جمانة غنيمات تكتب: جرائم «الشرف» بدعم قانوني

  • 10/16/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حذرت الكاتبة الصحفية الأردنية، جمانة غنيمات، رئيس تحرير صحيفة الغد، من تصاعد معدلات جرائم الشرف في الأردن، وتكرار قتل نساء وفتيات، كون الأمر مدعوما بضعف التشريعات التي لا تحمي النساء من العنف وحتى القتل. وترى الكاتبة، أن القضية في التشريع وليس في الجريمة ذاتها، من حيث إن القانون الذي يفترض أن يكون رادعاً صار يعد بالممارسة دافعا إلى ارتكاب القتل أو استسهاله في أفضل الحالات، بحكم العقوبة المخففة، وأن المجتمع  بات مؤهلاً أكثر من ذي قبل لقبول هذا النوع من الجرائم وتبريره، رغم بشاعة الفعل، بل إن التفسيرات تعطي كل الحجج والذرائع للذكور لتعنيف النساء وصولاً إلى القتل. وتشير جمانة في مقالها المنشور بصحيفة الغد الأردنية، إلى أن أخطر من ذلك أن التسليم بـنبل القضية التي لأجلها ارتكب الذكر جريمته، يجعل المجتمع يغض الطرف عن الأسباب الحقيقية لارتكاب العمل! فكيف تُقتل فتاة لأن شقيقها اكتشف أن بحوزتها هاتفا محمولا، وغير ذلك من أسباب، لها علاقة في الحقيقة بخلافات شخصية وميراث مالي، تجعل الذكر يرتكب فعله مختبئا خلف قانون يعطيه حكماً مخففاً بحكم تواطؤ المجتمع والأسرة؛ طالما أن من ماتت هي مجرد أنثى تمسّ شرف العائلة ولا تضيف له؟! وتطالب الكاتبة بتعديل التشريعات ، ولكنها تخشى من سيطرت قيم وعقلية ذكورية،  تؤمن بهما شريحة من النساء أيضاً تستسيغ الأمر وتؤمن به، مما يجعل  الفرص غير مواتية لتعديل التشريعات. وتصل رئيس تحرير صحيفة الغد، إلى القول : إن علينا أن لا نعتمد على الذكور والإناث ذكوريات الثقافة والعقلية في تعديل التشريعات ذات الصلة. وإنما العمل مع الرجال الحقيقيين، والنساء المتحررات من عقدة دونية المرأة، لتعديل المواد التشريعية التي تميز ضد النساء حدّ قتلهن، ناهيك عن إهدار كل حقوقهن قبل ذلك. نص المقال: لن تنتهي ما تسمى جرائم الشرف من على وجه البسيطة؛ إذ لن يتوقف ذكور عن قتل إناث بحجة حماية شرفهم. وهذا النوع من الجرائم موجود منذ بدايات الخليقة الأولى، وسيبقى قائماً حتى في أكثر المجتمعات تحضرا، ولو بمسمى جريمة عاطفية (Passion Crime)، فما بالكم بمجتمع كمجتمعنا الأردني ما يزال في طور النمو. هكذا، لا تتمثل القضية الأساس لدينا في محاولة القضاء على هذا النوع من الاعتداءات على النساء، لاسيما أن مجتمعنا محكوم بمجموعة من القيم التي تشجع عليه. إنما المشكلة في القانون الذي يبرر قتل النساء، فيحفز الذكور على إتيان الجرم، كون القتلة ينالون حكماً مخففاً! فعلا، القصة في التشريع وليس في الجريمة ذاتها، من حيث إن القانون الذي يفترض أن يكون رادعاً صار يعد بالممارسة دافعا إلى ارتكاب القتل أو استسهاله في أفضل الحالات، بحكم العقوبة المخففة. وعلى قاعدة من أمن العقاب أساء الأدب، أو استسهل القتل في هذه الحالة، فقد شهدنا خلال الفترة القليلة الماضية تكرارا لجرائم قتل نساء وفتيات، كون الأمر مدعوما بضعف التشريعات التي لا تحمي النساء من العنف وحتى القتل. ويبدو مفهوماً أن مجتمعنا الذي يعاني الردة على كل شيء إيجابي تقريباً، بات مؤهلاً أكثر من ذي قبل لقبول هذا النوع من الجرائم وتبريره، رغم بشاعة الفعل. فتجد التفسيرات تعطي كل الحجج والذرائع للذكور لتعنيف النساء وصولاً إلى القتل، من دون أن يرفّ جفن للمجتمع عموماً إزاء قسوة الفعل الذي يمثل جريمة مكتملة الأركان. أخطر من ذلك أن التسليم بـنبل القضية التي لأجلها ارتكب الذكر جريمته، يجعل المجتمع يغض الطرف عن الأسباب الحقيقية لارتكاب العمل! فكيف تُقتل فتاة لأن شقيقها اكتشف أن بحوزتها هاتفا محمولا، وغير ذلك من أسباب، لها علاقة في الحقيقة بخلافات شخصية وميراث مالي، تجعل الذكر يرتكب فعله مختبئا خلف قانون يعطيه حكماً مخففاً بحكم تواطؤ المجتمع والأسرة؛ طالما أن من ماتت هي مجرد أنثى تمسّ شرف العائلة ولا تضيف له؟! هكذا، يكون الكل في النهاية شريكاً في الجريمة؛ الأسرة والمجتمع، كما القانون الذي يخفف عقوبة القاتل عبر إعطائه مخارج وثغرات يستفيد منها كأنما قتل ماشية! ومن هذه الثغرات القانونية في قانون العقوبات، المادتان المتعلقتان بـسَوْرة الغضب وإسقاط الحق الشخصي تحديداً، واللتان تسهمان إلى حد بعيد في تخفيف العقوبة عن الجناة. إذ تنص المادة (98) من قانون العقوبات على أنه يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محقّ وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه. فيما تنص المادة (99) من القانون ذاته على تخفيض العقوبة إلى النصف في حال إسقاط الحق الشخصي. بصراحة، لم يعد مجديا اليوم الحديث عن المجتمع ومحاولة إقناعه ببشاعة هذا النوع من الجرائم، لأن النتائج معروفة. وليبقَ الدور والمسؤولية على دولة القانون والمؤسسات؛ عبر تعديل التشريعات بحيث تتيح معاقبة المجرم في جرائم الشرف كقاتل؛ فلا سورة الغضب ولا إسقاط الحق الشخصي باتا أمرين ممكنين. مع ذلك، وللأسف، فإنه تبعا لقيم وعقلية ذكورية تحكم سيطرتها علينا، لا أظن أن الفرص مواتية لتعديل التشريعات. لاسيما أن تلك القيم والعقلية تؤمن بهما شريحة من النساء أيضاً تستسيغ الأمر وتؤمن به. ومن ثم، فإن علينا أن لا نعتمد على الذكور والإناث ذكوريات الثقافة والعقلية في تعديل التشريعات ذات الصلة. وإنما العمل مع الرجال الحقيقيين، والنساء المتحررات من عقدة دونية المرأة، لتعديل المواد التشريعية التي تميز ضد النساء حدّ قتلهن، ناهيك عن إهدار كل حقوقهن قبل ذلك.

مشاركة :