اختتمت قمة «عالم شاب واحد» فاعلياتها التي استمرت أربعة أيام في مقر الحكومة الكندية في مبنى البرلمان في العاصمة الاتحادية اوتاوا. وتعد هذه القمة حركة عالمية تقدم سنوياً كمنصة للرواد القادة من الشباب لمتابعة قضاياهم الملحة ومناقشتها ووضع الأسس لاستراتيجية مستقبلية شاملة. وكان رئيس وزراء كندا جوستيان ترودو افتتح القمة التي شارك فيها نحو 1300 شاب من حوالى 200 دولة مثنياً على دور الشباب ومطالباً إياهم بأن يكونوا» قادة اليوم ورجال المستقبل وسفراء معتمدين لدولهم في كل أقطار العالم». وخلصت الجلسات الى التوصية ببناء عالم شاب هدفه تجميع القادة بين 18 و29 سنة وتسهيل تواصلهم مع بعضهم بعضاً من أجل أن يأخذوا على عاتقهم «صناعة التغيير». وتمت خلال القمة مناقشة العديد من مشاكل الشباب في العالم عامة والعالم العربي بخاصة، في ما يعني تبادل الآراء وكيفية حلها وعرض مبادرات جديدة يمكن تطبيقها بعد عودتهم لبلادهم. وتولى «صندوق اوبك للتنمية الدولية» (اوفيد)، أحد أبرز الشركاء المؤسسين في القمة، رعاية 20 شاباً عربياً لهذا العام بعد تقديم طلبات ترشيحهم عبر الانترنت وباللغة الإنكليزية. وتم إعلان فوزهم في مباراة الاختيار حول «التزام التنمية المستدامة والقدرة على القيادة وحرية التعبير والعمل الجماعي»، ثم حصلوا بعد ذلك على منحة التفوق التي وفرت لهم مجاناً كلفة السفر الى اوتاوا والإقامة والطعام والنقل طيلة فترة القمة. ومثل هؤلاء الشباب الأردن والجزائر والمملكة العربية السعودية والصومال والعراق والمغرب وتونس وسورية وفلسطين وقطر ولبنان وليبيا ومصر. وأنجز الشباب العرب بعد انتهاء ورشة عمل شاقة وثيقة شاملة اعتبرها المسؤولون في القمة بمثابة «خريطة طريق لمستقبل عربي واعد». وتضمنت المحاور الرئيسية مكافحة الحركات المتطرفة، انطلاقاً من أن «الشباب هم مفتاح المواجهة مع التطرف» والجيل الأكثر قدرة ومصلحة لخلق مجتمع حقيقي متصالح مع بيئته وقادر من خلال تنظيم الأصوات المعتدلة على تحقيق الأمن والسلام والطمأنينة لجميع مكوناته. وتم في القمة عرض لتجربة بضعة شباب كانوا عانوا من انضمامهم الى حركات إسلامية ويسارية متطرفة اجتمعت على رغم تناقضها العقائدي على ممارسة العنف والتطرف في ما بينها أو في البيئات المناهضة لها. في هذا السياق، تحدثت الناشطة الشابة الليبية هاجر الشريف التي اختارها الأمين العام السابق للأمم المتحدة وأحد رعاة القمة، كوفي عنان، للعمل في الفريق المخصص لمكافحة التطرف والإرهاب، وقالت: «كنا نعاني من الديكتاتورية ولكن لم نكن عنيفين داخل المجتمع. واليوم ينظر الينا العالم على أننا عنيفون بالفطرة وكأن العنف يسري في دمنا أو في حمضنا النووي أو كأن جسمنا يحتوي على جين من العنف». وقالت «إننا كفريق من الشابات نركز على تمكين المرأة للقيام بدورها في مكافحة التطرف والعنف من خلال جمعية» معاً نبنيها». وتحدثت الشابة الأردنية لينا خلف المشاركة في القمة عن دورها في إقامة دورات توعية للمرأة ومشاركتها في البرلمانات العالمية للشباب ومناهضتها كل ما تتعرض له المرأة الأردنية من عنف زوجي وأسري وجنسي وتسلط النزعة الذكورية على مجمل حياتها العائلية والمهنية. وشغلت قضية المرأة حيزاً واسعاً من مناقشات القمة وفي إصرار واضح على متابعة النضال النسوي في شأن المساواة بين الجنسين ومواجهة تحدي الصورة النمطية التي لا تزال تعيشها المرأة في معظم المجتمعات العربية وعلى نطاق واسع في ميادين العمل والتعليم والخدمات. كما تضمنت خريطة المستقبل قراءات ونقاشات وحوارات مستفيضة حول ايجاد الحلول الناجعة لكثير من القضايا الحياتية والمعيشية والاجتماعية والاقتصادية والتعلمية والصحية من أبرزها مكافحة ثالوث الفقر والجهل والبطالة المستبد بشريحة كبيرة من الشباب من الجنسين، وحماية البيئة من التلوث والأضرار المنبعثة من طريق الكربون والغازات السامة وإمكان الحد من آثار التغيرات المناخية المدمرة للنمو الاقتصادي المستدام، ومدى الاستعانة بالتقنيات التكنولوجية المتقدمة، فضلاً عن إشراك الجيل الناشئ من الشباب في صناعة التغيير على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة، والدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات ومكافحة التمييز القائم على العرق والدين والجنس والثقافة، وتوفير التعليم الجيد والمجاني في كافة المراحل التعليمية، ووقف ارتفاع حالات الاكتئاب والاضطرابات النفسية والحد من ظاهرة الانتحار المتنامية في أوساط الشباب (حوالى مليون سنوياً).
مشاركة :