د. ناجى صادق شراب في خطابه أمام الأمم المتحدة طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يكون عام 2017 هو عام إنهاء الاحتلال. هذه المطالبة تحتاج إلى مزيد من التوضيح، وتثير الكثير من التساؤلات، وأول هذه التساؤلات: هل سنرى فعلاً نهاية للاحتلال الإسرائيلي؟ وإذا كانت الإجابة بنعم كيف سيتحقق هذا الهدف؟ وبأي خيارات ووسائل؟ وهل إسرائيل على استعداد لإنهاء احتلالها؟ نعم يمكن لإسرائيل أن تعلن انتهاء احتلالها من مناطق معينة على غرار سيناريو غزة بالانسحاب الأحادي وخصوصاً من مناطق الكثافة السكانية. لكن هل هذا يعتبر نهاية للاحتلال؟ ولكن السؤال الأهم هل من علاقة بين إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية ؟ ببساطة فالإجابة البديهية نعم، لأن لا قيام للدولة بدون إنهاء الاحتلال. ما هي الخيارات والسيناريوهات على مستوى كل تصور؟ لدينا ثلاثة تصورات أولا التصور الإسرائيلي الذي لا يعترف أولا بأن إسرائيل تشكل سلطة احتلال، وترفض أن توصف بأنها دولة احتلال، لأن من وجهة نظرها ترى في الأراضي التي ستقام عليها الدولة بأنها أراض إسرائيلية أو كما تسميها (يهودا والسامرة). وفى سياق هذا التصور تعتبر أن كل المستوطنات التي أقامتها على الأراضي الفلسطينية شرعية ولا يمكن إزالتها. ومن ناحية أخرى ترى أن أي انسحاب من هذه الأراضي هو بمثابة تنازل تقدمه للفلسطينيين. ومن ناحية ثالثة هي ترفض كل القرارات الدولية التي تطالب إسرائيل بإنهاء احتلالها. أما التصور الفلسطيني فهو نقيض تماما للتصور الإسرائيلي، وينسف كل مقولات إسرائيل، فالتصور الفلسطيني يؤكد الصفة الاحتلالية لإسرائيل، وأن كل الأراضي التي قامت باحتلالها عام 1967 هي أرض فلسطينية أضافة إلى أراضي 48، وأن حدود الدولة الفلسطينية تشمل كل هذه المساحة أي ما يقارب حوالى عشرين في المائة من المساحة الكلية لفلسطين، وإنها بهذا القبول تكون قد تنازلت رسمياً عن حوالى 25 في المائة من مساحة الدولة الفلسطينية وفقاً للقرار الدولي رقم 181 لعام 1948 والذي يعطي هذه الدولة ما مساحته حوالى 45 في المائة. وعليه تعتبر السلطة الفلسطينية أن وجود القوات الإسرائيلية له صفة الجيش المحتل ومن حق الفلسطينيين ممارسة كل حقوقهم لإنهاء هذا الاحتلال. أما التصور الدولي، فهو الذي يستند إلى كل القرارات الدولية التي صدرت بشأن القضية الفلسطينية، والتي في مجملها تعتبر إسرائيل دولة محتلة للأراضي الفلسطينية، واستناداً للقرار رقم 242 الذي لا يجيز ضم أراضي الغير بالقوة. التصور الدولي هو الأقرب إلى التصور الفلسطيني، والذي توجته الأمم المتحدة بقبول فلسطين دولة مراقب، والأساس في قبول أي دولة يعنى الاعتراف بحدود هذه الدولة. وأن صفة مراقب سببها الاحتلال الإسرائيلي. لكن يبقى السؤال وكيف يمكن أن ننهي الاحتلال، وكيف يمكن أن يكون العام 2017 عام إنهائه؟ لا بد من الإشارة لعدد من الملاحظات: أولها أن دعوة عباس قد تكون رمزية بجعل عام 2017 عاما لإنهاء الاحتلال، فهو يدرك صعوبة إن لم يكن استحالة تحقيقه فعلياً، وثانياً أن مسؤولية إنهاء الاحتلال هي مسؤولية دولية بإلزام إسرائيل إنهاء احتلالها. والملاحظة الأخرى أنه لا يوجد احتلال له صفة الديمومة، فسيأتي اليوم الذي ينتهي فيه, فلا أمن ولا استقرار مع الاحتلال. ويبقى عن الخيارات المتاحة لإنهاء الاحتلال، أولا خيار المبادرة الأحادية من قبل إسرائيل بإعلانها رسمياً إنهاء احتلالها، وهذا الخيار مستبعد، ولا توجد دولة أنهت احتلالها بمحض إرادتها. والسيناريو الثاني ممارسة كل أشكال المقاومة الشرعية التي أقرتها المواثيق الدولية، وهذا السيناريو ليس بالفاعلية الكبيرة بسبب وجود السلطة وحرصها على ممارسة الدولة، وغياب الرؤية الوطنية الفلسطينية حول ماهية المقاومة والمفاضلة بين السلمية والعسكرية. ومن الخيارات الفلسطينية إلى جانب خيار المقاومة السلمية الخيار السياسي ببناء نظام ومؤسسات سياسية ديمقراطية تتوافر فيها الشفافية والنزاهة والمحاسبة حتى تكون قادرة على كسب التأييد الدولي. ومن الخيارات المتاحة تفعيل دور الدولة الفلسطينية ورفع مستوى تمثيلها في الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية. وهناك الخيار التفاوضي الذي اثبت عبثيته مع الكيان، وهناك تنفيذ القرارات الدولية، وإصدار قرار من مجلس الأمن يلزم إسرائيل بإنهاء احتلالها، لكنه خيار يبقى مرهونا بالفيتو الأمريكي، وبالتالي. كل هذه الخيارات تؤكد لنا استحالة أن يكون عام 2017 عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة، والمطلوب فقط أن يكون عاماً رمزياً، ويبقى السؤال هل ننجح في ذلك؟ drnagish@gmail.com
مشاركة :