الخوف من الوصمة.. عقبة أمام المرضى النفسيين

  • 10/15/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كتب - عبد المجيد حمدي: مع احتفال العالم باليوم العالمي للصحة النفسية والذي يتزامن مع العاشر من أكتوبر من كل عام، دعا عدد من الأطباء والمتخصصين إلى ضرورة العمل على نشر الوعي فيما يتعلق بالعلاج النفسي والإسعافات الأولية النفسية تماماً مثل الإسعافات الأولية في حال الأمراض العضوية. وتشير الإحصاءات والأبحاث التي أُجريت في دولة قطر إلى أن شخصاً من بين كل خمسة أشخاص يواجه مشكلة نفسية يمكن أن تترك أثراً بارزاً على حياته وحياة أفراد عائلته ومن ثم فلابد من العمل بشكل وثيق مع مختلف الجهات المعنية في قطر لزيادة وعي الجمهور بقضايا الصحة النفسية ومساعدته على فهمها لمحاربة المفاهيم الخاطئة المحيطة بالصحة النفسية. وأكدوا أنه على الرغم من أن السنوات الأخيرة شهدت تغييرات هامة في مسارات خدمات الرعاية النفسية وطريقة تعامل الجمهور مع الأمراض النفسية لكن وبالرغم من ذلك لا يزال هناك الكثير من العمل لمساعدة الأشخاص على مواجهة الشعور بالوصمة المرتبط بالأمراض النفسية وما يواكبه من عزلة وتمييز يقع ضحيتهما المصابون بأمراض نفسية وأفراد عائلتهم ومن يعتني بهم. وأشاروا إلى أن نظرة البعض إلى العلاج النفسي ما زالت تحتاج إلى توضيح وزيادة وعي بأهميته وتأثيره على الإنسان بشكل عام، حيث إن هناك عوامل واعتقادات كثيرة تجعل الكثيرين يحجمون عن مجرد التفكير في الذهاب إلى الطبيب النفسي ومنها نظرة البعض إلى المرض النفسي في حد ذاته واعتبار البعض أنه نوع من الجنون ومن ثم الخوف من نظرة المجتمع. وأوضحوا أن الوصمة لا تزال هي المسيطرة على عقول الكثيرين الذين لا يُدركون أهمية العلاج والطب النفسي، لافتين إلى أن الأمراض العضوية من السهل علاجها أما المرض النفسي فدائماً ما يستغرق الكثير من الوقت حتى يتخلّص المريض من آثارة. د. ماجد العبد الله: مرضى لا يتلقون الرعاية خوفاً من المجتمع يقول الدكتور ماجد العبد الله نائب، رئيس قسم الطب النفسي واستشاري أول في إدارة الصحة النفسية بمؤسسة حمد الطبية: إن الأمراض النفسية تصيب العديد من أفراد مجتمعنا، ولكن الاكتشاف السريع وتوفير العلاج في مرحلة مبكرة يُسهمان في التخفيف من الأثر الذي قد تخلفه الأمراض النفسية في حياتنا. وأوضح أنه وللأسف لا يحصل الأشخاص الذين يعانون من حالات نفسية على المساعدة التي يحتاجون إليها عندما يتعرّضون لضغوطات نفسية أو لحالات اكتئاب أو قلق حاد ويعود السبب في ذلك إلى قلة معرفتهم بالأعراض التي تشير إلى وجود أمراض نفسية أو لشعورهم بالإحراج من نظرة المجتمع لهم إذا حصلوا على استشارة الطبيب المختص. وأضاف أن الحالات النفسية شبيهة بالأمراض العضوية والجسدية وهي تستوجب الرعاية الصحيّة المتخصّصة والأفراد الذين يهملون صحتهم النفسية لفترة طويلة يعرّضون أنفسهم لاحتمال الإصابة بمضاعفات جديدة قد تتطلب علاجاً لمدة أطول، لهذا نشجّع كل من يشعر أنه بحاجة إلى مُساعدة الأخصائي النفسي، على مراجعة طبيب الصحة الأولية في المراكز الصحيّة والذي سيقوم بتحويله إلى الأخصائي المناسب لتلقي الرعاية الملائمة. وأكد أن المجتمع عليه دور كبير من حيث تعلّم أساسيات التعامل مع الضغوط وإتقان فن الحوار وفن التواصل مع ذويهم المرضى ومعرفة عامة بالأمراض النفسية وأعراض الانتكاسة، وتعلّم المهارات الأساسية للوقاية من المرض النفسي، كما أن المريض عليه دور أيضاً حيث يجب أن يتعلّم عن مرضه بشكل كامل وعن الأدوية التي يستخدمها وأعراضها الجانبية، وأن يلتحق بمجموعات الدعم والجمعيات النفسية ويتواصل بشكل مستمر مع أطبائه، ومن الممكن جداً القضاء أو التقليل من الوصمة باتباع منهج علمي يسهم في تغيير نظرة المجتمع للمرضى النفسيين لأنهم ليسوا وصمة عار بل هم مرضى عاديون جداً مثل المرضى الآخرين تماماً. د. سامية العبد الله: ضرورة التركيز على الإسعافات الأولية النفسية تقول الدكتورة سامية العبد الله، المدير التنفيذي لإدارة التشغيل بمؤسسة الرعاية الصحيّة الأولية: إن نظرة البعض إلى العلاج النفسي مازالت تحتاج إلى توضيح وزيادة الوعي بشكل أكبر حول دور الطب النفسي وتأثيرة على الإنسان بشكل عام، حيث إن هناك عوامل واعتقادات كثيرة تجعل الكثيرين يحجمون عن مجرد التفكير في الذهاب إلى الطبيب النفسي ومنها نظرة البعض إلى المرض النفسي في حد ذاته. وأشارت إلى أن البعض ينظرون إلى الطب النفسي على أنه لون من ألوان الجنون، لافتة إلى أن الخوف من الوصمة لا يزال هو المسيطر على عقول الكثيرين الذين لا يُدركون أهمية العلاج والطب النفسي، موضحة أن الأمراض العضوية من السهل علاجها أما المرض النفسي فدائماُ ما يستغرق الكثير من الوقت حتى يتخلّص المريض من آثارة. وأضافت أن مؤسسة الرعاية الصحيّة الأوليّة تساهم بنشاط كبير في الجهود الوطنية الرامية إلى تشجيع الأفراد على كيفية الاهتمام بصحتهم النفسية كما هو الحال مع صحتهم الجسدية كما تشجّع المؤسسة أيضاً على توفير الإسعافات الأولية النفسية لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها ويتم توفير ذلك عن طريق الأشخاص الذين يتم تدريبهم ويتمتعون بالثقة والخبرة للقيام بذلك. ولفتت إلى أن الإسعافات الأوليّة النفسية تعتبر عملية الدعم والمساعدة التي تعطي للشخص الذي عانى مؤخراً من أحداث حياتية مجهدة وخطيرة ويمكن أن تكون بشكل بسيط مثل الاستماع إلى شخص في أزمة وتهدئته، لافتاة إلى أن الإسعافات الأوليّة النفسية تهدف أيضاً إلى حماية الناس من التعرّض إلى المزيد من الأذى وتلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والمأوى وتوفير المعلومات وربط هؤلاء الأشخاص مع مراكز الخدمات والدعم الاجتماعي ويستطيع الناس العيش بشكل جيد على المدى الطويل إذا كانوا يشعرون بالأمان والهدوء والأمل ويتواصلون مع الآخرين، ويستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية ويمتلكون زمام السيطرة من خلال قدرتهم على مساعدة أنفسهم. د. طاهر شلتوت: المشاكل الاجتماعية ليست السبب في المرض النفسي يقول الدكتور طاهر شلتوت، استشاري أول الطب النفسي: إن نظرة المرضى النفسيين للمرض تحسّنت كثيراً عن السابق وبات هناك نوع من القبول والاعتراف بالمرض النفسي أفضل بكثير من السابق، موضحاً أنه يعمل في مجال الطب النفسي منذ أكثر من 25 عاماً ولمس بنفسه كيف تغيّرت النظرة للعلاج النفسي. وأشار في الوقت نفسه إلى أنه مازال قطاع غير قليل من المجتمع ينظرون إلى المرض النفسي على أنه نتيجة لوجود مشاكل اجتماعية أو قلة التربية أو ضعف الإيمان أو مشاكل اقتصادية ولكن الطب النفسي يؤكد أن هذه الأمور عوامل مساعدة فقط لحدوث المرض مثل الأمراض العضوية. وأضاف أن التخوّف من تناول أدوية الأمراض النفسية لايزال يسيطر على بعض المرضى النفسيين الذين يعتقدون أن الأدوية الحالية الحديثة سوف تحدث لهم إدماناً عليها وأنهم لن يستطيعوا التخلص منها، وبالتالي يتوقفون على الاستمرار في تناولها ومن ثم تحدث انتكاسات لبعض الحالات. وتابع: من الملاحظ أن قطاعاً كبيراً من الأهالي بدأوا يعترفون بالمرض النفسي وتقبّل المرضى النفسيين بينهم بعد أن كان البعض يتحرّج من ظهور المريض النفسي على الملأ أو خروجه من المنزل وكان البعض يلجأ إلى عدم اختلاطه بالآخرين ولكن الأمر تغيّر حالياً وباتت النظرة أفضل، ولكن الطريق لايزال طويلاً ويحتاج إلى مزيد من العمل في مجال نشر الوعي. وأوضح أن الصحة النفسية الجيدة هي الشعور بالراحة والثقة واحترام الذات والتي تمكّن الفرد من الاستمتاع بالحياة، بالإضافة إلى رعاية الصحة الجسدية كما أن وجود علاقات وصلات اجتماعية قوية سيلعب دوراً هاماً في تحسين الشعور بالراحة بشكل عام، لافتاً إلى ضرورة تعزيز الرسالة بأنه ليست هناك حاجة إلى الاستمرار في فصل العقل عن الجسم وأنه لا يجب تهميش الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية هم وأسرهم وأن لا يواجهوا صعوبات في الحصول على المساعدة.

مشاركة :