهات الأساسية في مسيرة الثقافة والمعرفة في دولتنا العزيزة، ومن ذلك أنشطة الثقافة والفنون وهي مجالات شيقة ومهمة للغاية لتنمية المهارات اللغوية لدى جميع السكان، فاللغة هي المكون الأساسي لتلك الأنشطة باعتبارها أداة التعبير عن ثقافة المجتمع، ووسيلة التواصل بين أبنائه وبناته، بل وباعتبارها أيضاً كائناً يتطور بتطور ثقافة المجتمع ذاته، وتعبر دائماً عن تراثه وهويته وتساعده على الانفتاح على كافة الثقافات في العالم كي يعطي لها ويأخذ منها، ويحقق بذلك دور الثقافة كأداة فاعلة لنبذ التعصب والعنصرية، وتحقيق الخير والعدالة والتقدم والسلام في ربوع العالم كله. وقال وزير الثقافة وتنمية المعرفة إن البرنامج الذي تم إعداده لهذا الملتقى، إنما ينطلق من كافة هذه المبادئ والأفكار التي تجسد العلاقة التكاملية بين اللغة العربية وعناصر ومكونات الثقافة الوطنية بشكل عام. وكرّم الشيخ نهيان الفائزين بجائزة القصة القصيرة هذا العام، الذين وصل عددهم إلى 17 فائزاً في فروع الجائزة المختلفة، كما كرّم لجنة تحكيم الجائزة، والفائزين بمسابقات عام القراءة التي أطلقتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة على مدار هذا العام. وتخللت الملتقى عدة جلسات، منها جلسة تأثير الإعلام الجديد على العربية الفصيحة وتحدث فيها الإعلامي أيوب يوسف الذي أبرز أن مفتاح نجاح الإعلامي في عمله، سواء كان مذيعاً أو كاتباً هو إتقانه اللغة العربية الفصحى أداء وكتابة، فهي التي تفتح له أبواب الترقي في عمله، وتجعله مطلوباً في المنابر الإعلامية، ودعا الإعلاميين إلى التنبه لهذه المسألة، وأخذها بعين الاعتبار، فحتى في مجال الإعلان فإن المؤسسات المعلنة تطلب في العادة أشخاصاً بعينهم أثبتوا قدرتهم على الأداء السليم للكلمات والجمل لأنها تريد أن تصل رسالتها إلى المتلقي بشكل كامل وفي ثوب أنيق، وتحدث يوسف عن تجاربه الإعلامية المرتبطة باللغة، ونصح المهتمين بمجال الإعلام من الشباب بأن يصرفوا بعض وقتهم لحفظ نصوص الأدب وقراءة القرآن، حتى يتكون لديهم مخزون لغوي وأسلوبي، كما تحدث عن عدة أساليب في تعلم اللغة وسهولة التحدث والكتابة بها. وعقدت الجلسة الثانية بعنوان تفعيل دور الثقافة في تعزيز مكانة اللغة العربية أدارها إبراهيم الأستادي من إذاعة دبي، وتحدثت فيها الإعلاميتان: شيخة المطيري وصفية الشحي. تحدثت المطيري عن تجربة برنامج ثقافة بلا حدود الذي قدمته في إذاعة الشارقة، مشيرة إلى أنه جاء ليسلط الضوء على الإنتاج الثقافي المتنوع والهائل في الدولة، ولم يقتصر على الأسماء الكبيرة وحدها، بل سعى إلى إبراز أعمال الشباب، فعلى سبيل المثال اهتم بتسليط الضوء على الرسائل الجامعية حتى لا تبقى حبيسة جدران الجامعة، وأضافت المطيري أن الأساس اليوم في البرامج الثقافية هو كيفية تقديم هذه البرامج بصورة تجذب القارئ، وتلفت انتباهه، وتجعله يتقبل المحتوى، أما صفية الشحي فتحدثت عن تجربتها في برنامج أبوظبي تقرأ الذي تقدمه على قناة أبوظبي، وأشارت إلى أن إحدى مشاكل البرامج الثقافية هي كون أصحاب الإعلانات لا يحبونها، لذلك لا تجنح وسائل الإعلام إلى الإكثار منها، وأكدت أنه مع التوجهات الرسمية في السنوات الأخيرة إلى دعم الثقافة، أصبح للبرامج الثقافية حضور في وسائل الإعلام، وأصبحت تلقى دعماً كريماً من المؤسسات الحكومية الإماراتية. أما الجلسة الثالثة فكان محورها اللغة العربية في الفنون وتحدث فيها كل من الفنان الدكتور حبيب غلوم العطار، والفنان أحمد الجسمي، وقال الدكتور غلوم: إن الفنون لا تستغني عن اللغة، والعلاقة بينهما متبادلة، وكلما ارتقى الأداء في أحدهما، يرتقي الثاني، ونوه غلوم بكون اللغة العربية هي ركن أساسي من هويتنا الثقافية لا خلاف عليه، وفي الوقت الذي نجد فيه الأمم تدافع عن عناصر هوية دخيلة أصبحت جزءاً من هويتها، نتقاعس نحن العرب عن الدفاع عن هذا الركن الأساسي، وهذا أمر لا يقبله العقل، فينبغي أن ننطلق من هذا الركن وندافع عنه ونعزز حضوره، وتناول غلوم قيمة أن يقدم المسرحي عرضاً بلغة عربية فصحى، فلا يمكن تقدير مدى اللذة في الأداء والفهم التي يجدها المسرحي ويجدها الجمهور عندما نكون أمام عرض مسرحي من تأليف صلاح عبد الصبور مثلاً أو عبد الرحمن الشرقاوي أو سعد الله ونوس أو غيرهم من كبار الكتاب. بدوره أشار الجسمي إلى أن المشاهد ليس ضد الفصحى وأنه يقبل على العرض بلهفة وتركيز عندما يقدم هذا العرض بالفصحى الأنيقة السلسة الخالية من التعقيد، وبنفس الإقبال عندما يقدم له بالعامية، وربما أكثر منها، وتحدث الجسمي عن نماذج من النصوص المسرحية الفصيحة التي يجد فيها المسرحيون والجمهور رقياً تعبيرياً، وتجذبهم بجماليتها، كما في مسرحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة التي سبق وأن قدمت فرقة مسرح الشارقة الوطني العديد منها، التي لقيت تفاعلاً جماهيرياً أينما عرضت، وكان العامل الأول هو الأسلوب الجميل الذي كتبت به. الجلسة الرابعة كانت عبارة عن ورشة حول طرق الأداء باللغة العربية الفصحى وكيفية نطق الحروف والكلمات، وضرورة أن يفهم الممثل الكلمات والجمل التي ينطقها، وأن ينعكس ذلك الفهم في نغمته وحركته وتعابير وجهه، ونظراً لما تتمتع به الفصحى من جرس موسيقي، فإنها تساعد من يفهمها على إتقان الأداء بها. كما تخللت الملتقى مشاهد مسرحية تضمنت إلقاء لعدد من الأبيات الشعرية للمتنبي وجميل بثينة، أخرجها الفنان عبدالله صالح وشارك فيها عدد من النجوم الشباب.

مشاركة :