سمك لبن تمر هندي

  • 3/10/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: ضيوف برامج الحوارات في الفضائيات العربية دائمون، بل إن كثراً منهم يمكن مشاهدتهم على شاشات أكثر من قناة فضائية في اليوم الواحد ويتحدثون في موضوعات مختلفة. القائمون على هذه البرامج يبدون كمن يعمل بالمثل الشعبي «اللي بتعرفه أحسن من اللي ما بتعرفه». ذلك يعني الطمأنينة سلفاً لآراء الضيف ومواقفه بدلاً من انتظار قلق يمكن أن يتسبب به ضيف «طارىء» لا يعرف معد البرنامج ومقدمه ماذا سيقول. لا نتناول هنا برامج الحوارات السياسية وحسب، بل أيضاً الأنواع الأخرى، فكما دأبت المهرجانات والمنتديات الأدبية والثقافية العربية على توجيه دعواتها الى قائمة شبه موحّدة من الكتّاب والشعراء العرب، ها هي القنوات الفضائية «تستفيد» هي الأخرى من هذا التقليد الذي بات راسخاً منذ عقود طويلة الى حد دفع المبدع الراحل الطيب صالح للتساؤل بسخرية ذات مرة: إذا كانوا يحضرون كل هذه المهرجانات والمنتديات فهل يدلني أحد متى يكتبون؟ المشاركة في البرامج التلفزيونية باتت أقرب إلى مهنة يحترفها بعضهم باعتبارها تصنع النجومية ناهيك بالطبع عن أنها تحقق فوائد مالية، من دون أن يفطن هؤلاء المحترفون الى حقيقة أن التكرار يجلب ملل المشاهد وعزوفه عن المتابعة مثلما يوقع «النجم» إياه في ارتباكات لا تحصى سببها الأول والأهم الغوص في جدالات حول موضوعات لا يعرفها أو لنقل أنه لا يعرفها جيداً. المسؤولية هنا تقع على كاهل القناة ومعدي برامجها إذ هم من «يختار» ومن يتحمل وزر استضافة من هم ليسوا على دراية كافية بالقضايا والموضوعات التي يتنطحون لها، ولا ينفع في حالة كهذه أن تمنحهم هذه القناة الفضائية أو تلك لقب «دكتور» مع معرفة أنه لا يحمل تلك الشهادة إعتقاداً من معدي البرنامج بأن اللقب لا بد أن يضفي على الضيف مهابة، ما ستنعكس في تقديرهم على البرنامج وتساهم في تحفيز المشاهدين على متابعته باعتبار ضيفه من المتخصصين والذين يمكن الوثوق بآرائهم باعتبارها آراء علمية وموضوعية. في مصر يقولون في حالات كهذه «سمك لبن تمر هندي» حين تجتمع النقائض في سياق واحد لا يستطيع أحد مهما بلغت براعته أن يمزجها لتحقيق التوافق بين مكوناتها.

مشاركة :