الفرق النوعي بين الاكتساب التلقائي للمعرفة والتعلّم الاضطراري - إبراهيم البليهي

  • 7/21/2013
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

تتشكَّل الذات الفردية تلقائيًّا بما تتبرمج به في مرحلة الطفولة إنها مرحلة التأسيس الحاسم الذي يبقى يتحكم بالفرد ويستبقيه مغتبطاً بهذا التحكم فيتوهم أنه صنع ذاته بذاته ويغفل عن حقيقة أنه كائنٌ مبرمَج تلقائيًّا وأن تفكيره واهتماماته وقيمه وعاداته الذهنية والسلوكية ليست سوى انسياب تلقائي مما تبرمج به في طفولته.. إن هذا التأسيس التلقائي هو تشكيلٌ للعقل والوعي وهو يتم في مرحلة الاكتساب التلقائي للمعرفة إن المعرفة المكتسبة في هذه المرحلة ليست معلومات بل هي لبنات لبناء العقل ذاته وتشييد الوعي نفسه وبها تتكوَّن الذات ويتحدَّد مسارها فالفرد بهذا التشرُّب التلقائي يتبرمج بالثقافة السائدة ويكتسب اللغة من دون جهد مقصود ومن غير عون منظَّم من أحد فما تنقله الحواس إلى الدماغ تتم معالجته تلقائيًّا كلبنات لبناء العقل وتكوين مسارات ومشابك بين خلايا الدماغ وإقامة روابط وجسور بين أنظمة التحكُّم المختلفة.. إن الاكتساب التلقائي (التبرمج) هو التعلُّم الذي يتفق مع طبيعة الإنسان التلقائية وهو التشكُّل الذي يبقى غالبًا مع الفرد طول عمره فالقابليات المفتوحة تتشرب مؤثرات البيئة تلقائيًّا بواسطة الحواس وتعالجها تلقائيًّا وتتشكَّل بها بغض النظر عن محتواها وعن نصيبها من الحقيقة أما التعلُّم الاضطراري الذي يقاد إليه ويُدفع الدارسون في كل المجتمعات من غير رغبة ذاتية منهم ولا إحساس بالحاجة إليه فهو يأتي لذات قد تشكَّلَتْ ولوعي قد تحدَّد إنه مضادٌّ لطبيعة الإنسان التلقائية لذلك لا تستجيب له قابليات الإنسان إلا بصعوبة ويبقى طلاءً خارجيًّا ينسلخ بالنسيان بمجرد الانتهاء من أداء الامتحان.. وكما أنه يوجد بين الثقافات المختلفة حواجز صلدة يصعب اختراقها فإن نفس هذه الحواجز قائمة في ذوات الدارسين تستبقى الأفكار المغايرة والعلوم الطارئة خارج بنياتهم الذهنية فالفكرة المستقرة ترفض وتقاوم الفكرة الدخيلة.. ولكن رغم أن كشوف العلوم وحقائق الواقع تؤكد أن الإنسان كائنٌ ثقافي وأن الأفراد يتبرمجون بمعطيات البيئة التي ينشأون فيها أيًّا كانت هذه المعطيات كما تؤكد انفصال ثقافات الأمم المختلفة انفصالاً واسعًا وعميقًا فلكل أمَّة طريقة تفكير وتصورات ومنظومة قيم وأنواع اهتمامات وعادات ذهنية وسلوكية مختلفة عن الأمم الأخرى وأن هذه الاختلافات النوعية تجعل الأمم بجميع أفرادها عوالم متضادة تلقائيًّا كتضاد الماء والزيت فلا تكاد أية أمة تتفهَّم أولويات وتفضيلات وتصورات وقيم واهتمامات وعادات وأسلوب حياة الأمم الأخرى وأنه لا يمكن اجتياز الحواجز الفاصلة بين هذه العوالم المتباعدة أو المتدابرة المتمايزة ذهنياً وعاطفياً إلا إذا تحقق الوعي الحاد بوجودها وجرى بذل جهود استثنائية كثيفة للتخفيف من غلوائها وإقامة جسور للتواصل والتفاهم والتعايش وحتى بعد كل ذلك تبقى جسور التواصل ضعيفة وهشَّة وقابلة للانكسار السريع كما حصل حين تفككت يوغسلافيا فصار الزملاء والأصدقاء المختلفون ثقافياً يقتل بعضهم بعضاً بضراوة فظيعة بعد التحريض المتبادَل فالتبرمج التلقائي هو المتحكِّم الحقيقي أما التعايش فهو سلوكٌ سطحيٌّ براجماتي يتقوَّض بسهولة وسرعة.. إن تفهُّم وتداول هذه الحقائق العلمية بتجلياتها الواقعية الصارخة مازالت محصورة في دوائر علمية ضيقة ولم تصبح ثقافة إنسانية عامة وليس أدل على غياب هذه الحقائق الماثلة والكثيفة من الاستنكار الشديد الذي قوبل به كتاب (صراع الحضارات) لهنتنجتون فردود الفعل ضد هذا الكتاب تؤكد أن حقيقة انفصال الثقافات انفصالاً حادًّا مازالت حقيقة غائبة ومستنكَرة وهنا تتضاعف المعضلة إن هذا الغياب وهذا الاستنكار يستبقي الحواجز كما هي أو ربما يكرس وجودها ويضاعف استحكاماتها كما أنه يستبقي الأوهام الكبرى التي تَعتبر أن التعليم هو مفتاح التطور من دون اهتمام جاد بإزالة العوائق الثقافية العميقة الصلدة التي تعوق تأثير العلوم وبذلك يظل التعليم في الكثير من المجتمعات من عوامل تكريس التخلف بدلاً من أن يكون أبرز عوامل النهوض، إن التعليم النظامي في كل العالم خصوصًا في الثقافات المنغلقة سيبقى فعَّالاً في توسيع وتعميق الفواصل بين الثقافات ويؤجج أسباب القطيعة فيما بينها إلا إذا تم الاعتراف بأن الثقافات المختلفة عوالم متمايزة تمايزًا حادًّا وأن التلاقح فيما بينها مازال ينحصر في المظاهر والشكليات.. إن جدوى التعليم في كل المجتمعات تتوقف على إدراك طبيعة البرمجة التلقائية وتعميم الفهم للفواصل الثقافية فلا يمكن حل الإشكالات من غير الاعتراف بها وستبقى نتائج التعليم النظامي في كل العالم ضئيلة غاية الضآلة إلى أن يعرف المعلمون والمتعلمون الفاعلية الحاسمة للتبرمج التلقائي في الطفولة فالإنسان كائنٌ يتبرمج تلقائيًّا بمؤثرات البيئة التي ينشأ فيها وقد ثبت علميًّا أن المعلومة السابقة تقاوم المعلومة اللاحقة وتطردها أو تحيلها لصالحها فالعقل يتشكل بالأسبق إليه وإذا كان هذا الصراع المحسوم دائمًا لصالح الأسبق يحصل تلقائيًّا بين معلومتين سبقتْ إحداهما الأخرى إلى الذهن فإن البرمجة التلقائية للعقل والعواطف أشد رفضًا وأعنف مقاومة لأي تصور مغاير لأن الذات بكل مقوماتها وبجميع آلياتها معجونة بهذا التبرمج التلقائي وتستمد منه وعيها ورؤيتها ومعاييرها وأحكامها فهي التي شكلت الوعي وهي المعيار وهي الحارس وهي الحَكَم فالإنسان ينظر إلى كل شيء بواسطة معايير البرمجة التي شكَّلَتْه ولا يمكن أن يفيق الإنسان من هذا التنويم المستحوذ كليًّا ويسري في الذات سريان الحياة إلا في حالات فردية استثنائية نادرة تبقى خارج النسق السائد وغير مؤثِّرة فيه فلا بد من جهد عالمي كثيف تحشده اليونسكو والمنظمات العالمية الأخرى ذات العلاقة للعمل على تحرير العقل البشري من عوامل القطيعة الراسخة بين الثقافات وفتح نوافذ واسعة ومتنوعة للرؤية المتبادلة وإقامة جسور كافية للتواصل والتحاور والتعايش.. إن الطلاب في كل العالم يَدْرسون نفس المواد العلمية: الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم الأحياء وغيرها من علوم العصر ثم تختلف المواد حسب ثقافة وتاريخ كل مجتمع ولكن ليس هذا هو مَصْدر الاختلاف بل العائق الحقيقي هو الاختلاف النوعي في البرمجة الثقافية التلقائية وكما يقول المفكر الكبير إدكار موران في كتابه (النهج): ((الثقافة تتيح التعليم والمعرفة لكنها أيضا تحول دونهما خارج نطاق شروطها ومعاييرها فينشأ عندئذ التنافر بين الذهن المستقل وثقافته)) فالثقافة المقصودة هنا هي التبرمج التلقائي من البيئة إن هذا التبرمج هو الذي ينقل الفرد من عالَم القابليات إلى عالم التحديد والتنميط الثقافي وبذلك يتيح له أن يواصل التعلم لكن ضمن شروط الثقافة التي تَبرمَج بها ووفق معاييرها وطريقة التفكير الخاصة بها أما حين يستيقظ الفرد ويدرك هذه الحقيقة الصاعقة فإنه يصبح في مأزق المواءمة بين استقلال تفكيره وشروط ومعايير البرمجة الثقافية التي كانت تتحكَّم به قبل يقظته.. إننا حين نحاول تقييم نتائج التعليم النظامي فإننا يجب أن ننطلق من حقيقة أن الإنسان يتعلَّم ضمن ثلاثة مسارات: المسار الأول الحاسم هو التبرمُج التلقائي الذي تتشكل به الذات فكل نمو هو استطالة وامتداد لهذا التبرمج إنه مثل الشجرة الضخمة التي تأتي امتدادًا لبذرة إنها تعلو وتتفرع وتمتد لكنها تبقى مجرد امتداد لتلك البذرة.. أما المسار الثاني فهو التعلُّم المدفوع برغبة فردية ذاتية متأججة وهذا المسار هو نوعٌ استثنائيٌّ نادر تتحرر به جزئيًّا أو كليًّا الذاتُ مما تبرمَجَتْ به، إنه اندفاعٌ ذاتيٌّ تلقائيٌّ وهذا المسار هو مصدر كل التطورات الإبداعية في مختلف المجالات العلمية والأدبية والحضارية، ولكن هذا المسار محصورٌ بالفئة المبدعة أو الأفراد الرواد فهو مسارٌ فرديٌّ استثنائي وليس عامًّا لأن الحياة البشرية تقوم على الإبداع والاتباع أو على القيادة والانقياد أو على الريادة والاستجابة فلا يمكن أن تنتظم حياة المجتمع ولا أن تستقر لو لم تكن الكثرة تنقاد تلقائيًّا والقلة المتميزة تقود.. أما المسار الثالث من مسارات التعلُّم فهو الذي يساق إليه مئات الملايين من الدارسين في كل أقطار الأرض في المراحل الدراسية المتدرجة من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الجامعية وهذا المسار ليس له تأثير جوهري على البنية الذهنية (فكرًا وأخلاقاً) فقد جرى التعارف على أنه يؤهِّل للدخول في مجالات الأعمال المهنية ولكن الشكوى في كل المجتمعات تتصاعد من أنه ضياعٌ للأعمار والأموال وإهدارٌ للطاقات فهو يستغرق ربع قرن من أعمار كل جيل وبذلك تكون مدة الإعداد للعمل مماثلة لمدة العمل ذاته ومع كل ذلك يأتي الخريجون لمواقع العمل من غير مهارات مهنية، إنه الضياع المؤكَّد بكل ماتحمل كلمة الضياع من معنى.. إن الإنسان لا يكتسب المهارات المهنية من حفظ معلومات وإنما يكتسبها من الممارسة الحيَّة المصحوبة بالاندفاع والمتعة إن غياب المهارات أو ضعفها ليس بسبب أن الناس يمارسون أعمالاً لم يتخصصوا فيها دراسيًّا كما يدعي البعض وإنما لأن الكلال هو الأصل ولا يمكن اكتساب المهارة إلا بالممارسة مع الرغبة في العمل وتوفُّر المتعة في الأداء إن المجال العملي يختلف نوعيًّا عن المجال النظري فلا سبيل لاكتساب المهارات العملية إلا بالممارسة المشحونة عاطفيًّا إن الإنسان السوي قادرٌ على اكتساب المهارة المهنية في معظم الأعمال من دون دراسة نظرية بل بواسطة التدريب السريع الكثيف والممارسة الجيَّاشة بشرط توفر الرغبة في العمل والاستمتاع به.. في أمريكا وهي الأعظم فاعلية تُظهر الدراسات أن أكثر الخريجين يعملون في مجالات تختلف كلياً عن تخصصاتهم الدراسية وكما يؤكد خبير التحفيز زيج زيجلر بأن: ((أكثر من 80% من كل خريجي الجامعات في أمريكا بعد عشر سنوات على تخرجهم يعملون في حقل لا يمت بصلة أبدًا إلى مانالوا شهاداتهم فيه)) ثم يتحسَّر على الأعمار التي أُهدرتْ فيقول: ((يالها من مضْيَعَة لا تُصَدَّق)) وفي الحروب ينخرط المشاركون في أعمال دقيقة لم يتخصصوا بها ويكتسبون المهارات بسرعة وكفاية لذلك فإن الكاتب الإيطالي جيوفاني غواريسكي يقول ساخرًا بأنه: ((لم يَعُدْ يَذْكُر ما إذا كان قد دَرَس الحقوق أم الطب)) إن مئات الملايين في كل أقطار الأرض يضطرون لحفظ أشتات من المعلومات ليس اقتناعًا بأهميتها ولكن لأنها السبيل الوحيد للحصول على شهادة تتيح فرصة لدخول مجال العمل أما المعلومات فيتم نسيانها.. إن كل المجتمعات تشكو بمرارة من عُقْم التعليم النظامي رغم طول مدته وكل المجتمعات تبحث عن حل ويتوهَّم البعض أن الخلل ناتجٌ عن ضعف المعلمين أو عن عدم إخلاصهم وغفلوا عن أن الخلل آت من تعارض التعليم النظامي مع طبيعة الإنسان التلقائية وهنا نشير إلى مبادرة فريدة أقدمَتْ عليها وزارة التعليم في تايلاند فقد قامت بإجراء امتحان للمعلمين ليس في المواد القديمة التي حتمًا قد نسوها وإنما في المواد التي يمارسون تعليمها وهنا تتضاعف دلالة التجربة فقد جاءت النتيجة فاضحة تمامًا وكاشفة تؤكد أن التعلُّم الاضطراري لا يُسفر إلا عن معلومات مؤقتة تُنسى بعد أن ينتهي الغرض منها فالنتائج التي يحققها التعليم هي نتائج مؤقتة فالإنسان كائنٌ تلقائي ولا يمكن فتح عقله وعواطفه وقابلياته إلا من داخله فالذي يواصل التعلُّم مضطرًّا وليس عن رغبة ذاتية عميقة بل من أجل الحصول على شهادة أو وظيفة سوف ينسى بسرعة كل ما تعلَّمه ومن هنا أظهرتْ الامتحانات التي أُجريتْ للمعلمين في تايلاند رسوب 80% منهم وهذه النتيجة ذات دلالة عميقة والأغرب في الحالة أنه قد تم امتحانهم في مواد يمارسون تعليمها ويُفتَرض أن معلوماتهم تنمو بدلاً من أن تتآكل فتبقى حية ونامية في أذهانهم لكن النتائج أثبتت العكس، ثم إن الأمر لم يقتصر على أن إجاباتهم لم تكن كاملة أو أنهم لم يحصلوا على أرفع الدرجات بوصفهم معلمين وإنما كان الرسوب جماعيًّا وعامًّا وهي نتيجة فاضحة وصاعقة.. إنها نتيجة لا تخصُّ المعلمين في تايلاند ولكنها بالتأكيد تنطبق على كل المعلمين في كل العالم بل تنطبق على كل الجامعيين في مختلف المجالات بل تنطبق على كل من لم يكن البحث العلمي مهنةً له مهما عَلَتْ شهادته ولو أن العالَم كلَّه أجمع على تكرار امتحان الخريجين القدامى وحملة الشهادات العليا بين فترة وأخرى لكانت النتائج مفزعة وهذا يستوجب إعادة النظر جذريًّا في العملية التعليمية التي تستغرق ربع قرن من أعمار الدارسين ومع ذلك تنجلي عن خواء فاضح يصرخ بالضياع في الأعمار والأموال والطاقات والأسوأ من ذلك هو اتخاذها معيارًا للكفايات مع أنها لا تحمل أية دلالة في المجالات العملية فالأداء يختلف نوعيًّا عن المعلومات.. لقد اعتاد العالم على هذا النمط من التعليم النظري العقيم ورغم اختلاف المحتوى بين مجتمع وآخر فإن النتيجة دائماً هي ضآلة المحصول وسرعة تآكله ونسيانه ليس هذا فحسب بل إن التعليم قد يسدُّ منافذ العقل ويصيب القابليات الإنسانية العظيمة بالعطالة والانغلاق.. لقد نبَّه الكثيرون إلى هذا الخواء ومنهم جون ماكسويل وهو مؤلف أمريكي معروف ومقروء عالميًّا وتُترجم كتبه إلى لغات كثيرة ويدير مجموعة منظمات للتدريب ومساعدة الناس لاستثمار قابلياتهم وتنمية قدراتهم وهو يتذكر في كتابه (الفشل البنَّاء) كيف أنه في أول يوم دراسي في السنة الأولى من الجامعة صُعق حين أعلن الأستاذ بأن نصف طلابه لن ينجحوا ويقول أدركت أن ((التعليم لعبة)) لقد نبَّه ماكسويل إلى حقائق جرَّبها الملايين غيره تتلخص في نقاط: الأولى أن التعليم النظامي قائمٌ على الإلزام وليس على الالتزام فالطالب إما أن يحفظ أو يرسب وليس أمامه خيارٌ ثالث ومعلومٌ أن الإلزام إكراهٌ ومع الإكراه تنسد القابليات وكما أكَّد كريشنا مورتي في كتابه (الحرية الأولى والأخيرة): ((أن الإكراه يجعل الذهن بليدًا)).. النقطة الثانية: أن الدارس يُرغم نفسه على حفظ معلومات لا يحس أنه بحاجة إليها ولا يرى أنها مهمة له لا في حاضره ولا في مستقبله.. النقطة الثالثة التي أبرزها جون ماكسويل: أن الدارس يبذل جهداً كثيفاً وشاقاً في أزهى سنوات عمره لحفظ معلومات لا يحتاجها فينساها بسرعة فالنسيان هو مصير كل مايتم حفظه قَسْراً فياله من هدْر فظيع للطاقة والوقت ليس لفرد واحد وإنما لمئات الملايين!!.. النقطة الرابعة: أن الدارسين لا يجتهدون في الحفظ اقتناعاً بأهمية ما يحفظون وإنما من أجل النجاح أو الحصول على درجات عالية فحفْظ المعلومات ليس مطلوبًا لذاته وإنما هو مجرد وسيلة فجون ماكسويل كان متفوقًا في دراسته وكان أحد الخمسة الأوائل في التخرج ومع ذلك يَعتَبر أنه لم يستفد شيئًا وأنه أضاع سنوات من عمره في الحفظ الذي محاه النسيان.. النقطة الخامسة: أن الدراسة النظامية الطويلة والثقيلة توهم الدارسين أنها تؤهلهم للعمل بينما أن الواقع أن الأداء العملي يختلف نوعيًّا عن المعرفة النظرية فهم يدخلون مجالات الأعمال من دون مهارات مهنية.. ومما يشير إلى أن الجميع يدركون بأن الحفظ هو شيءٌ مؤقَّت هدفه النجاح في الامتحانات أن الطلاب لابد أن يعرفوا موعد امتحان كل مادة فلا يأتون للامتحان وهم يجهلون المادة التي سيكون فيها الامتحان ولو حصل خطأ لكان من حقهم الاحتجاج وهذا يؤكد أن الجميع يعلمون أنها معلومات وقتية تنمحي سريعًا بالنسيان فلو كانوا يحملون معارف راسخة وجاهزة لكانوا جاهزين للامتحان في أي وقت وهذا مغايرٌ للواقع تمام المغايرة..

مشاركة :