الأدب بلا نقد (2/2)

  • 10/16/2016
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

تحدثت في مقالة يوم أمس عن شكوى الأدباء والفنانين من غياب النقد، حيث إن تلك الشكوى لها إيجابياتها وسلبياتها، وقد استعرضنا الإيجابي منها لنستكملها اليوم عن الجانب السلبي لغياب النقد، ويمكننا التعرف في كثير من الأحيان على تلك النصوص التي يكتبها أصحابها ولا تلقى رواجا خارج القدرات الشخصية، التي تسمح بترويج النص مادام صاحبه موجودا، فينطفئ النص بمجرد موت صاحبه، وبعض يسأل عن حقيقة قيمة النص بعد زوال صاحبه، والسؤال يذهب في اتجاهين أحدهما على المستوى الشخصي للمبدع والثاني بالنسبة للمجتمع بعامة؟ ولن يسعنا هنا تشريح هذين السؤالين ولكنهما ضروريان للتأمل فنضعهما لعل غيرنا يحاول في الإجابة. ولكن يبدو أن الكثيرين الذين لا يجدون صدى لأعمالهم خارج محيطهم المحدود لا يتساءلون عن جودة النص الذي ينتجون. هناك جانب آخر يتعلق بذات المبدع، الذي يبدو أنها مشغولة ككل المبدعين بالإنتاج الأدبي ومحاولة نشره وتعميم اتجاهه من خلال تعريضه للنقد الأدبي، والتنويه به من خلال المتاح من المساحة في وسائل الإعلام، ولكن بعض تلك الذوات لا تدرك تماما ذلك المعنى الكامن وراء صمت الناقد، ويبدو لي في أحيان أن صمت الناقد كلام. في الجانب المخفي من تصور موجود حول اختفاء النقد، ذلك الذي يؤمن به بعض الأدباء والروائيين والقصاصين بأنهم ليسوا بحاجة إلى النقد، ذلك أن الجمهور بطبيعته قابل للتعامل مع إنتاجهم بشكل عام، وقد يعطي بعضهم دليلا على ذلك في مسألة الرواج، حيث تشكل عدد الطبعات مقياسا، ومدى الإقبال على شراء منتجاتهم الأدبية، وعدد النسخ المباعة، ولا أستطيع قول غير ذلك، إذ أعتقد أنه رغم قابلية الرواية للتسلع عندنا والإقبال عليها إلا أننا لا يمكن أن نقيس النجاح هنا بالربحية التي يحققها المبدع، إذ لا توجد في مجتمعاتنا العربية قوة تنفيذية لقانون الملكية الفكرية التي تضمن وصول حق المبدع إليه، وهو نصيب مهدور في معظم الحالات، وعادة ما تذهب كل الجهود لضبط ما يمكن أن يرد للمبدع من دخل أدراج الرياح، ربما حتى وقت كتابة هذه الكلمات، ولعل غياب صناعة السينما في كثير من الدول العربية يجعل إشهارا ودخلا معقولين لكاتب الرواية يمكن أن يحدث، وربما كان الدخل يذهب إلى السينارست الذي يحول العمل الروائي إلى فيلم، ويبدو من منطلق الغرور أن أقول إن ما يتبقى للكتاب في هذا الجانب هو الشعور الحقيقي بقيمة النقد الأدبي، وكذلك قد يبدو صحيحا أن ما يروق للنقاد قد لا يحصل على الجماهيرية، ولنا في السينما خير دليل، كما يمكن تلمس مصير الأدب من دون نقد، سيكون مظلما كالمبحر في لجة بليل بلا بوصلة.

مشاركة :