قال شاهدان إن 20 شخصاً على الأقل قتلوا، غالبيتهم من مقاتلي المعارضة السورية، في تفجير سيارة مفخخة أمس (الخميس)، قرب نقطة تفتيش قريبة من معبر «باب السلام» على الحدود السورية مع تركيا في شمال سورية. وقال الشاهدان إن الانفجار وقع قرب نقطة التفتيش التي تحرسها جماعة «الجبهة الشامية» التابعة لـ «الجيش السوري الحر»، بالقرب من موقف للسيارات على بعد كيلومترين من المعبر الحدودي، وهو ممر أساسي بين شمال سورية الخاضع لسيطرة المعارضة، وتركيا. وأشار شاهد الى أن عمال الإنقاذ سارعوا الى نقل عشرات المصابين إلى مستشفى أعزاز القريب، وأضاف أن المساجد تناشد الناس التبرع بالدم. ومن بين 25 مصاباً على الأقل، هناك ثمانية حالهم خطرة ونقلوا إلى مستشفيات تركية على الجانب الآخر من الحدود. وقال عبدالله الشيخ، وهو فني إصلاح سيارات: «كان الوضع مثل الجحيم، وكانت هناك جثث كثيرة ممزقة ومشوهة بسبب الأجزاء المعدنية من السيارات المتهشمة والمحترقة». ويقع معبر «باب السلام» بالقرب من مدينة أعزاز، وهي معقل أساسي للمعارضة السورية المسلحة المعتدلة التي تدعمها تركيا والمشاركة في عملية كبرى إلى الشمال الشرقي من تلك المنطقة، للتصدي لما تبقى من وجود لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) على الحدود. وطوقت فصائل عدة تابعة لـ «الجيش السوري الحر» المنطقة، بعد انتشار أخبار عن احتمال وقوع تفجير آخر. ويأتي الهجوم بعد أسبوع من تفجير متشدد من تنظيم «داعش» نفسه، في معبر «أطمة» الحدودي بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة إدلب بين شمال غربي سورية وتركيا. إلى ذلك، قال سكان ومقاتلون في صفوف المعارضة، إن المئات من مقاتلي المعارضة وأسرهم غادروا بلدتين كانتا تخضعان لسيطرة المعارضة على الأطراف الشمالية لدمشق، وفقاً لاتفاق مع الحكومة التي تدفع معارضيها إلى مناطق يسيطرون عليها بعيداً من العاصمة. وجاء الإخلاء بعد أن حدد الجيش لقادة البلدتين، وهما الهامة وقدسيا، مهلة لإخراج مئات عدة من المقاتلين من البلدتين أو التعرض لهجوم شامل. وكانت البلدتان تتمتعان بهدوء نسبي وفقاً لاتفاقات هدنة محلية. وتقول الحكومة إن اتفاقات العفو المشابهة نموذج قابل للتنفيذ لإحلال الأمن والسلام بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب، لكن معارضيها يقولون إنها تجبر المقاتلين وأسرهم على ترك منازلهم في بلداتهم، ما قد يخلق واقعاً ديموغرافياً جديداً ويصعد التوترات الطائفية. وقال أحد السكان إن 14 حافلة غادرت البلدتين وعلى متنها حوالى 400 مقاتل وأسرهم، بما يجعل إجمالي عدد من تم إجلاؤهم يزيد عن ألفي شخص على مدى يومين، لنقلهم الى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سورية. ولفت يوسف الحسناوي، وهو ساكن وعضو في مجلس المعارضة المحلي، الى أن النظام لم يمنحهم خيارات، فقد قال لهم غادروا أو نفتح عليكم أبواب الجحيم. وصعدت قوات النظام في الأيام الأخيرة، من قصفها على الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة منذ بدء الانتفاضة في العام 2011. وانتقدت الأمم المتحدة اتفاقات إخلاء البلدات والمدن، التي تقول إنها أرست سابقة مقلقة لإعادة توطين المدنيين قسراً من المناطق المحاصرة التي استخدم فيها التجويع كسلاح لإجبار المقاتلين على الاستسلام. وتقع بلدتا الهامة وقدسيا على طريق استراتيجي متجه نحو الحدود اللبنانية، الذي تقول المعارضة إن ميليشيا «حزب الله» المتحالفة مع الجيش السوري تريد تعزيز وجودها فيه لتأمين إمدادات من الأسلحة والقوات إلى دمشق. وفي شأن متصل، قال الرئيس السوري بشار الأسد لصحيفة روسية اليوم، إن استعادة الجيش السوري السيطرة على مدينة حلب التي تجدد قصفها في محاولة للسيطرة على القطاع الخاضع لسيطرة المعارضة منها، ستكون «نقطة انطلاق مهمة جداً» لدحر «الإرهابيين» إلى تركيا. وقال عمال إغاثة إن قوات النظام بدعم من طائرات حربية روسية، قتلت أكثر من 150 شخصاً في شرق حلب هذا الأسبوع، في إطار الحملة على المدينة. وأضاف الأسد في المقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية: «ينبغي الاستمرار في تطهير هذه المنطقة ودحر الإرهابيين إلى تركيا ليعودوا من حيث أتوا أو لقتلهم. ليس هناك خيار آخر»، وتابع: «حلب ستكون نقطة انطلاق مهمة جداً للقيام بهذه الخطوة». واعتبر الأسد للصحيفة أن الحرب في بلاده باتت صراعاً بين روسيا والغرب. وزاد: «ما رأيناه في الأسابيع وربما الأشهر القليلة الماضية، هو ما يشبه الحرب الباردة وربما أكثر... لا أدري ماذا أسميه، لكنه ليس شيئاً ظهر أخيراً لأنني لا أعتقد أن الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة، أوقف حربه الباردة حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي». وأردف أن تحركات تركيا في سورية تمثل «غزواً وتتنافى مع القانون الدولي والأخلاق وضد سيادة سورية».
مشاركة :