دعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان الى «كتابة البيان الوزاري بحبر الحوار والتوافق وفي أقرب وقت، لتنطلق الحكومة بإدارة شؤون المواطنين». وشدد على «أن إعلان بعبدا أصبح وثيقة معبرة عن الإرادة الوطنية الجامعة»، معلناً أنه «سيتم إطلاق اللامركزية الإدارية الموسعة من القصر الجمهوري خلال الأيام المقبلة». كلام سليمان جاء خلال افتتاح ملتقى لبنان الاقتصادي الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال بالاشتراك مع المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان «إيدال» واتحاد الغرف اللبنانية ووزارة السياحة في لبنان ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الأسكوا»، في فندق «فورسيزنز» في بيروت، بمشاركة أكثر من 500 شخصية من لبنان وعدد من البلدان العربية، يتقدمهم رئيس الحكومة تمام سلام، رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة، والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى (للمزيد). وقال سليمان: «قد يبدو هذا المنتدى حدثاً عادياً، غير أن ما جعل الحدث يستحوذ على هذا القدر من الاهتمام، هو الإرادة الجماعية للسير قدماً في الإنماء والإصلاح، بدل التقوقع في قاعات الانتظار، أسرى للصراعات الإقليمية والخارجية، ورهائن نتائج الأحداث فيها»، لافتاً إلى أن «الانغماس في معالجة الحالات الطارئة حال دون استكشاف السبل الكفيلة بإدخال الإصلاحات البنيوية في اقتصادنا، ومنعنا من التفكير الجدي في وضع الرؤى والخطط للسياسات الاقتصادية الهادفة الى التنمية المستدامة، فانحصر اهتمامنا بتجنب الانهيار وتأجيل الأزمات الضاغطة على الوضع المالي». أضاف: «إن الأداة الأساسية لمعالجة مَواطن الضعف لدينا، تكمن في إعداد موازنات متينة، يتفرع منها العديد من السياسات القطاعية المفروض أن تكون متممة للنظام الضريبي وهيكل الإنفاق. وإن موازنة كهذه تشكل في حال تطبيقها المنصة الأساسية لقولبة السياسات الماكرو- اقتصادية. من هنا، تبرز ضرورة وضع النصوص القانونية، التي تقضي بإجراء مراجعة سنوية للواقع الاقتصادي، بمعاونة القطاع الخاص، لوضع الأسس المناسبة لهندسة الموازنة وإدارة الدين العام». للشراكة بين القطاعين العام والخاص وتابع: «آن الأوان لوضع سياسات اقتصادية جريئة وعقلانية، وإجراء إصلاحات شاملة، تهدف إلى زيادة الواردات وترشيد الإنفاق، وهذا ما يدفعنا إلى التفكير الجدي في إعادة درس سياسة الدعم، وبضرورة اعتماد أنماط الخصخصة الملائمة لبعض المرافق، كذلك ينبغي الإسراع بإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ووضع الأطر الناجحة لتوجيه الاستثمارات المحلية والخارجية، باتجاه القطاعات الخدماتية، بدلاً من توجيهها نحو الودائع المصرفية الجامدة، أو حصرها بقطاعات البناء وأماكن الترفيه». ورأى أن «كل ذلك، يتطلب وضع خطة إنمائية موحدة وشاملة، قادرة على تحقيق الإنماء المتوازن، ما سينعكس إيجاباً على إنماء المناطق كافة، خصوصاً مع اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة». أضاف: «هذه التنمية الاقتصادية والإنمائية، لا بد من أن تتزامن مع تطبيق الخطط التي وضعناها للتطوير المجتمعي، ومع الإسراع بإقرار سلسلة الرواتب، وتنفيذ الإصلاحات البنيوية والإدارية المتلازمة معها. أما الأفضلية القصوى، فيجب أن تعطى للمضي قدماً في مسيرة التنقيب عن النفط والغاز لاستثمار هذه الثروة، ما سيفتح آفاقاً جديدة لتمتين الاقتصاد الوطني. وليس من الصعب تأمين الأموال الضرورية لتمويل هذه البرامج، إذا أحسنا اختيار سبل تأمين الموارد الملائمة لها، بغية عدم إرهاق الموازنة بالعجز والمديونية». رهن التوافق السياسي وإذ لفت إلى «أن تحقيق هذه الأمور هو رهن بالتوافق السياسي والأمن والاستقرار»، سأل: «هل الاختلاف السياسي وزعزعة الأمن وتقويض الاستقرار نكبة قدرية دائمة يفترض بنا أن نتعايش معها؟ هل هذه الحجة هي سبب وجيه للاستمرار في تأجيل الإصلاحات الضرورية، ومعالجة احتياجات الشعب الملحة؟». وقال: «لقد أثبت التاريخ أننا نكون أقوى عندما نكون متفقين على قضايا المصلحة الوطنية. وفي إطار سعينا وراء هذه الوحدة، وبحبر الحوار، كتبنا إعلان بعبدا الذي أصبح وثيقة معبرة عن الإرادة اللبنانية الجامعة، ومرجعاً لكافة البيانات الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو حكومات المجتمع الدولي. إن هذه القيمة الوطنية المنبثقة من الحوار الوطني، جعلت من إعلان بعبدا نقطة ارتكاز لإنشاء مجموعة الدعم الدولية للبنان، وللعملية التي أطلقتها من نيويورك وباريس لأجل مساعدة لبنان، والحفاظ على استقراره وأمنه، ودعم اقتصاده والتخفيف من معاناته في استضافة اللاجئين السوريين». وزاد: «على هذه الخلفية بالذات، نسجنا التوصيات والسياسات والخطوات العملية لمساعدة لبنان، بما في ذلك الهبة السعودية المخصصة للمساهمة في إعادة تجهيز الجيش اللبناني، والمؤتمر الخاص بالبعد الأمني المزمع عقده في روما في خلال الأسابيع المقبلة. هذه الخطوات والخلاصات بنيت على دراسات أجراها البنك الدولي، وخريطة طريق للمشاريع والبرامج التي وضعت بالتعاون مع الوزارات المختصة، وإنشاء صندوق ائتماني متعدد المانحين، بدأ باستقبال التبرعات، فضلاً عن العديد من المبادرات والمساعي الديبلوماسية التي اتخذتها بلدان عدة دعماً للبنان، فمن الواجب الوطني إذاً، المتابعة بدينامية مسار التنفيذ، من قبل الحكومات المتعاقبة، للإفادة من النتائج التي يمكن الحصول عليها، بدل الوقوف على رصيف الانتظار الطويل لوصولها». وقال: «في إطار سعينا وراء هذه الوحدة أيضاً، تغلبنا على الصبر، وتخلينا عن السقوف العالية، وشكلنا حكومة للمصلحة الوطنية حكومة توافقية متوازنة، لا ثلث معطلاً ولا تفرد فيها، نعقد عليها آمالاً كبيرة، فلنكتب البيان الوزاري بهذا الحبر نفسه، حبر الحوار، حبر التوافق، الحبر الذي كتب به البند «ي» من مقدمة الدستور، فلنكتب البيان الوزاري في أقرب وقت، لتنطلق الحكومة في معالجة شؤون الوطن والمواطنين». ودعا سليمان إلى أن «نثابر متكافلين متضامنين على حفظ مؤسساتنا وحمايتها من كل جنوح وفساد، لتعزيز بنيان دولتنا، التي تبقى الضامن الوحيد لوحدتنا الوطنية وللانتظام العام في البلاد. كذلك علينا واجب احترام مواعيد الاستحقاقات الدستورية المقبلة، لاسيما منها إجراء الانتخابات الرئاسية قريباً وإجراء الانتخابات النيابية على قاعدة المناصفة والتمثيل الشعبي الصحيح». وبعد عودته إلى قصر بعبدا، استقبل سليمان البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي بادره بالقول إن «رئاسة الجمهورية مثل شجرة الأرز كلما اشتدت العواصف في وجهها كلما تشبثت جذورها في الأرض وازدادت صلابة في الدفاع عن حرية لبنان وسيادته»، مؤيداً «كل ما يقوم به الرئيس سيلمان من أجل الوحدة والاستقرار وما حققه منذ أيام في باريس من خلال اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان في قصر الإليزيه واستعدادها لدعم لبنان سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ومساعدته في موضوع النازحين». كما تناول البحث وفق المكتب الإعلامي في بعبدا «الأوضاع السائدة راهناً وأهمية إنجاز البيان الوزاري من أجل أن تواكب الحكومة التطورات والاستحقاقات المقبلة وشؤون الوطن والمواطنين». لبنانلبنان احداث امنية
مشاركة :