صادقت محكمة الاستئناف الجزائية على حكم بسجن مغرد سعودي ثماني سنوات بموجب المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية والباقية، لما ثبت في حقه من جرائم، ومنعه من السفر مدة مماثلة لسجنه وإيقاف حسابه في "تويتر" ومنعه من الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي تحت أي معرف كان. وأكد لـ "الاقتصادية" فهد بن عبدالله البكران المتحدث الرسمي لوزارة العدل أن هذا هو أول حكم تصادق عليه محكمة الاستئناف الجزائية من هذا النوع، مبيناً أن المحاكم الجزائية واللجان القضائية في وزارة الإعلام تنظر بشكل يومي وبكثرة في قضايا المغردين، وكذلك تنظر في قضايا تدخل تحت مظلة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لافتا إلى أنها بدأت تتنامى في الفترة الأخيرة. وأوضح أن قضايا المغردين والجرائم المعلوماتية التي لا يوجد بها قذف أو حق خاص تكون من اختصاص اللجان القضائية في وزارة الإعلام، وهي مسؤولة عن تطبيق نظام مخالفات النشر الإلكتروني، مضيفاً أن القضايا التي يكون فيها قذف في العرض أو حق خاص تنظرها المحاكم الجزائية، وحذر البكران من الاستخدام لمواقع التواصل الاجتماعي، منوها بضرورة تجنب إثارة الشائعات عبرها والفتن المضرة بالبلد. وبالعودة إلى الحكم المصادق عليه من محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة، بين أن الحكم صادر من المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة في الرياض, ويقضي بسجن المغرد السعودي ثماني سنوات، خمس منها بموجب المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية والباقية لما ثبت في حقه من جرائم، وتقرر أيضا منعه من السفر مدة مماثلة لسجنه وإيقاف حسابه في "تويتر" ومنعه من الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي تحت أي معرف كان. وأوضح البكران أن المدان ثبت لدى المحكمة تورطه بتحريض ذوي الموقوفين في قضايا أمنية على المظاهرات والاعتصامات من خلال إنتاج وتخزين وإرسال تغريدات ومقاطع فيديو لموقع "يوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماعي، واستمراره على هذا الفكر بعد إطلاق سراحه حيث كان موقوفاً في فترة سابقة، ناقضاً ما تعهد به لأجل إطلاق سراحه أثناء فترة إيقافه السابقة. وكشف أن المغرد أدين بسخريته من ولي الأمر والعلماء ومرافق القضاء وتشكيكه في نزاهته وانتقاده الجهات الأمنية لإيقافهم منظري المنهج التكفيري وتأييده الخروج للقتال في مواطن الفتنة دون إذن ولي الأمر. وأردف المتحدث الرسمي للعدل أن المتهم حاول الانتحار أثناء إيقافه المرة السابقة، كما حاول الهرب عند القبض عليه في المرة السابقة والأخيرة، وقام بصدم إحدى سيارات الفرقة القابضة ومقاومتهم ورميه جهاز هاتفه النقال لإخفاء حقيقة ما فيه. من جهته، قال لـ"الاقتصادية" المحامي وأستاذ القانون في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عمر الخولي إن التغريدات وإعادة التغريد المسيئة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيما يخالف الأنظمة ويسيء لأشخاص أو جهات أو الدولة كلها تنطوي تحت مظلة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، مضيفاً أن حجم العقوبات في النظام تسمح بمثل هذه العقوبات ويعطي النظام القاضي الحق في فرض عقوبة أكثر من ثماني سنوات، حيث تصل إلى عشر سنوات وغرامة مالية 500 ألف ريال حسب النظام. وتابع: "أعتقد أن الإعلان عن هذا الحكم أمر جيد لعله يولد أثرا رادعا في أنفس متلقيه، ومن شأن هذه الأحكام تعديل سلوك مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ويجعلهم يفكرون مرات قبل الإقدام على مثل هذه الجرائم المعلوماتية"، مشيراً إلى أن عامة الناس مطلوب منهم معرفة ما يترتب على تغريداتهم أو استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي، سواء احتوت على إساءة للدولة أو جهات حكومية أو أفراد آخرين. وأضاف الخولي أن طبيعة أغلب الجرائم المعلوماتية حال ارتكابها يكون الشخص منفردا بذاته مع جهازه وليس أمامه أشخاص، ويكتب بدون أن يتحرج ويرتكب الجريمة المعلوماتية، ولا يعتقد أن أحدا يراه أو يمكن من الوصول إليه وعنده إحساس أنه في مأمن ومطمئن لأنها مسألة نفسية، بينما لو كان في مجلس وحوله بضعة أشخاص لاحتاط كثيراً وتردد قبل أن يتحدث فيما هو مخالف أو يسيء لأحد. وأوضح أن العقوبات في النظام صارمة وشديدة جداً وسقفها الأعلى يحوي غرامات مالية عالية، وتشمل عقوباتها قيودا للحرية أو السجن والقاضي هو من يوائم في هذه الأحكام حسب ظروف كل متهم وكل قضية وتأثيرها ومدى إساءتها لشخص أو فئة أو جهة، وقال: "كنت أرى أن عقوبات النظام مبالغ فيها ومرتفعة جداً لكن بعد متابعتي هذه الأجواء بصورة جزئية أيقنت أن أحكام النظام تتلاءم مع طبيعة الجرائم المعلوماتية وأنه لا بد أن تكون صارمة وشديدة"، مشيراً إلى أن القضاة يتأنون كثيراً قبل إصدار الأحكام بشأنها. وأضاف أن الناس كانت تغض النظر عن الجرائم المعلوماتية في مواقع التواصل الاجتماعي وتكتفي بالرد أو التهديد أو الحسبلة، ومن ثم توكل أمرها إلى الله، لكن ظهور هذا النظام وإعلان الأحكام يجعل الناس تكون على علم وبينة ويثقفها بأنها تستطيع الأخذ بحقك بعد تقدمك بشكوى للجهات الرسمية، وأتوقع أنه ستبدأ مثل هذه القضايا في التزايد التدريجي.
مشاركة :