كشف أسماء «المفسدين» عقوبة رادعة

  • 3/8/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت في الآونة الأخيرة قضية «عقوبة التشهير بالأسماء» من ضمن القضايا التي تشهد سجالا وجدلا في المجتمع، فكثير من الناس يرى أن عدم تفعيل هذه العقوبة تمنح المحتال والمفسد ارتكاب مزيد من الفساد، مشيرين إلى أن المجتمع السعودي تشكل «ثقافة العيب» جزءا من تربيته، فعندما يكتشف الناس والمجتمع أمر «المفسد» فإن هذا سيكون رادعا قويا له بحد ذاته. ويتساءل المنحازون لهذا الرأي لماذا لا يتم التشهير بأسماء مرتكبي المخالفين للأنظمة والقوانين، والذين صدر عليهم حكم قضائي بالإدانة؟. فيما يرى آخرون أن «عقوبة التشهير» سيكون ضررها أكثر من نفعها، مشيرين إلى أن الإعلان عنها ربما يسيء إلى الأسرة والمنطقة التي ينتمي اليها المخالف، وربما تصل آثارها إلى المجتمع بشكل عام مؤكدين أن تأثيرها ووقعها سيكون على الآخرين أكثر من الفرد نفسه. «عكاظ» حملت هذه الرؤى المتباينة إلى عدد من المسؤولين والخبراء والمختصين، ففي البداية تحدث إلينا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» محمد الشريف، قائلا: إن التشهير بالفساد وبالجهات ليس مخالفا للنظام كما ردد البعض سابقا، إذ أنه يكون بالجهة الحكومية أو الشركة وليس بأسماء الأشخاص، طالما أن الضرر لم يقع منه. من جانبه أوضح عضو مجلس الشورى أستاذ القيادة الإدارية والتخطيط التربوي. الدكتور محمد بن عبد الله آل ناجي أن التشهير بمن يرتكب الفساد قضية مشروعه إذا ثبت من قام بالفساد، مشيرا إلى أن تسمية الأجهزة الحكومية التي يوجد لديها مخالفات للأنظمة المالية أو الإدارية من قبل الهيئات الرقابية مثل هيئة مكافحة الفساد يعتبر نوعا مخففا من التشهير، حيث يدق جرس الإنذار للجهاز وموظفيه بوجود قضايا فساد يجب حلها واتخاذ الحيطة من الوقوع فيها ويعود بالنفع العام على المجتمع وزيادة الثقة في الأجهزة الرقابية المعنية. وأضاف آل ناجي، حماية النزاهة ومكافحة الفساد عمل يحتاج إلى جهود مضنية ومستمرة وبآليات مختلفة وعلى عدة مستويات أفرادا أو مؤسسات، كما هناك حاجة لتضافر الجهود سواء من الأجهزة الرقابية مثل هيئة مكافحة الفساد أو هيئة الرقابة والتحقيق أو ديوان المراقبة العامه أو غيرها من المؤسسات أو من قبل الأفراد المواطنين الواعين بأهمية ما يقومون به من جهود في حماية النزاهه والتي تتضمن أيضا مكافحة الفساد. من جانبه قال الرئيس السابق للجنة الوطنية لمحامين وعضو اللجنة الاستشارية للتحكيم بوزارة العدل المحامي ماجد قاروب إن أي تشهير تجاه شخص أو مؤسسة لا يكون تنفيذا لحكم فضائي نهائي واجب النفاذ بالتشهير يعتبر مخالفة قانونية بالتشهير والتعريض والإساءة لمن تم التشهير به من مؤسسات أو أفراد، وقال المحامي قاروب إن الخلل التشريعي في القوانين واللوائح وكذلك الخلل التنظيمي والهيكلي في المؤسسات الحكومية واختصاصاتها هي أخطر أنواع الفساد لأنها تجبر الغير من العاملين فيها والمتعاملين معها وأصحاب المصلحة والصفة بها للتعاملات الفاسدة ومن هنا يتبين حجم التداخل بين الأجهزة حيث إن الرقابة على الأعمال الإدارية والمالية للدولة تتم من خمس جهات مختلفة، وأضاف المحامي قاروب، إن إعادة هيكلة الأجهزة بحيث تكون هيئة للمراقبة العامة وتتولى الرقابة السابقة واللاحقة على أعمال الإدارة الحكومية لجهة القرارات المالية والإدارية والمال العام لتحيل ما لديها من شبهات إلى جهاز آخر يتولى التحقيق بشكل مستقل ومنفصل ومحايد عن الجهاز الذي تولي الرقابة مهامها. أما الدكتور صالح بن عبد الله الدبل الأستاذ المشارك لعلم الجريمة في كلية الملك فهد الأمنية فيقول: مما لا شك فيه أن الفساد بكل أنواعه يحتاج إلى مكافحة وحزم ومعالجة من الجذور وليست معالجة سطحية. مشيرا إلى أن العقوبات وحدها مهما كانت قاسية وقوية لن تجدي نفعا بوجود العوامل الدافعة إلى الفساد، موضحا أن ضعف العدالة بين الموظفين أو سوء الإدارة أو قلة الحوافز وسوء ظروف العمل والخدمات المقدمة إليهم، تعتبر من أبرز العوامل المشجعة على الفساد. ويضيف ينبغي ابتداء أن يكون هناك برامج إصلاحية فعالة للعمل الإداري وتقديم التسهيلات والخدمات وتحسين بيئة العمل وتقديم الدعم الاقتصادي والجوانب الإنسانية. مشيرا إلى إنه إذا تحسنت الأوضاع فستكون النتيجة تقلص الفساد الإداري بشكل ملحوظ. ومن ثم يمكن الحزم في معاقبة الفاسدين من المرتشين وغيرهم. ويرى الدكتور الدبل أن التشهير بالمفسدين من أنجع أنواع العلاج لهذا السلوك. ففي مجتمعنا يحرص الناس على المحافظة على سمعتهم ويمكنهم تحمل العقوبات البدنية والمالية بالمقارنة بالعقوبات التشهيرية. ولهذا فإن من إيجابيات التشهير بمن يقترف الفساد المالي والإداري هو قوة الردع التي تحصل للمفسد وعبرة لمن تسول له نفسه الإقدام على هذا العمل. ويتطلب الأمر أن يتم إعلان هذه العقوبة ليعرفها الناس حتى لا يفاجؤون بالإجراءات. العقابية. وأضاف الدبل، إذا نظرنا من ناحية أخرى فهناك بعض السلبيات لهذه العقوبة ومنها تشويه صورة المجتمع والمبالغة في تخوين الناس فتضعف الثقة بين الناس في التعامل. ومن السلبيات الحذر الزائد من قبل الموظفين وترددهم في اتخاذ القرارات خشية أن يقعوا في محذورات قد توصف بالفساد المالي أو الإداري. ويرى الدبل أنه في الجملة يمكن لمكافحة الفساد أن تتخذ عدة جوانب وخطوات لتشمل الوقاية بتحسين ظروف العمل، ثم وضع الضوابط المناسبة والرقابة، ثم تطبيق العقوبة لمن يتجاوز التعليمات والضوابط وذلك بشكل موضوعي موثق ووفق إجراءات واضحة ومحكمة. المواطن أحمد الألمعي وقف مع المنادين بضرورة تطبيق عقوبة التشهير بالأسماء، خصوصا في قضايا الفساد التي تطرح على الرأي العام مهما كانت طبيعتها وظروفها، ضاربا مثالا بقضايا السيول والأمطار التي حدثت في بعض محافظات المملكة. أما هنادي مساعد فتقول، أرى أن الجهود التي تقوم بها «نزاهة» على سبيل المثال إلى جانب الجهات الرقابية الأخرى، ستكون شبه ناقصة إذا ما تم تطبيق التشهير بالأسماء، وتتساءل هنادي لماذا يخشى «المفسد» التشهير طالما هو سرق وخان الأمانة وكما يقال في المثل (لا تسرق ولا تخاف). وقالت سراء الشمالي هناك عدة مبان تعاني من نقص في الخدمات وأخرى شبه آيلة للسقوط إلا أنه للأسف نرى تجديد عقود الإيجار مع ملاكها بأسعار مرتفعة، مشيره إلى أن هذا يعتبر نوعا من أنواع الفساد الإداري الذي لو تم التشهير بمن يوقع العقود لأرينا إصلاحا متدرجا. وذهب مشهور القحطاني والذي قال إنه فقد زوج أخته جراء خطأ طبي نتيجة زيادة جرعة التخدير أثناء العملية في أحد المستشفيات الحكومية بمدينة الرياض أن التشهير بالأسماء يجعل المسؤولية تنتقل من الكيان إلى الفرد، معتبرا الأخطاء الطبية من الأعمال التي من المفترض أن يتم التشهير باسم الطبيب ومساعديه وليس التشهير باسم المستشفى. ويرى كل من تركي السالم وطلال القحطاني وهند السعود أن الهدف من عقوبة التشهير بالأسماء هو الحد من الفساد ومحاربته والحد من السلوكيات الخاطئة والمنحرفة. ودعوا إلى ضرورة أن تكون العقوبة موجهة إلى التصرف الخطأ وإلى الفرد نفسه، لكي يتم تسليط الضوء على مكمن الخلل ومعالجته ومنع تكرار المخالفات والأخطاء في المستقبل. وأبدوا ملاحظاتهم حول بعض قضايا الفساد التي تم اكتشافها ولم يتم الالتفات إلى مسبباتها وكيفية معالجتها وقياس آثارها الاقتصادية والاجتماعية.

مشاركة :