الرؤية السعودية 2030.. ضرورية وليست كافية «4»

  • 10/20/2016
  • 00:00
  • 38
  • 0
  • 0
news-picture

أيام قليلة وتكمل «الرؤية السعودية 2030» 180 يوما منذ إعلانها، أي أول نصف عام، أي انقضاء جزء من ثلاثين جزءا من الوقت المقرر لإنجاز الأهداف المعلنة للرؤية. سؤال: هل وثيقة الرؤية محفورة في الصخر، أي لا تتغير ولا تتبدل؟ هي قابلة للتحسين والتطوير، فكلما تقدم بنا تنفيذ الرؤية، تحسن فهمنا للواقع وللعوائق وللمكاسب، بل وحتى لكيفية استخراج أفضل الجهود والمواهب والموارد لتنفيذ الرؤية، لكن ذلك يتطلب فهماً على أكثر من صعيد؛ فعرض الحقائق للمواطن والوافد وللمستثمرين داخلياً وخارجياً أمر ضروري؛ فهؤلاء هم شركاء وأصحاب صلة ومصلحة، وهم أول من سيتأثر- سلباً أو إيجاباً- بتداعيات «الرؤية 2030». وعليه، سيؤدي استيعابهم لتلك التداعيات إلى الاستعداد والتأهب للمساهمة بفاعلية. ولابد من بيان، أن «الفراغ» في البيانات والمعلومات سيُملأ بطريقة أو بأخرى؛ فإن لم تتوافر بيانات تفصيلية موثقة، أو تعرض بما يجعلها في متناول سواد الناس، فسيكون البديل ركونهم للانطباعات وتلقطهم لكل شاردة وواردة. والركون للانطباعات والاشاعات أمر فيه مخاطرة بليغة، سواء أكان مغرقاً في التفاؤل والتسطيح، أم في التشاؤم واستجلاب العوائق، وهكذا فلا بد من الاستعاضة عن كل ذلك بالعرض الموضوعي للحقائق؛ فإنجاز الطموحات الكبيرة لا يتحقق بتكرار الحديث عنها كثيراً، بل بتنفيذها سريعاً واستقطاب شركاء النجاح وعوامله الحرجة. وثمة ضلع ثالث (إضافة لدعم الشرائح منخفضة ومحدودة الدخل، وإلى بيان الحقائق للمواطن والوافد وللمستثمر) فهو انتهاج الشفافية والمحاسبة ومكافحة الفساد بما يرقى للطموحات الضخمة والروح العالية التي استحضرتها وثيقة «الرؤية 2030» عندما قالت: «سنخفف الإجراءات البيروقراطية الطويلة، وسنوسع دائرة الخدمات الالكترونية، وسنعتمد الشفافية والمحاسبة الفورية، حيث أنشئ مركز يقيس أداء الجهات الحكومية ويساعد في مساءلتها عن أي تقصير. سنكون شفافين وصريحين عند الإخفاق والنجاح، وسنتقبل كل الآراء، ونستمع إلى جميع الأفكار». وأخذاً بالاعتبار ما سبقونا في اعداد وتنفيذ الخطط طويلة المدى، فيمكن استخلاص عدد من عوامل نجاح حرجة للرؤية: 1. التزام وطني بالرؤية (الحكومة- المواطن- القطاع الخاص)، 2. التوافق حول الأولويات، 3. امتلاك القدرة لمتابعة وتقييم الأداء، 4. تعزيز مكانة الاقتصاد الوطني عالمياً، 5. تكامل السياسات القطاعية، 6. مأسسة التنسيق بين الجاد والفعال بين الحكومة وبقية العلاقة وكما سبقت الإشارة، فوثيقة الرؤية ليست محفورة في الصخر، ومع ذلك فلا بد لها من أن تعد إعداداً يقوم على أسس، فإعداد الرؤية والخطة طويلة المدى عملية لا تنتهي، إذ تشمل جملة عناصر: 1. الوضع الراهن، 2. التحديات والتهديدات، 3. السيناريوهات المحتملة مستقبلاً، 4. الأطر الزمنية ومعايير الأداء، 5. تحديد الأهداف والمهام والوسائل، 6. خطط التنمية القطاعية والمناطقية، 7. إعادة الكَرّة (مراجعة سنوية). أحياناً ننسى، ونظن أن «الرؤية السعودية 2030» ليست بحاجة لموارد لكي تنفذ وتمول. هذه النقطة بالذات، وهي توفير تمويل مستقر على المدى الطويل لتوفير الإيرادات الضرورية لتنفيذ الرؤية، هو أحد الدوافع لإطلاق صندوق سيادي. في فترة ما كَثُر الحديث عن أن يكون لنا صندوقٌ سيادي، كالكويت وأبو ظبي والنرويج وسواها. فهل تمتلك المملكة صندوقاً سيادياً؟ احتياطيات المملكة تمثل صندوقاً سيادياً، من حيث التعريف الفني للكلمة. لكن المقصود بالصندوق السيادي الذي أعلن عنه، صندوق سيادي استثماري، يملك الأموال السائلة للاستحواذ على شركات أو أجزاء من شركات، عبر آلية «الملكية الخاصة»، بما يساعد على تنمية قيمة الاستثمار وعوائده، ويوزع المخاطر على عدة قطاعات وأنشطة وفي أنحاء جغرافية متعددة. لماذا صندوق سيادي الآن؟ الرؤية والبرامج التابعة لها، ومنها برنامج التحول الوطني، لابد لها من تواصل التمويل دونما انقطاع، حتى لا يتعطل الإنجاز، إذ تجدر الإشارة الى أن تحقيق الرؤية –أي رؤية لبلدٍ- يستند على: واقعيتها، وقدرة البلد على تحقيقها، وتوافر الموارد. الصندوق السيادي هو الوسيلة التي ستوفر التمويل اللازم للإنفاق على التنفيذ دونما انقطاع. وتجدر الإشارة الى أن كل الدول التي تمتلك صناديق سيادية استثمارية لديها رؤى وخطط طويلة المدى. الرؤية 2030 رؤيتنا لبلادنا التي نريدها، دولة قوية مزدهرة تتسع للجميع، دستورها الإسلام ومنهجها الوسطية، تتقبل الآخر. سنرحب بالكفاءات من كل مكان، وسيلقى كل احترام من جاء ليشاركنا النجاح. مرتكزات الرؤية: 1. العمق العربي والإسلامي، 2. القوة الاستثمارية، 3. أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي. محاور الرؤية: 1. المجتمع الحيوي، 2. الاقتصاد المزدهر، 3. الوطن الطموح. من أهداف الرؤية العمرة: من 8 ملايين إلى 30 مليونا. تصنيف 3 مدن سعودية ضمن أفضل 100 مدينة في العالم. الارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي إلى المرتبة 26. خفض البطالة من 11.6 بالمائة إلى 7 بالمائة. رفع نسبة مشاركة المرأة من 22 بالمائة إلى 30 بالمائة. رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 22 بالمائة إلى 30 بالمائة. انتقال حجم الاقتصاد من المرتبة 19 إلى المرتبة 15. رفع نسبة المحتوى المحلي (للنفط والغاز) من 40 بالمائة إلى 75 بالمائة. رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة 600 مليار إلى فوق 7 تريليونات ريال. الانتقال من المركز 25 في مؤشر التنافسية إلى أحد المراكز العشرة الأولى. رفع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر من 3.8 بالمائة إلى 5.7 بالمائة. رفع مساهمة القطاع الخاص من 40 بالمائة إلى 65 بالمائة. رفع الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من الناتج المحلي غير النفطي. زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار إلى تريليون ريال سنوياً. رفع مساهمة القطاع غير الربحي من 1 بالمائة إلى 5 بالمائة. رفع نسبة الادخار الأسري من 6 بالمائة إلى 10 بالمائة. لكن كيف من المتوقع أن يكون العالم؟ لمحة عن التوقعات لاقتصاد العالم في العام 2030 سعر برميل النفط يتجاوز 100 دولار للبرميل. تواصل واردات الولايات المتحدة من الطاقة في التراجع. سكان الكرة الأرضية سيصلون للحد الأعلى ويبدأ التعداد في التراجع. طفرة الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبدأ في الانحسار. العالم سيكون أكثر ثراء. أكثر من نصف الاقتصاد العالمي تنتجه الصين والهند على التوالي. منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين الأقل نمواً اقتصادياً. ما محركات نمو الاقتصاد في الاقتصادات المتقدمة؟ خمسة عناصر: 1. النمو السكاني ورأس المال البشري، 2. رأس المال وأسواقه، 3. العولمة والتجارة، 4. التقنية والابتكار والنمو في الإنتاجية، 5. الموارد الطبيعية. ما محركات النمو في السعودية حاليا؟ اثنان: 1. الموارد الطبيعية، 2. النمو السكاني. ما ترمي اليه «رؤية 2030» هو إثراء وزيادة محركات النمو لتصبح: 1. النمو السكاني ورأس المال البشري، 2. العمرة (المرتكز الأول للرؤية)، 3. رأس المال وأسواقه (المرتكز الثاني للرؤية)، 4. العولمة والتجارة (المرتكز الثالث للرؤية)، 5. التقنية والابتكار والنمو في الإنتاجية، 6. الموارد الطبيعية. إذاً، سيصبح اقتصادنا متعدد محركات النمو. هذا ما تسعى إليه الرؤية للخروج من شرنقة النفط! ما الذي يعنيه هذا لاقتصادنا السعودي؟ سؤال ستسعى المقالة التالية لإجابته.

مشاركة :