< أصبح تطوير التعليم في المملكة ضرورة للتقدم والتنمية والنهوض، ويعود ذلك للمجتمع ككل من دون أحد معين. والتعليم هو قضية ومطلب الجميع، يقع في أولويات التنمية، ويعتبر الأداة الأساسية لاستثمار الموارد البشرية التي تمثل العنصر المهم للتقدم، سواءً الاقتصادي أم الاجتماعي أم الثقافي. إذا كان هناك هدف للوصول إلى التطوير التعليمي المراد تحقيقه مستقبلاً في المملكة لا بد من ضمان التفوق العلمي، وتزويد الطالب بالمهارات اللازمة التي تؤهله لذلك، ولمقابلة هذه التحديات لا بد من تكثيف الجهود لتحسين نوعية التعليم، وستستوعب بذلك المؤسسات التعليمية لمواكبة النمو السكاني الذي يزداد بشكل كبير. استشراف مستقبل التعليم مهم لتحسين التعليم بشكل كبير، على أن أهمية استشراف المستقبل من المفترض أن تصبح لدى النظام التعليمي في المملكة أكبر، لأن المملكة فيها نمو سكاني ولديها اقتصاد قوي وتوجه اقتصادي أقوى، ولا بد أن تكون الرؤية التعليمية المستقبلية واضحة ومناسبة، وتطوّر فعلاً للجيل المقبل بشكل مناسب ويؤثر ذلك إيجاباً في جميع الاتجاهات التنموية المرجوة. عام 1950 سأل أكاديمي في جامعة هارفارد الأميركية 100 طالب عن ماذا تريد مستقبلاً؟ كانت الإجابات 10 في المئة حددوا أهدافاً وكتبوها وفصلوا طرق الوصول إليها، الـ 10 في المئة ثروتهم تعادل 96 في المئة من ثروة البقية. هذه قصة تحكي لنا حال أشخاص معدودين رسموا خططاً وأهدافاً مستقبلية، وفصلوها بناءً على أهداف ورؤى، وظهروا بنتيجة تفوق بكثير أشخاص لم ينظروا حتى ليوم الغد، ولم يرسموا خطة ولا هدفاً ليصلوا إلى تقدم يصبون إليه. وهذا مثال لكن كيف لو كان تعليمنا رسم خططاً وأهدافاً ورؤى مستقبلية وتنبأ بالمستقبل، وكذلك حاول الاستفادة من الماضي الطويل، حينها سيظهر التعليم بصورة أجمل وفي تطور دائم وطريق معبد للتنمية والتقدم المزدهر الذي يؤثر إيجاباً في مستقبل البلد ككل وفي أفراده ومجتمعه، لأن التعليم هو أساس التنمية والتقدم والازدهار للشعوب. وثيقة التعليم التي وضعت قبل سنوات طويلة لم تؤخذ في الاعتبار في بعض بنودها الرؤى المستقبلية للتعليم، فبعض بنودها صدمت الواقع، إذ تطور التعليم وهي ما زالت تلامس الماضي ولم تتقدم مع المستقبل. المستقبل يتم بناؤه على التفكير بالماضي والحاضر سوياً، والنظرة كذلك للمستقبل، ومن المهم الاستفادة من تجارب الماضي ونتائج حاضرنا التعليمي، وأن ننظر ونتطلع إلى مستقبل تعليمنا الذي يمثل الأساس لدينا. الاهتمام بالمستقبل من الضروريات التي تحتاج إلى عناية، ولا بد أن نحدد ماذا نريد أن يكون مستقبلنا التعليمي، والمستقبل من الغيبيات التي لا نعلمها، لكن لا يمنع من التنبؤ بالمستقبل وبناء على تجارب الماضي ومعطيات الحاضر، نستطيع أن نحدد أهدافاً لنصل إليها حتى وإن كانت لا تحيط الجوانب، على الأقل لو بعض منها يتحقق على أكمل وجه. ولدرس هذا المستقبل واستشرافه يتطلب منا بحث شامل وتطوير لمناهجنا التعليمية كافة، وكذلك فرق بحثية لكثير من التخصصات لتكون أعم وأشمل وأصحاب خبرات كافية. واستشراف التعليم لا بد أن يكون في تطوير التعليم بشكل عام والمناهج لها أهمية بالغة. فالتعليم في المملكة متاحة له السبل والوسائل والطرق كافة ليكون أفضل وأقوى وبشكل يتناسب مع العصر، لأن المملكة من الدول الغنية التي تمتلك قوة اقتصادية متينة، وتنفق من الموازنة السنوية جزءاً كبيراً للتعليم وهو الأكبر في الموازنة السعودية لكل عام، ومخصصات التعليم لدينا تفوق موازنات دول لديها التعليم أفضل من تعليمنا وهذا مما يؤسف. قيادتنا الرشيدة حكيمة اهتمت بالتعليم منذ بداياته وأنفقت المبالغ الكبيرة والدعم من كل الاتجاهات للتعليم، وعلى سبيل المثال أنفقت الدولة تسعة بليونات ريال لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام في 1428هـ، هذا التمويل والدعم الضخم جداً قد ينهض بدول وليس دولة فحسب، بل ينهض وينمي أمماً. وأخيراً لا بد أن نعي وأن نكون مدركين أن مستقبلنا التعليمي لن يكون مثل حاضرنا، فسيكون هناك واقع مغاير لكل الاتجاهات والمجالات والأساليب في البيئة التعليمية. * طالب دراسات عليا.
مشاركة :