تحولت عاصمة الأمويين دمشق إلى مهرجان للطم ومواكب العزاء من قبل الأقلية الشيعية والعلوية في سورية، معززين بعشرات الألوف من المليشيات الطائفية القادمة من إيران والعراق ولبنان والهند وباكستان وأفغانستان. دمشق التي كانت رائدة في التمسك باللغة العربية وظلت مدارسها وجامعاتها حتى وقت قريب متمسكة باللغة العربية وجعلها اللغة الوحيدة المعتمدة لدراسة العلوم في الجامعات السورية وأهمها جامعة دمشق، التي عرَّبت المواد العلمية والطبية والتي تعد الجامعة العربية الوحيدة التي تدرس الطب باللغة العربية، أصبحت دمشق وبخاصة أحياؤها القديمة غريبة على العرب بعد غلبة العجمة على اللغة المتداولة، وطغت اللغة الفارسية على ألسنة المتحدثين ومن يتكلم بلغة عربية غير مفهومة يطغى عليها عجمة ولكنة غير عربية تختلط فيها لكنات فارسية وهندية وأفغانية. هكذا تحولت دمشق وغابت الأسماء التاريخية لأحيائها بعد أن بدلها المحتلون الطائفيون الذين حولوا هذه الأحياء إلى مستوطنات طائفية ظهرت غريبة جداً على أهلها الدمشقيين خاصة في شهر محرم، إذ سارت في شوارعها مواكب اللطمات وارتدى أهلها السواد وشدوا على أذرعهم الخرق الخضراء لإحياء ذكرى عاشوراء. وينقل موقع "البوابة" السوري عن أحد وجهاء الأحياء الدمشقية التي تعرضت للاحتلال الطائفي، أن هذه الأحياء لا يسكنها الشيعة والعلويون فقط الذين كانوا دائماً يشكلون أقلية، لكنها تحولت بعد تدفق المليشيات الطائفية على سوريا إلى معاقل شبه مغلقة عليهم، وأن أفراد المليشيات أخذوا على عاتقهم الوضع الأمني فباتوا يدققون في كل من يدخل ويخرج وفي أية حمولة ويفتشون السيارات، وفي الأحيان يمنعون الناس من مجرد المرور في طرق وشوارع الأحياء التي تحولت إلى محميات طائفية، وزاد تشديد الإجراءات مع اقتراب عاشوراء الذي شهد يومها العاشر من محرم الذي يؤرخ له بموقعة كربلاء التي حصلت قبل أربعة عشر قرناً، واستشهد فيها الإمام الحسين مدعين بأن احتفاءهم بتلك الشهادة التي يعتبرون حصولها نتيجة تخليهم عن الوقوف معه بعد طلبهم له ولآل البيت الذين حضروا معه من المدينة المنورة. وإحياء مواكب اللطم والتي تصل في بعضها إلى تطبير الرؤوس، يعتبرها الكثير منهم تعبيراً عن جلد الذات وتكفيراً لذنوب أسلافهم الذين خذلوا الحسين، إنهم يريدون إثبات ذلك، في حين وجد فيها ساستهم بل وحتى مرجعياتهم المتطرفة وسيلة لإرهاب المكون الإسلامي الأكبر الذين يتعرضون لكثير من الاعتداءات والإساءات في مثل هذه المناسبات.
مشاركة :